متى تتوقف "الإبادة الرقمية" بحق الفلسطينيين؟

08 فبراير 2024
فلسطينيون يبكون شهداءهم في رفح (أحمد حسب الله/ Getty)
+ الخط -

وجّه الائتلاف الفلسطيني للحقوق الرقمية، أمس الأربعاء، رسائل إلى شركات ميتا وإكس وتليغرام وتيك توك، أعرب فيها عن مخاوفه بشأن انتشار خطاب الكراهية والتجريد من الإنسانية والتحريض على العنف والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني على منصات هذه الشركات للتواصل الاجتماعي.

في 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، أمرت محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير مؤقتة في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، لتحديد "مدى واقعية قيام إسرائيل بتنفيذ إبادة جماعية" ضد الشعب الفلسطيني في غزة.

وقد أشار الائتلاف الفلسطيني للحقوق الرقمية في رسائله إلى الاستخدام الموثق لمنصات التواصل الاجتماعي الرقمية للتحريض على الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك التحريض من قبل أعلى مستويات القيادة الإسرائيلية. وشدد الائتلاف على أن أمر محكمة العدل الدولية شركات التواصل الاجتماعي بالوفاء بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية في دعم حقوق الإنسان ومنع نشر المحتوى الضار، بما في ذلك التحريض على ارتكاب الإبادة الجماعية، ضمن نطاق اختصاصها.

تناولت الرسائل العلاقة المحددة بين خطاب الكراهية، والتحريض على العنف، وتصريحات الإبادة الجماعية على شبكة الإنترنت، والتي تكشف عن المزيد من الدمار في غزة.

ومن بين قضايا أخرى وعلى وجه التحديد، لفتت الرسائل الانتباه إلى إشارة محكمة العدل الدولية إلى هيئات الأمم المتحدة التي تعرب عن قلقها بشأن "خطاب الإبادة الجماعية واللاإنسانية الواضح والصادر عن كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، وكذلك بعض المجموعات المهنية والشخصيات العامة". نشرت العديد من هذه التصريحات التي أدلى بها كبار المسؤولين الإسرائيليين على منصات التواصل الاجتماعي، وتواصل الشركات نشر هذا النوع من المحتوى على منصاتها.

وشدد الائتلاف الفلسطيني للحقوق الرقمية على أن "للمنصات الرقمية دوراً كبيراً ومسؤولية مهمة في مكافحة خطاب الكراهية والتحريض في الفضاء الرقمي، وإن هذه المسؤولية تصبح أكثر أهمية عندما يكون هناك احتمال للإبادة الجماعية"، وأكد أن "الفشل في التصدي بفعالية لخطاب الكراهية والتحريض لا يقوض سلامة ومصلحة الشعب الفلسطيني فحسب، بل ينتهك أيضاً التزامات الشركات بموجب القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان".

وبينما يحاول الفلسطينيون في غزة البقاء على قيد الحياة، "شعر الائتلاف أنه من المهم بشكل عاجل تذكير شركات التواصل الاجتماعي بالتزامها القانوني والأخلاقي بإعطاء الأولوية لحماية حقوق الإنسان وتشجيعها على اتخاذ خطوات فورية وملموسة لمعالجة ومنع انتشار المحتوى الضار، بما في ذلك خطاب الكراهية والتحريض".

وتعد "ميتا"، المالكة لـ"فيسبوك" و"إنستغرام"، الأكثر قمعاً للأصوات الداعمة لفلسطين. وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد اتهمتها بأنها "تعمل على إسكات" الأصوات المؤيدة للفلسطينيين على منصتيها منذ بداية العدوان الإسرائيلي.

وأشارت المنظمة التي تتخذ مقراً في نيويورك إلى أن "سياسات وممارسات ميتا تعمل على إسكات الأصوات الداعمة لفلسطين وحقوق الإنسان الفلسطيني على إنستغرام وفيسبوك"، في موجة من الرقابة المشددة على وسائل التواصل الاجتماعي".

وقالت المديرة بالإنابة لقسم التكنولوجيا وحقوق الإنسان في "هيومن رايتس ووتش" ديبورا براون إن "الرقابة التي تفرضها شركة ميتا على المحتوى الداعم لفلسطين تزيد الطين بلة، في وقت تخنق فيه أصلاً الفظائع والقمع الذي يفوق الوصف قدرة الفلسطينيين على التعبير". وأضافت براون أن رقابة "ميتا" ساهمت في محو معاناة الفلسطينيين، وأردفت: "بدلاً من الاعتذارات التي عفا عليها الزمن والوعود الفارغة، يجب على (ميتا) أن تظهر أنها جادة في معالجة الرقابة الكاملة المتعلقة بفلسطين، من خلال اتخاذ خطوات ملموسة نحو الشفافية والتحسين".

وأشارت "هيومن رايتس ووتش" إلى "الرقابة المنهجية على الإنترنت"، بعدما راجعت أكثر من 1050 "عملية إزالة وغيرها من أشكال قمع المحتوى" على "إنستغرام" و"فيسبوك" من أكثر من 60 دولة، خلال أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني الماضيين. ولفتت المنظمة إلى أن المحتوى الذي تعرض للرقابة نشره "فلسطينيون ومؤيدون لهم، وتناول عدد من منشوراتهم انتهاكات لحقوق الإنسان".

ونبهت المنظمة إلى أنه "بينما تبدو هذه أكبر موجة من قمع المحتوى المتعلق بفلسطين حتى الآن، فإن لدى (ميتا)، الشركة الأم لـ(فيسبوك) و(إنستغرام)، سجلاً موثقاً جيداً من حملات القمع واسعة النطاق للمحتوى المتعلق بفلسطين". وأكدت تواصل تلقيها بلاغات عن التعرض للرقابة، بعدما أكملت تحليلها، "ما يعني أن العدد الإجمالي للحالات التي تلقتها تجاوز بكثير 1050 حالة". 

وأوضحت أن الرقابة في "إنستغرام" و"فيسبوك" شملت إزالة منشورات وتعليقات، وتعليق الحسابات أو تعطيلها، وتقييد ميزات معينة، من بينها قدرة المستخدمين على التفاعل مع المنشورات، أو متابعة حسابات معينة، فضلاً عن الحد من رؤية محتوى المستخدمين.

ولفتت المنظمة الحقوقية إلى أن منشورات لها تعرضت أيضاً إلى قيود، فقد أبلغ عشرات المستخدمين عن تعذر إعادة نشر أو الإعجاب أو التعليق على منشور لها "يدعو إلى تقديم أدلة على الرقابة على الإنترنت". 

كانت "ميتا" كشفت أنه خلال الأيام الثلاثة التي أعقبت بدء عملية طوفان الأقصى، في 7 أكتوبر، حذفت أو غطت برسائل تحذيرية نحو 795 ألف رسالة باللغتين العربية والعبرية. ومعظم المحتوى المستهدف هو ذلك المؤيد للفلسطينيين والمدين لوحشية الاحتلال الإسرائيلي.

هذا الانحياز دفع الخبير في منصات التواصل الاجتماعي، التونسي أحمد قوبعة، إلى الاستقالة من عضوية هيئة القادة في الشرق الأوسط وأفريقيا التابعة لـ"ميتا". وفي نوفمبر، كشف الخبير الرقمي والناشط الباكستاني، جبريل أمين، عن إنهاء شركة ميتا شراكتها الإعلامية معه، بسبب مشاركته منشوراً دعا فيه إلى وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

المساهمون