من مستعبدات إلى مومسات مروراً بالساحرات أو الأمهات، تعكس تجسيدات المرأة في الفنون تمييزاً تاريخياً، في مسار يشكل محور معرض يقيمه "متحف برادو" في مدريد الذي أقرّ بالضلوع على مر تاريخه في هذا المنحى.
وأوضح مفوض المعرض كارلوس نافارو، لوكالة "فرانس برس"، أن هذا الحدث الذي انطلق مطلع أكتوبر/تشرين الأول، وعنوانه "إنفيتاداس" (مدعوات)، هو الأول في المتحف المدريدي منذ رفع تدابير الحجر خلال جائحة "كوفيد-19"، ويكشف "عقيدة ودعاية سياسية من الدولة بشأن طريقة تجسيد الأنثى".
وأشار نافارو إلى أن هذه "القطع المبعثرة" من أعمال منجزة بين 1833 و1931، عن "النساء والعقيدة والفنون المرئية في إسبانيا" تسلط الضوء على "الفكر البرجوازي الساعي إلى تثبيت الدور الذي ينسبه المجتمع إلى المرأة".
كما أن "متحف برادو"، وهو أحد أكبر متاحف الفنون المرئية في العالم ويعود تاريخه إلى قرنين، يسعى من خلال هذه الفعالية إلى "التكفير" عن ذنوبه السابقة في هذا المجال؛ إذ أقرت المؤسسة العريقة بحصول تمييز تجاه الفنانات وأيضاً في طريقة تصوير النساء في الأعمال التي اشترتها الدولة لعرضها في المتحف في تلك الحقبة.
ويشكل هذا التمييز الفني في اللوحات المرسومة من رجال جزءاً أول من المعرض، إذ قليلا ما تكون النسوة بطلات في اللوحات التي غالباً ما تظهرهن كعنصر من الديكور خلف الرجل الموجود دائماً في الوسط. وحتى حين تحتل النسوة مقدمة المشهد، فذلك يكون غالباً غصباً عن إرادتهن، كما يتجلى في لوحة "المتمردة" لأنطونيو فيول غرانيل من سنة 1914 التي تظهر امرأة غجرية ينظر إليها الآخرون إلى جوارها نظرة ازدراء.
كذلك تظهر لوحات كثيرة مومسات، بينها لوحة "الوحش البشري" التي أنجزها أيضاً غرانيل سنة 1897، وتبيّن إحداهن وهي تتوسل قوادتها، فيما يظهر في الخلفية زبون يدخن الغليون.
كما يتجلى هذا المنحى عبر لوحات تظهر فتيات يُرغمن على التعري لرسمهن بالقوة، والدموع في عيونهن، في فترة "لم يكن هناك أي حدود على صعيد السن أو درجة العنف في لوحات العري"، وفق ما يوضح كارلوس نافارو أمام كوكبة من اللوحات تظهر إحداها مستعبدات مقيدات.
وتظهر لوحات أخرى كراهية ضمنية للنساء، بينها عمل "الرائعة" الذي أنجزه بالدوميرو خيلي سنة 1908. ويظهر امرأة أنيقة، تضيع خطوط فستانها خلف ريش طاووس الذي يرمز إلى التكبر، في تجسيد لعيوب مفترضة كانت منسوبة إلى النساء.
ونبش "متحف برادو" عشرات الأعمال الموقعة من نساء التي ذهبت أدراج التاريخ. ومن بين هذه اللوحات أعمال عدة من نوع الطبيعة الصامتة، مع قلة من البورتريهات التي كانت حكراً على الرجال بدرجة كبيرة.
ويكشف المعرض، وفق المفوض، تضييع فرصة الظهور في تلك الحقبة لتحف فنية موقعة من فنانات من أمثال روزا بونور وماريا أنتونيا بانويلوس التي باتت كل أعمالها موجودة في الخارج، بسبب عدم انصياعها للمعايير السائدة في تلك الحقبة.
وترافق المعرض حتى قبل انطلاقه رسمياً مع جدل بشأن سحب لوحة نُسبت خطأ إلى امرأة لكنها فعلياً من توقيع رجل، وهو ما أثار انتقادات مجموعات نسوية اعتبرن أن الحدث لا يمنح مساحة كافية للفنانات. غير أن كارلوس نافارو اعتبر أن هذا الجدل "افتعلته مؤرخات وناقدات كن يرغبن بالمشاركة في المشروع".
(فرانس برس)