مركب خوفو... من الهرم الأكبر إلى المتحف الكبير

22 اغسطس 2021
المركبة اكتشفها العالم المصري كمال الملاخ سنة 1954 (Getty)
+ الخط -

في موكب كبير، انتقل مركب خوفو من موقعه الأصلي بجوار الهرم الأكبر إلى موقعه الجديد داخل المتحف الكبير في السابع من أغسطس/ آب الجاري، وهو أحد مراكب الشمس الفرعونية والذي عثر عليه إلى جوار هرم خوفو، ويعد أكبر وأقدم قطعة مصنوعة من الخشب في تاريخ البشرية. وقد أعلن أن الهدف من عملية النقل هو الحفاظ على سلامة مركب الشمس الأثري، إضافة إلى عرضه بطريقة لائقة تناسب قيمته التاريخية. تعد عملية نقل المركب سابقة بالغة الأهمية، لأنها تمثل نقل أكبر أثر عضوي في التاريخ كقطعة واحدة من دون تفكيك. وقد قطع الموكب رحلته إلى بيته الجديد مسافة بلغت 7.5 كيلومترات، حيث وضع داخل هيكل معدني تم تثبيته أعلى عربة ذكية تم إحضارها من بلجيكا.

تاريخ المراكب
يعود تاريخ مراكب الشمس إلى حوالي 4500 سنة مضت، حيث حفظها الفراعنة في عدد من الحُفَر إلى جوار الأهرامات، اثنتان منها كانتا بجوار القاعدة الجنوبية لهرم الملك خوفو، وهي مراكب مصنوعة من خشب الأرز الذي نقل إلى مصر من لبنان، وهذه المراكب منحوتة بإتقان شديد. أما هذه المركبة بالتحديد، فقد اكتشفها العالم المصري كمال الملاخ سنة 1954، ثمّ توالى اكتشاف المراكب بعد ذلك. ويتوقع العلماء أن لهذه المراكب قيمة روحية كبرى في الثقافة الفرعونية، فهي مراكب جنائزية رمزية، يطلق عليها أيضاً "سفن الآلهة"، إذ أنشأها الفراعنة من أجل رحلة استعادة الحياة من الأماكن المقدسة. 

يعود تاريخ مراكب الشمس إلى حوالي 4500 سنة، إذ حفظها الفراعنة في عدد من الحُفَر إلى جوار الأهرامات، وهي مصنوعة من خشب الأرز الذي نقل إلى مصر من لبنان

ويُعتقد أن هذه المراكب لم تنزل إلى الماء من قبل، فهناك آثار وبقايا لأخشاب في موقع الهرم تدل على أن مركب الشمس قد صُنع في ذلك الموقع، ثم أغلقت الحُفر عليها، وهي حُفَر موازية للهرم من ناحية الجنوب وتبعد عنه 17 متراً. يبلغ طولها 31 متراً وعمقها حوالي 5 أمتار. وهناك اختلاف حول صاحب تلك المراكب، وإن كان أقدمها يعود إلى الملك خوفو أو إلى الملك خفرع. في محيط الهرم الأكبر، عُثر على 7 حُفَر تحوي بعضها مراكب. خمسة منها ملحقة بهرم خوفو، وقد كانت حفرتا مراكب الشمس جنوب هرم خوفو في حالة جيدة ومغلقتين. ثم أعيد ترميم المركب الأول وتركيبه بواسطة خبراء مصريين في عملية معقدة استغرقت حوالي 10 سنوات. وبلغ طول المركب 42 متراً، وعرضه حوالي 5 أمتار. ويتكون المركب من "عشة" وخمسة أزواج من المجاديف واثنين من زعانف التوجيه وسقالة للرسو على الشاطئ. وهذا المركب ظل معروضاً للزوار منذ 1982 في متحف الشمس بجوار الهرم الأكبر.

أما الحفرة الثانية فقد فحصت في عام 1987، عبر كاميرات صغيرة، أظهرت أجزاء خشبية مفككة. وقد رجح عالم الآثار الألماني هاس أن تلك الأجزاء تعود لمركب شراعي، وهو ما ثبت لاحقاً. وبعد سنوات من التجهيزات بدأت في سنة 2009، أعلنت وزارة الآثار المصرية عام 2013 أنها أخرجت أول قطعة خشبية من "مركب الشمس" الثاني إلى النور، منذ أن حفظها الفراعنة داخل حفرة بجوار هرم خوفو، ثم بدأت رحلة الترميم والتركيب بواسطة خبراء يابانيين بمشاركة أثريين مصريين.

عملية معقدة 
عملية النقل، وفقاً للمسؤولين، كانت أشبه بعملية جراحية معقدة استخدمت فيها عربة ذكية يتم التحكم فيها عن بعد، وتتوافر فيها أعلى معايير الأمان والسلامة. استطاعت العربة مواجهة مشاكل الطرق من الانحناءات والارتفاعات والانخفاضات، لأنها مصممة بطريقة تجعل سطحها دائماً في وضع أفقي للمحافظة على ثبات المركب. كما أن كل عجلة من عجلات العربة الذكية تتحرك بشكل منفصل عن الأخرى حتى لا تنقل الاهتزازات للمركب. وقبيل عملية النقل، تم عمل مسح راداري للأرض الصخرية تحت مبنى المتحف القديم بمنطقة آثار الهرم للتأكد من قدرتها على تحمل الأوزان والممرات والشدادات المعدنية التي تمت إقامتها لتأهيل المبنى والمركب لعملية النقل. يذكر أنه عُثر على مجموعة أخرى من مراكب شمس وحفر لمراكب الشمس للعديد من الملوك الفراعنة في مواقع أثرية مختلفة في مصر، بينها في منطقة أبو غراب وأبو صير وأبو روّاش وأبيدوس ودهشور وغيرها. 

المساهمون