محمد سواح: "النفيخة" مشروع يستكمل مسيرة الآلات النحاسية

27 اغسطس 2024
تضم الفرقة عازفين لديهم ميل إلى الموسيقى الشرقية (من الفنان)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تأسيس فرقة "النفيخة" وأهدافها**: تأسست في 2013 على يد محمد سواح لتقديم الموسيقى المصرية عبر الآلات النحاسية، مستلهمة من فرق مثل "حسب الله".

- **مشروع "100 سنة مزيكا" وتأثيره**: لتعريف الجمهور بالآلات النحاسية، قدمت الفرقة موسيقى لكبار المؤلفين المصريين، مما ألهم فرقاً أخرى واستخدمت الآلات النحاسية في أعمالها.

- **التحديات الإدارية والضريبية**: تواجه الفرقة صعوبات في التسويق والضرائب المرتفعة، مما يؤثر على تقديم عروض بأسعار مخفضة، لكنها تواصل العمل على مشاريعها الموسيقية.

من بين الفرق المستقلة التي أصبح لها حضور ملحوظ على الساحة الفنية، فرقة "النفيخة" التي تقدم منذ عام 2013 حالة موسيقية فريدة، فخلافاً للـ"باندات" المتعارف عليها تعتمد الفرقة، على الآلات النفخية: الترومبيت (محمد سواح ووليد جبر) والترومبون (أحمد إسماعيل وأمير إبراهيم) والباص توبا (الياباني مساكي أوكاجيما)، إلى جانب الدرامز (سامح شعبان) والباركيشن (خالد السايس). وجميع عازفي الفرقة من خريجي معهد الكونسرفتوار. ورغم دراستهم للموسيقى الغربية وكذلك آلاتهم، فإنّ منتجهم الفني مصري خالص، وقد كان لـ "العربي الجديد" هذا الحوار مع مؤسس ومدير الفرقة، محمد سواح للتعرف أكثر إلى هذه التجربة.

ما الفكرة التي كانت وراء تأسيس "النفيخة"؟
أنا مهتم بالموسيقى الشرقية رغم كوني خريج الكونسرفتوار. لهذا، بعد أن أنهيت دراستي، تعلمت الموسيقى العربية بمقاماتها. يحرضني طموح على تأسيس مشروع فني أقدّم من خلاله الموسيقى المصرية عبر الآلات النحاسية، ليصبح لها حضور أكبر في موسيقانا.
أما فكرة تأسيس فرقة للآلات النحاسية، فهي فكرة أوروبية قديمة، ومنها جاءت فرقة حسب الله الشهيرة، التي عمل أعضاؤها في الفرق العسكرية. بعد التقاعد، أسسوا فرقتهم، ليشاركوا من خلالها في عدد من الأفلام، مثل "شارع الحب" لعبد الحليم حافظ، وتوزع أعضاؤها بعد ذلك على فرق مختلفة، وجاءت فرقتنا امتداداً لهذه السيرة وتأكيداً لحضور الآلات النحاسية في موسيقانا، بخاصة أنها آلات احتفالية تصلح لأن تكون حاضرة في مناسباتنا المختلفة.

تقدمون أعمالكم تحت عنوان "100 سنة مزيكا". ما الفكرة وراء ذلك؟
في المرحلة الأولى، قررنا أن نقدم موسيقى لكبار المؤلفين المصريين خلال 100 سنة، وهو المشروع الذي كتبته موسيقياً عبر عام ونصف، يبدأ من سيد درويش وإلى اليوم. وهدفنا من ذلك تعريف الناس بآلاتنا وبإمكانياتها. ونتيجة لهذا، أصبح لدينا مستمع قادر على تذوق تلك الأعمال من خلال الصوت الجديد الذي نقدمه، وأمسى يملك أيضاً معرفة بأصوات آلاتنا المختلفة. لم يكن هذا ممكناً إلا من خلال موسيقى يعرفها ويحبها، فقدمنا له بداية من سيد درويش مروراً بعبد الوهاب وأم كلثوم ومحمد فوزي، وصولاً إلى أحمد عدوية... وحتى تترات برامج التسعينيات المميزة، وكل ما كان له تأثير على وجدان الناس حرصنا على استعادته.
أتصور أن هذا المشروع جعل للآلات النحاسية حضوراً أكبر بين الشباب، وبدأت فرق كثيرة، مثل "كايروكي" و"مسار إجباري"، تكتب الموسيقى لها كما استعانوا بآلاتنا: الترومبيت والترومبون والباص توبا في عدد من أعمالهم.

الآلات النفخية هي آلات حماسية واحتفالية، وكثير من الأعمال القديمة، لأسماء مثل سيد درويش وأم كلثوم وعبد الوهاب وغيرهم طربية أو عاطفية، فهل واجهتم صعوبات فنية لعزف أعمالهم، وهل فرضت آلاتكم أعمالاً بعينها؟
عندما شرعت في تشكيل الفرقة اخترت عازفين لديهم ميل إلى الموسيقى الشرقية. وكما ذكرت سابقاً، تدربت قبلها كثيراً ودرست الموسيقى الشرقية جيداً، متتبعاً كبار العازفين الذين لعبوا على آلة الترومبيت، مثل علي إسماعيل وسامي البابلي، لذلك لم نجد أي صعوبة في تقديم أي لون من ألوان موسيقانا القديمة، كما حرصنا على أن يكون هناك تنويع في ما نقدمه، فما نعزفه، يتنوع محتواه بين الاحتفالي والطربي والعاطفي.

خطوتم نحو تقديم مؤلفات موسيقية خاصة بكم...
مرحلة تعريف الناس بآلاتنا تطلبت أن نعزف لهم موسيقى يعرفونها جيداً، لكننا لدينا مشروعنا الموسيقي الخاص، ومنه جاءت "غاغا" أول مقطوعة موسيقية للفرقة من تأليفي، وهي خطوة أولى في مشروع نزمع تقديمه خلال الفترة المقبلة.
في أي مقطوعة موسيقية هناك مدخل مباشر وصاخب لجذب الجمهور، وهو ما أقدمه في "غاغة" فهو عمل صاخب إلى حد كبير، تكنيكات عزفه سريعة، ليؤدي هذا المعنى. إنه مقدمة لأعمال أو ألبوم سنطرحه قريباً. تحمل المقطوعة ثيمة موسيقية بالطبع، لكن غرضها الرئيسي هو التمهيد لموسيقى مختلفة ننوي تقديمها، وستصدر الفرقة قريباً تراك آخر أصبح جاهزاً اسمه "مرجيحة"، سنطلقه من خلال كليب مصنوع بالذكاء الاصطناعي. العمل عبارة عن رقصة تعبيرية جماعية، أرجو أن تساهم في إحياء هذا الفن بعد أن كاد يختفي، فكثير من الشعوب ما زالت تحرص على تأدية رقصاتها الجماعية في مناسباتها المختلفة، لكن، في بلدنا تراجع هذا الأمر كثيراً.

العديد من الفرق المستقلة لديها مشكلة كبيرة في الناحية الإدارية، وكثيراً ما كانت سبباً في توقف تلك الفرق، كيف تعالجون هذا الأمر، وما الصعوبات التي تواجهكم في هذا الجانب؟
لدينا مشكلة كبيرة في إدارة الفن، فالفنان يقدم منتجاً يحتاج إلى من يسوّقه ويبيعه، لكن لم يعد ذلك اليوم موجوداً بعدما رفعت شركات الإنتاج يدها، ولم يظهر، مثلما هو الحال في الغرب، أفراد يؤدون هذا الدور. لهذا، تجد لدينا ضعفاً في تلك الناحية يتعذر معه تسويق المنتج الفني رغم جودته، وفي المقابل، نلمس المنتجات الفنية الغربية الضعيفة قادرة على الوصول إلى مجتمعاتنا بفعل التسويق، وهذا لا يمنع أنّ هناك مِن بين الفرق المستقلة من كان قادراً على القيام بذلك الدور.


هناك أيضاً مسألة جوهرية وهي الضرائب. أتصور أن فرقة مثل "النفيخة" بتقديمها التراث الغنائي المصري تساعد وزارة الثقافة على أداء دور من أدوارها، فأنا لا أقدم بطبيعة الحال منتجاً ترفيهياً و"لا معاي رقاصة" حتى تطالبني الدولة بتسديد 35% ضريبة، بخاصة أن تذكرتي مخفضة السعر، إذ أستهدف فئة طلبة الجامعات والشباب صغار السن، وأعتقد أن هذا العامل كان وراء اتجاه كثيرين إلى السعودية على سبيل المثال، ليتوقف نشاطهم تقريباً في مصر.

ما الذين تطمحون إلى تقديمه خلال الفترة المقبلة؟
أعتز جداً ببلدي وبمنتجها الفني، وأحرص دائماً على أن ننتصر لثقافتنا. حتى فترة الثمانينيات كان ذلك المنتج حاضراً بدرجة كبيرة، فقدمنا موسيقى مصرية، بخاصة تلك التي كنا نسمعها مع أسماء مثل عمار الشريعي، لذلك أطمح أن يستكمل مشروع "النفيخة" هذه المسيرة، وهو ما أقدمه أيضاً من خلال مشروعي الخاص. أخيراً، وقع لي ما أكد أنني أسير على الطريق الصحيح، وذلك عندما فاجأني إبراهيم معلوف (طور آلة الترومبيت حتى تعزف المقامات العربية) وهو موسيقي وعازف ترومبيت لبناني شهير، تعلم على يد أحد أهم عازفي الآلة، موريس أندريه، وذلك بإهدائي آلتين، اعترافاً بأن ما أقدمه يحمل هذا البعد الذي أحدثك عنه، وهو المصرية التي تلمسها حاضرة في منتجي الموسيقى.

بعيداً عن "النفيخة"، لو تحدثنا أكثر عن هذا المشروع الخاص؟
تخرجت من المعهد في عام 2005 عازفاً للترومبيت، لكن كان لدي حلم الغناء، بعدها ربما لم يعد الأمر يلح علي، مع ذلك فكرت في مشروع غنائي موسيقي، موضوعه الموسيقي المصرية أستغل فيه دراستي لفنيات التوزيع والموسيقى الغربية. أما الموضوع، فحرصت أن يحمل جديداً، بعيداً عن محتوى الحب والهجر والفراق. كلمات تهتم أكثر بالبعد النفسي، بمعان لا يستطيع كثيرون التصريح بها. وقدمت منذ سنتين عدداً من الأغاني والمقطوعات في هذا الاتجاه، وإن كانت بدايات المشروع تعود إلى عام 2007، عندما فزت بمنحة سويسرية مكنتني من تسجيل أول ألبوم اسمه "موال مصري"، في حين سجلت الألبوم الثاني "رقصة السلطان" بمنحة من مؤسسة المورد الثقافي في عام 2009. انشغلت بعدها مع "النفيخة" لأعود إلى استكمال المشروع منذ ثلاث سنوات، وأنا بصدد إصدار أكثر من عمل ضمن هذا المشروع خلال الفترة المقبلة.

المساهمون