استمع إلى الملخص
- الخطيب تعرض للتشهير واتهامات بمعاداة السامية في ألمانيا والمملكة المتحدة، مما أثر على مسيرته الأكاديمية وسلط الضوء على تقييد الحريات الأكاديمية.
- النقاش حول حرية التعبير والأكاديمية في ألمانيا يتسع ليشمل سياسات أوسع، مع مخاوف من استخدام التمويل البحثي كوسيلة ضغط، وتحديات قانونية في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان.
أسقطت محكمة برلين، الأسبوع الماضي، تهماً ضد الأستاذ الجامعي المصري تقادم الخطيب، دفعت بها جمعيات داعمة لإسرائيل، منها الجمعية الألمانية الإسرائيلية التي يرأسها البرلماني السابق فولكر بيك، على خلفية منشورات له على منصة إكس، كتب في أحدها "إن النجاة من إبادة لا تعطي ذريعة في ارتكاب أخرى".
وقال تقادم الخطيب، لـ"العربي الجديد"، إنه راضٍ عن الحكم الذي وصفه بـ"التاريخي، والجازم، والواضح، والذي يحسم أن تشبيه ما يحدث في غزّة بالمحرقة النازية (الهولوكوست) ليس فعلاً غير قانوني، بل دعوة إلى حماية أقلية تتعرّض للإبادة، ويعزّز الحقّ في حرية التعبير والرأي المكفولة في القانون الألماني". وتوقع أن يُستأنس بهذا الحكم عند البتّ في محاكمات مماثلة مستقبلاً.
وتوقع الخطيب استئناف المحامي العام الحكم، من دون استبعاد أن يحمل هذا التوجّه أبعاداً سياسية. وأفاد بأن مواطنين ألماناً يواجهون التهم نفسها تواصلوا معه بعد صدور الحكم لتزويدهم بنصه الذي جاء فيه: "إذا ما قلنا إن الجهة (أ) تعرّضت لإبادة والجهة (ب) تتعرّض لإبادة، واستعدنا ما تعرّضت له (أ) حتى إيقاف ما تتعرّض له (ب)، فهذا ليس انتقاصاً من الإبادة التي تعرّضت لها (أ)، بل هي دعوة إلى حماية (ب)".
وأفاد بأن شرطة مانهايم تواصلت معه في فبراير/شباط الماضي لاستدعائه إلى التحقيق، لكن ملفه أحيل إلى برلين بعد إفادته بأنه مقيم هناك. في العاصمة الألمانية، اطّلع في أثناء التحقيق معه على مضمون كتاباته على منصّة إكس، وسئل عما إذا كان يدعم حركة حماس وعن مدى تحيّزه للقضية الفلسطينية، وقيل له إنه يحض على العنف والكراهية. وبعد إحالة محضرالتحقيق الى مكتب المدّعي العام، كلّف محامياً لمتابع قضيته بعد مشورة من مركز الدعم القانوني الأوروبي، علماً أن وشاية قدمت ضده لدى المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء والمكتب الاتحادي للشرطة الجنائية.
وأوضح تقادم الخطيب، وهو عضو في لجنة الحريات الأكاديمية التابعة لجمعية دراسات الشرق الأوسط البريطانية، أن حملة شنت ضده في المملكة المتحدة أيضاً، حيث شوهت سمعته، ونشر أشخاص في جمعيات نشطة مع إسرائيل مقالاتٍ ضده، اتهمه بعضها بأنه معاد للسامية.
وقد دفعه التحيز ضده والرقابة على حساباته على وسائل التواصل إلى ترك التدريس في جامعة هايدلبرغ. وأفاد بأن أكاديميين فصلوا من عملهم في جامعات ألمانية على خلفية تعليقات لهم تناصر الشعب الفلسطيني عبر "فيسبوك"، كما أن طلاباً جامعيين أوقف دعمهم برنامج المساعدات المالية الذي تموّله الدولة الألمانية، ويستفيد منه طلاب لا يمكنهم تمويل دراستهم بأنفسهم أو من والديهم، والعمل جار للتشدّد في القوانين المعمول بها في هذا الخصوص.
وذكرت شبكة "إن دي آر" الإخبارية أن وزيرة الأبحاث بيتينا ستراك فاتسينغر طلبت من دائرة التعليم والأبحاث الفيدرالية فتح تحقيقات بحق أكاديميين كانوا قد وقّعوا على عرائض تضامنية مع طلاب مناهضين للعدوان الإسرائيلي المتواصل على غزّة، ويُنظر في إمكانية خفض التمويل والمنح المقدّمة لهم، بالإضافة إلى العواقب المترتبة وفق القانون الجنائي وقانون الخدمة العامة.
في المقابل، برزت اعتراضات وانتقادات من أساتذة وباحثين قالوا إن هذه الممارسات ستنعكس سلباً على الحرية الأكاديمية. وهناك خوف من تقييم المشاريع البحثية بشكل مختلف، عدا عن أن التحقق مما إذا كان من الممكن استخدام القانون الجنائي وقانون التمويل ضد الباحثين غير المرحّب بهم يعد ممارسة استبدادية، وبعضهم من الشرق الاوسط وشمال أفريقيا والمجر.
وقال تقادم الخطيب، بشأن مشاريع الأبحاث ودعمها، إن هناك تمييزاً بين الأكاديميين، وإن ازدواجية المعايير تفرض نفسها، وهناك مشاريع ضمن بعض التخصّصات محجوزة للألمان بصرف النظرعن المستوى والقدرة. وشدّد على أن "الصمت المخزي من المؤسّسات الأكاديمية والتواطؤ والصمت التام سترتدّ على ألمانيا"، ولا يُغفل أن هناك فساداً كثيراً في الأكاديميا الغربية، منها على مستوى المنشورات والجوائز وغيرها.
وقد نقلت صحيفة تاغستسايتونغ عن المتحدّثة باسم سياسة التعليم في حزب الخضر آنيا راينالتر قولها إنه يجب اتخاذ إجراءات حاسمة ضد "معاداة السامية"، إلا أن فكرة الوزيرة في قطع التمويل عن الباحثين مقلقة، وقد يكون هذا تدخّلا غير متناسب مع الحقوق الأساسية لحرية التعبير والحرية الأكاديمية. وقالت المتحدثة باسم السياسات العلمية لحزب اليسار نيكول غوهلكه إن التوجّه إلى استخدام تمويل الأبحاث وسيلة للعقوبات والضغط في المعركة ضد الآراء غير الشعبية لا أساس له من الصحة.
وقد رفضت المحكمة الإدارية في برلين، هذا الأسبوع، طلباً مستعجلاً تقدّم به فلسطينيون من غزّة إلى المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، دعوا فيه الحكومة الألمانية إلى عدم الموافقة على تصاريح لتوريد أسلحة ألمانية إلى إسرائيل، على أساس أن الأخيرة قد تستخدمها في انتهاك القانون الدولي الإنساني. وعلّلت المحكمة قرارها بأن المدّعين لم يبرهنوا أن هناك بيانات متعلقة بصادرات أسلحة قيد بحث السلطات الألمانية المعنيّة، وأن الحكومة أحجمت عن إصدار أي تصريح هذا العام، كما أن للسلطة التنفيذية الحقّ برفض التصدير أو فرض شروط إضافية، أو الحصول على التزامات مثلاً من الدولة المتلقية لضبط استخدام الأسلحة. والقرار قابل للاستئناف أمام المحكمة الإدارية العليا.