يوم الاثنين الماضي، شهدت أروقة مجلس الشيوخ الأميركي، التصديق على قرار، كان حتى وقت قصير شبه مستحيل، وهو تغيير قواعد لباس أعضاء المجلس، إذ بات بإمكانهم حضور الجلسات بملابس غير رسمية. القرار اعتبر ثورياً نظراً إلى أن العادات والتقاليد راسخة وأساسية في هذا المجلس، ونادراً ما يُفتح الباب أمام التغيير، خصوصاً لناحية الشكل والمظاهر.
وكان زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، السيناتور الديمقراطي تشاك شومر، قد صدّق على قواعد جديدة للزي، ملغياً كل الشروط السابقة. وفي خطوة أولى طلب إبلاغ المسؤول الأمني في المجلس، أي الذي يشرف على الشكل الخارجي للداخلين إلى مجلس الشيوخ، أن كل القواعد السابقة لم تعد مطبّقة.
وقال السيناتور شومر في بيان: "يمكن للأعضاء اختيار ما يرتدونه في غرفة مجلس الشيوخ. أنا سأستمر في ارتداء البذلة".
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، فإن هذا التعديل هو بشكل أساسي، تماشياً و"تحية" للواقع، إذ في السنوات السابقة تخلى نواب كثر عن الزي الرسمي الذي اعتبر لعقود زي العمل الوحيد المقبول، خصوصاً في الفترة التي تلت تفشي فيروس كورونا، ولجوء أغلب الأفراد إلى ارتداء ملابس مريحة، تماشياً مع العمل من المنزل الذي فرضته أغلب الشركات حول العالم.
لكن الفضل الأساسي في هذا التغيير يعود بشكل مباشر إلى السيناتور الديمقراطي عن بنسلفانيا جون فيتيرمان. يبلغ طول هذا الأخير أكثر من مترين، وجسمه عليه وشوم واضحة، ويرفض أن يحضر إلى مجلس الشيوخ إلا مرتدياً ملابس رياضية. وقد أثار جدلاً كبيراً إذ ظهر في الأسابيع الأولى لولايته في المجلس ببذلة وربطة عنق، لكنه سرعان ما استبدلها بملابس رياضية، وسراويل واسعة.
وكانت آخر التعديلات قد حصلت عام 2019، بعدما نجحت السيناتورة الديمقراطية، إيمي كلوبوتشار، من مينيسوتا، في دفع المجلس للسماح للنساء بارتداء فساتين من دون أكمام. وجاء ذلك في العام نفسه الذي سمح فيه مجلس النواب بارتداء زي ديني، للسماح بدخول النائبة إلهان عمر التي ترتدي الحجاب.
لكن القرار الجديد أثار غضباً في أوساط الجمهوريين، وعبّرت النائبة مارجوري تيلور غرين، وهي واحدة من أقوى الوجوه اليمينية في الولايات المتحدة، عن غضبها من القرار، قائلة إنه "مخزٍ"، وأضافت عبر منصة إكس: "الزي الملائم هو واحد من معايير المجتمع التي تضع الأدب والاحترام لمؤسساتنا".
السيناتور مايك لي، الجمهوري من يوتا، عبّر أيضاً عن انزعاجه من تغيير القواعد: "من السهل ارتداء جاكيت وربطة عنق"، كتب على وسائل التواصل الاجتماعي، مضيفاً أن "السراويل ضرورية وليست اختيارية".
وسريعاً وقع 46 عضواً جمهورياً على رسالة تدين هذا التغيير. وكتبوا: "السماح بارتداء الملابس العادية على أرضية مجلس الشيوخ يسيء إلى المؤسسة التي نخدمها وإلى العائلات الأميركية التي نمثلها".
على عكس معظم القواعد التي تحكم مجلس الشيوخ، لا توجد قواعد رسمية مكتوبة بشأن اللباس. ولكن حسب العرف، كان يتعين على الأعضاء لعقود ارتداء ملابس رسمية: عادة بذلة وربطة عنق للرجال، وفساتين تغطي الأكتاف، أو بذلات نسائية للنساء.
ولكن السيناتور فيتيرمان، ليس الوحيد الذي تجاوز التقليد في طريقة لباسه، فاتحاً الباب أمام التغيير الأخير. ففي السنوات الماضية، أصبحت خيارات الملابس للسياسيين أكثر انفتاحاً. على سبيل المثال، أثار السيناتور تيد كروز، الجمهوري من تكساس، الدهشة عندما حضر للتصويت بزي رياضي متعرق. وعندما سئل عن حذائه الرياضي والشورت، أجاب الصحافيين بمزاح أنه جرت جدولة العملية الانتخابية وسط لعبه لكرة السلة. كذلك ظهرت السيناتورة الديمقراطية كيرستن سينيما، بأزياء متنوعة: تارة بشعر مستعار ملوّن، وتارة أخرى بسترة جينز.