- **خطاب الكراهية وحملات التضليل:** رصد المركز 3325 انتهاكاً على شكل محتوى عنيف ضد الفلسطينيين، معظمها على فيسبوك وإكس. وثق التقرير ثمانية ملايين حالة خطاب كراهية بالعبرية، وفشل الشركات في حماية الحقوق الرقمية للفلسطينيين.
- **استخدام الذكاء الاصطناعي في الحرب:** أشار التقرير إلى استخدام الاحتلال للذكاء الاصطناعي في اختيار الأهداف، مما أدى إلى مقتل مدنيين. وأدان تواطؤ شركات التكنولوجيا مثل غوغل وأمازون في دعم تقنيات الاحتلال العسكرية.
بعد مرور قرابة عامٍ كامل على بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، أصدر مركز حملة الفلسطيني، الاثنين، تقريراً يوثّق لجوء الاحتلال لاستخدام الذكاء الاصطناعي في انتهاك الحقوق الرقمية للفلسطينيين واستهدافهم، مع التركيز على الدور البارز الذي تلعبه شركات التكنولوجيا في تسهيل الرقابة وحجب المعلومات لصالح الاحتلال.
وبيّن التقرير الذي جاء بعنوان "الحقوق الرقميّة الفلسطينيّة، الإبادة الجماعيّة، ومسؤوليّة شركات التكنولوجيا الكبرى"، الأهمية الكبيرة للدفاع عن الحقوق الرقمية في سياق حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، خاصةً مع الدور الكبير للمنصات الاجتماعية في توثيق الانتهاكات وتبادل المعلومات.
الرقابة
أشار "حملة" إلى أنّ سياسات الإشراف التمييزية على المحتوى التي اتبعتها منصات التواصل الاجتماعي الكبرى منذ بدء العدوان على غزة، فرضت رقابة ممنهجة على الصوت الفلسطيني والمحتوى المتعلق بالقضية الفلسطينية، وهو ما تجلى في القيود غير المسبوقة التي واجهها الصحافيون وصانعو المحتوى الفلسطينيون على وسائل التواصل الاجتماعي.
ووثق المركز أكثر من 1350 حالة رقابة على الإنترنت عبر منصات التواصل الرئيسية، بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 1 يوليو/تموز 2024. تنوعت هذه الانتهاكات بين تعليق الحساب وإزالة للمحتوى وفرض القيود على الحسابات وانخفاض الانتشار. وتصدّرت منصتا شركة ميتا، فيسبوك وإنستغرام، قائمة المخالفين، تلتهما "تيك توك" و"إكس" و"يوتيوب". مع العلم أنّ قائمة المتضررين من الرقابة شملت أكثر من 150 وسيلة إعلامية.
ولفت التقرير إلى أنّ الرقابة غير المتناسبة والمتعمدة التي فرضتها شركات مثل "ميتا" على أصوات الصحافيين والناشطين الحقوقيين عبر منصات التواصل الاجتماعي، لا تقيّد حرية التعبير فقط، بل تعطل كذلك الوصول إلى المعلومات. كما ذكر بتقرير سابق أنّ "حملة" وثّقت اتخاذ "ميتا" تدابير صارمة ضدّ المحتوى الفلسطيني، واعتمادها معايير منحازة مقارنةً بطرق إشرافها على المحتوى العبري.
كذلك، نبه إلى أنّ طلبات الحكومة الإسرائيلية بإزالة المحتوى تعد من العوامل الأساسية التي تساهم في تعميق الرقابة، ولفت إلى أنّ وحدة السايبر الإسرائيلية أصدرت بين 7 أكتوبر و14 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2023، 9500 طلب لإزالة منشورات عن منصات التواصل الاجتماعي. وبيّن أنّ 60% من هذه الطلبات أرسلت إلى "ميتا" التي امتثلت لها في 94% من الحالات.
خطاب كراهية وحملات تضليل
رصد مركز حملة شكلاً آخر من أشكال انتهاك الحقوق الرقمية يتمثل في انتشار خطاب الكراهية والتحريض ضدّ الفلسطينيين. ووثّق المركز بين 7 أكتوبر و1 يوليو الماضيين 3325 انتهاكاً على شكل محتوى عنيف عبر المنصات الاجتماعية.
وجاءت معظم هذه الانتهاكات على "فيسبوك" (1366 حالة)، تبعه "إكس" (1297 حالة)، وتوزعت بقيتها بشكل أساسي على "إنستغرام" و"تليغرام". وتنوعت الانتهاكات، فجاء 73% منها في خانة التحريض، وتوزّع الباقي بين خطاب الكراهية وحملات التشهير.
كذلك، كشف التقرير عن توثيق ثمانية ملايين حالة باللغة العبرية مصنفة بواسطة نموذجها الخاص للذكاء الاصطناعي على أنها تعبّر عن خطاب عنف وكراهية. وقعت 76.5% من هذه الحالات على منصة إكس، تبعها "فيسبوك" بنسبة 21.6%، وحل "تليغرام" في المرتبة الثالثة بنسبة 1.9%.
وأشار "حملة" إلى أنّ شركات التواصل الاجتماعي الكبرى فشلت على نحو متكرر في حماية الحقوق الرقمية للفلسطينيين، من خلال عدم اتخاذ إجراءات مناسبة لمواجهة خطاب الكراهية ضدهم. كما أنّها سمحت بانتشار حملات التضليل حول الشعب الفلسطيني، منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، وذلك لتبرير العقاب الجماعي بحقهم.
كما، بين تحقيق عدد من المنصات أرباحاً من الإعلانات التحريضية ضد الفلسطينيين، خاصةً منصة فيسبوك، التي سمحت بنشر دعايات تحرّض على اغتيال أفراد بعينهم أو تشجع على طرد سكان الضفة الغربية إلى الأردن. عدا عن استخدام الحكومة الإسرائيلية منصة يوتيوب لبثّ إعلانات تروّج فيها لروايتها الخاصة بالحرب وتحرض عبرها ضد الفلسطينيين.
الذكاء الاصطناعي في الحرب
ذكّر التقرير باستخدام الاحتلال عدداً من البرامج والأدوات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لاختيار وتوليد أهداف، مثل "لافندر" و"هبسورا"، فيما استعمل برنامج "أين أبي؟" لتتبع مساكن عائلات المستهدفين بشكل خاص. وبحسب تقارير الأمم المتحدة فقد لعبت هذه البرامج دوراً مهماً في الأعداد المرعبة للشهداء الفلسطينيين في الأسابيع الستة الأولى من الحرب، حيث قتل 14800 فلسطيني، من بينهم ستة آلاف طفل وأربعة آلاف امرأة.
كذلك، تطرّق التقرير إلى استعمال الاحتلال تقنيات تجسس وتعرف على الوجه على السكان الفلسطينيين في قطاع غزة، من دون الحصول على موافقتهم، بهدف إنشاء قاعدة بيانات ضخمة. وأثبتت تقارير صحافية مختلفة أنّ هذه الأدوات عدا عن انتهاكها للخصوصية والحق في الحركة، أعطت في مرات عديدة نتائج غير دقيقة، أدّت في النهاية إلى مقتل مدنيين لا علاقة لهم بالعمل المسلح.
ورأى أنّ التقنيات الإسرائيلية تُحوّل الفلسطينيين إلى مجرد بيانات بعد تجريدهم من إنسانيتهم، وهو الأمر الذي أدى إلى "أتمتة عمليات القتل في القطاع"، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
وأدان "حملة" استخدام الاحتلال طائرات مسيرة مزودة ببنادق رشاشة أو صواريخ، تتبع الأفراد وتحدّد هوياتهم، وتقصفهم، مما يمثل "تصعيداً مخيفاً في أتمتة القتل". ووفقاً للتقرير، فإنه عدا عن أذاها الجسدي وتوثيق استخدامها في استهداف المدنيين، تلعب هذه الطائرات المسيرات دوراً بارزاً في الحرب النفسية، وتخلق جواً من الخوف الدائم وانعدام الأمن بين السكان في غزة.
شركات التكنولوجيا شريكة في انتهاكات الحقوق الرقمية
توفر شركات مثل غوغل وأمازون خدمات دعم الحوسبة السحابية لجيش الاحتلال، مما يسهل عليه تشغيل تقنياته العسكرية القائمة على البيانات الكبيرة والتي تشكل جزءاً أساسياً في أنظمة الذكاء الاصطناعي والرقابة. وهو ما يسلط الضوء على تواطؤ شركات التكنولوجيا في انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الاحتلال.
وتتعاون الشركتان مع جيش الاحتلال في مشروع نيمبوس الذي يلعب دوراً مهماً في توفير بنية تحتية لتخزين البيانات والتعلم الآلي وتطوير الذكاء الاصطناعي. كما تزود "أمازون" مديرية المخابرات في الجيش الإسرائيلي بمزرعة خوادم لتخزين بيانات استخبارية تجمعها عن الفلسطينيين في غزة. ولعبت هذه البيانات دوراً مهماً في عملية القتل في غزة، وأدّت إلى سقوط العديد من المدنيين الفلسطينيين.
وفيما تتعاون "غوغل" و"أمازون" رسمياً مع الاحتلال، بيّن تقرير "حملة" أن منصات شركة ميتا عموماً، وتطبيق واتساب خصوصاً، تعاني نقاط ضعف عديدة يمكن للحكومة الإسرائيلية استغلالها. أبرزها إمكانية تحليل حركة المرور، مما يسمح بتحديد المستخدمين الذين يتواصلون والمجموعات التي يشاركون فيها، وربما أماكن وجودهم.
قطع الاتصالات
نبّه "حملة" إلى اعتماد جيش الاحتلال على قطع الإنترنت والاتصالات اللاسلكية أداةَ حرب غير قانونية في قطاع غزة، خاصةً أنّه يعرقل حياة السكان ويؤدي إلى زيادة عزلتهم في ظل الحرب، إضافةً إلى تعطيل إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الفرق الطبية وفرق الإنقاذ.
وأشار التقرير إلى رصد ما لا يقل عن 15 حالة انقطاع في الاتصالات السلكية واللاسلكية داخل قطاع غزة، خلال الأشهر الماضية لحرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع.
ولفت إلى أنّ الاحتلال منع على مدار العقود الماضية عن عمد تطوير بنية تحتية مستدامة للاتصالات في فلسطين، وفرض قيوداً على دخول تقنيات أساسية لتشغيلها في غزة. واعتبر أن الأسباب تعود إلى ضمان إبقاء الفلسطينيين في حالة من العزلة، وتعطيل إمكانية توثيق الانتهاكات التي يرتكبها جيش الاحتلال في غزة، وكذلك تغليب السردية الإسرائيلية في الإعلام.
ودعا التقرير إلى إنهاء الحرب فوراً من أجل "ضمان إحراز تقدم في حماية حقوق الإنسان، وكذلك الحقوق الرقمية في المنطقة". كما دعا إلى تعاون بين القطاعات المختلفة لوضع حد لسياسة التمييز المنهجية بحق الفلسطينيين والمدافعين عنهم عبر الإنترنت.
وطالب شركات التكنولوجيا بتبسيط عملية معالجة الانتهاكات الرقمية، واستثمار مزيد من الموارد لمنع وقوع الضرر على المستخدمين. والتواصل الفعال والدائم مع المجتمع المدني الفلسطيني. كما دعاها إلى منح المستخدمين فرصة للرد على عمليات إزالة المحتوى، وحماية خصوصية البيانات وعدم استخدامها ضد الأفراد.