لم يحمل الحفل الغنائي الجماهيري الذي أحياه الفنان السعودي محمد عبده في مدينة البترا، (تبعد 225 كلم جنوب العاصمة عمّان)، جديداً من ناحية حضوره الفني الذي عوّد جمهوره عليه في حفلاته خلال السنوات الماضية، سوى بقدومه للغناء في الأردن بعد غياب 14 عاماً، وإقامة أول حفل فني جماهيري في "القرية الثقافية" المحاذية للآثار الوردية التي نقشتها مملكة الأنباط (169 ق.م - 106م). هناك، يسعى مجلس مفوضي سلطة إقليم البترا إلى جذب السياح للمدينة، من خلال إقامة مجموعة من الفعاليات الفنية خلال الفترة المقبلة، من بينها حفل للفنانين هبة طوجي وأسامة الرحباني، وآخر لفايا يونان، إضافة إلى حفلات فرق فلكورية عالمية.
الحفل الذي حُشد له إعلامياً تميز بحضور واضح للسياح العرب، وخاصة من السعودية، لكنه فشل في إرضاء الجمهور الأردني الذي اضطر إلى السفر ثلاث ساعات من العاصمة عمّان، للوصول إلى مكان الحفل، والعودة فوراً بعد انتهائه، بسبب عدم الترويج الملائم للسكن في فنادق قريبة من موقع الحفل، فضلاً عن تأخر عبده لساعة عن الموعد المقرر، ما آثار استياء جانب من الجمهور الذي يقدر بألفي شخص، وهو ما يمثل أكثر بقليل من نصف سعة المسرح.
وتراوحت أسعار تذاكر حفل المطرب السعودي، الذي قيل إنه تقاضى نصف مليون دولار أميركي مقابل غنائه، ما بين 25 ديناراً أردنياً (أقل من 40 دولاراً أميركياً) لحضور الحفل وقوفاً في الدرجة الثالثة، وبين 400 دينار أردني (ما يعادل 563 دولاراً أميركياً) لدرجة VIP.
عبده الذي سجل بغنائه في البترا حضوره الفني الخامس مع الجمهور الأردني، بعد أن أحيا حفلات جماهيرية في فنادق عمّان عامي 1984 و2001، بينما غنى عام 1989 في مهرجان جرش للثقافة والفنون، وعام 2009 في مهرجان الأردن، يتوقع أن يلتقي الجمهور الأردني مجدداً هذا الصيف، ضمن حفلات مهرجان جرش للثقافة والفنون الذي ستنعقد دورته السابعة والثلاثون نهاية يوليو/تموز المقبل.
وتعد طلبات الفنان السعودي المرتفعة بتكلفتها المالية سبباً في مرات حضوره الضئيلة خلال السنوات الماضية إلى الأردن، ووراء عدم اتفاق معظم المهرجانات الأردنية معه، عدا عن شروطه المتمثلة بمشاركة فرقة موسيقية أوركسترالية معه في حفلاته، يصل عدد عازفيها إلى 55 موسيقياً، وهو الطلب الذي تمت الاستجابة له في حفل البترا حيث قاد المايسترو المصري هاني فرحات فرقته.
وفي حفله الذي قدم به على مدى ساعتين ونصف ثماني أغنيات فقط، فاجأ الحضور عندما بدأ بتقديم قصيدة الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب "أنشودة المطر" إذ استمر في غنائها لمدة تقارب نصف ساعة كاملة، وهي القصيدة التي غناها لأول مرة عام 2001، ولم يقدمها سوى مرات محدودة في حفلاته، فلم يجد تفاعلاً من الجمهور الذي غلب عليه الشباب. وعلى الرغم من ذلك، استمر في غنائها كاملة، قبل أن يعود ويقدم أغانيه الشهيرة التي يعرفها الجمهور العربي، فلم يشعر معه الحاضرون بدهشة حضور الفنان الغائب.