محمد منير... عبور متعثّر من "باب الجمال"

15 يناير 2021
+ الخط -

في آخر أيام العام الماضي، طرح محمد منير أولى أغاني ألبومه الجديد، وهي أغنية "باب الجمال"، من كلمات أحمد حسن راؤول، ألحان سامر أبو طالب، وتوزيع عمر إسماعيل. جاءت الأغنية بعد حملة إعلانية ضخمة لإحدى شركات الاتصالات التي ترعى الألبوم الجديد، وبعد مقابلة وجلسة تصوير "نوستالجية" لصالح مجلة GQ بنسختها الخاصة بالشرق الأوسط التي اختارته "رجل عام 2020" .

كذلك صدر العمل الجديد بعد أيام قليلة من تعرّض "الكينغ" لوعكة صحية، قال إن سببها الإجهاد الكبير في التحضير للألبوم.

الانطباع الأوّل عند الاستماع إلى "باب الجمال" يوحي بأنها مقطع إضافي غير منشور من أغنية "يونس"، أشهر أغاني ألبوم "طعم البيوت"، الصادر عام 2008. وهو آخر الألبومات التي أصدرها منير وحاول خلالها تقديم تجربة موسيقية جديدة، خارج منطقة الراحة التي لجأ إليها أغلب المغنين في تلك الفترة، من خلال خلطة موسيقية مضمونة النجاح. 

قدّم منير في "طعم البيوت" مجموعة من الأغاني، التجارية أولاً وأخيراً، لكن المختلفة. وبدا مجهود الكتابة والتلحين والتوزيع واضحاً.

نعود إلى "باب الجمال" التي تشابهت مع "يونس" بسرعتها ولحنها وتوزيعها، لكن بجودة مختلفة تماماً. ففي إصداره الأخير نلمس تراجعاً كبيراً في أداء منير وطاقته وقوة صوته. رغم ذلك لم يظهر هذا الضعف بشكل واضح، وذلك بسبب إيقاعها، وهو "مقسوم سريع"، لا يمنح المغني مساحة كبيرة لاستعراض قوة الصوت. وقد احتل المساحة الأكبر من صوت الأغنية الغيتار والإيقاعات، في توزيع مشابه لكل ما نسمعه في السوق الغنائية المصرية حالياً من عمرو دياب إلى محمد حماقي.

لم تكن "باب الجمال" إذاً بجودة "يونس" نفسها، لكنّ الأكيد أنها أفضل من ثانية أغاني الألبوم التي صدرت قبل أيام قليلة، وهي "فينك يا حبيبي"، من كلمات وألحان عبد العزيز زين العابدين وتوزيع أمير محروس.

الأغنية اشتهرت قبل سنوات عدة بصوت المغني بحر أبو جريشة (1935 ــ 1995). هذا التسجيل الأصلي رغم تواضعه من الناحية التقنية وتوزيعه الذي يمكن تصنيفه في خانة الـSoul الشعبي المصري، بدا أصيلاً، بعناصر تتكامل لخدمة كلمات الأغنية ذات الطابع الحزين.

قبل أيام أعاد منير تقديم العمل نفسه، مواصلاً خطته القديمة بإعادة أداء أغانٍ قديمة، على طريقته الخاصة، مثل  "أنا بعشق البحر"، و"أسمراني اللون"، و"حكايتي مع الزمان"... وفي كل مرة كان "الكينغ" يبدع في تقديم نسخ مختلفة تماماً عن الأصلية، معتمداً على إضافات تعطي أبعاداً ثانية للعمل، وتجعل المستمع كأنه أمام أغنيتين منفصلتين.

لكن في "فينك يا حبيبي" لم يوفّق منير في تقديم نسخة ثانية ناجحة. السبب الأساسي هو التوزيع غير المناسب الذي لم يراعِ مساحة صوت محمد منير حالياً. سرعة الأغنية بدت كذلك عاملاً مهماً في ركاكة النسخة الجديدة. إذ كانت السرعة بطيئة، وهو ما لا يخدم طاقة صوت الفنان المصري الشهير التي تأثرت بعوامل عدة، منها التقدّم في السنّ، والمرض. هكذا خرجت الكلمات بطريقة ممطوطة وبطيئة. 

وتماماً كما في "باب الجمال"، كان للإيقاعات والغيتار المساحة الأكبر والصوت الأعلى في "فينك يا حبيبي"، رغم أن هذا التوزيع لا يخدم ثيمة الأغنية وطابعها. لكنّ متطلبات السوق التجارية فرضت هذا التوزيع بشكل غير مناسب ولا متناسق.

وهنا تحديداً عاد محمد منير وغرق في الأخطاء نفسها التي يرتكبها بشكل متطقع منذ تسيعينات القرن الماضي، وهي الاعتماد على التوزيع نفسه (غيتار/إيقاع)، بغض النظر عن الكلمات أو اللحن أو الموضوع.

لكن إن كان الفنان النوبي قد نجح في تجاربه السابقة في التسويق لهذه الأعمال، فإنه حالياً يبدو في حاجة إلى فريق عمل آخر، مدرك لأهمية مساحة الصوت المتاحة لديه، ومدرك لأهمية التوزان بين الكلام واللحن والتوزيع، لأن أسوب التسعينيات لم يعد نافعاً في 2021. والنوستالجيا التي غرف منها منير طويلاً للبقاء على الساحة الغنائية، رغم سلسلة إخفاقات متتالية في العقد الأخير، بدأت تتحول إلى عبء أكثر منها عامل نجاح.

المساهمون