ماذا يقول اليوناني باباميشيل المرشح لـ"أوسكار" أفضل تصوير سينمائي؟

17 مارس 2021
انتقل باباميشيل من التصوير الفوتوغرافي إلى السينمائي (Getty)
+ الخط -

قال المصوّر اليوناني فيدون باباميشيل، المُرشح لنيل جائزة "أوسكار" عن فيلم "ذا ترايل أوف ذا شيكاغو 7" The Trial of the Chicago 7 إن فن التصوير السينمائي لا يكمن في اللقطات الجميلة أو حركات الكاميرا، بل في سرد القصة وتسليط الضوء على أداء الممثلين.

جاء ذلك خلال لقاء عقده ملتقى "قمرة" الذي اختتمته الأربعاء "مؤسسة الدوحة للأفلام"، في رحلة تحدث فيها عن أبرز معالم مشواره الفني وأعماله السينمائية اللافتة.

وأضاف باباميشيل: "اكتشفت على مدار مشواري أن القصة هي قلب ونبض أي عمل سينمائي، وأن اللحظة التي أعي فيها وجود الكاميرا، أو أركز على حركتها والإضاءة، فإن خيوط القصة قد تتسرّب من يدي".

من آخر محطاته، مع خبر ترشيحه لجائزة "أوسكار"، أشاد باباميشيل بفيلم "ذا ترايل أوف ذا شيكاغو 7" من إخراج آرون سوركين، وتحديداً بكتاباته التي وصفها بالمتفرّدة. وقال: "صاغ سوركين هذا العمل كمسرحية تدور أحداثها في قاعة محكمة، تتخللها مشاهد قصيرة من خارج المحكمة، وقد كان التحدي الأبرز لي في هذا العمل هو تصوير أجواء المرافعات في دار القضاء التي تعتبر مسرحاً للأحداث بصورة مُحكمة".

أدار اللقاء ريتشارد بنيا، مدير البرامج في جمعية الفيلم في مركز لينكولن ومدير مهرجان نيويورك السينمائي في الفترة من 1988 وحتى 2012.

وعلى مدار اللقاء، تعرّف الجمهور عن قرب على كواليس عمل باباميشيل في هوليوود، إذ تعاون مع مجموعة من أبرز صناع الأفلام وساهم في إنجاز أعمال تحوّلت إلى كلاسيكيات في تاريخ السينما.

انتقل باباميشيل من التصوير الفوتوغرافي إلى السينمائي، وفي هذا التحول اعتبر فيلم "امتهان" (1963) للفرنسي جان لوك غودار من أهم الأعمال التي شكّلت قراره باقتحام العالم السينمائي، "فقد ترك هذا الفيلم انطباعاً قوياً عليّ بسبب أسلوبه غير التقليدي وتكوينه البصري الأخاذ"، مضيفاً أن والده كان رساماً ومدير ديكور، ولهذا شعر بنوع من الترابط بين ما شاهده في العمل وتجاربه الشخصية.

وأضاف: "لعل أبرز ما تركه فيلم غودار في نفسي هو إقناعي بأن باستطاعتي استغلال شغفي البصري في سرد قصةٍ ما على الشاشة، بعكس فن التصوير الفوتوغرافي والذي أراه مجالاً فردياً لا يتيح فرصة للتعاون مع فريق كبير لصياغة قصة متكاملة".

وأشار "كنت أعتمد في التصوير الفوتوغرافي على نفسي فقط، لتصوير اللحظات المختلفة. وبمجرد التقاط الصورة، تُمحى اللحظة، ولا أمضي وقتاً في تأملها أو التفكير فيها". ومن هذا المنطلق، فقد أتاحت له السينما منصةً أكبر وأوسع لسرد القصص من خلال صياغتها بصرياً.

وبيّن باباميشيل أنه مع اكتسابه مهاراته بنفسه، استفاد أيضاً بشكل خاص من مدرسة روجر كورمان الفنية، وهو مخرج صاحب مسيرة حافلة منحته لقب "بابا السينما الشعبية".

واعتبر باباميشيل فيلم "كول رانينغ"  (1993)الذي ينتمي إلى نوعية الأفلام الرياضية الكوميدية، والذي أدى بطولته جون كاندي، من العلامات في مشواره، خاصةً أنه فيلم رياضي تقليدي سرعان ما تحوّل إلى أحد أهم كلاسيكيات السينما التي تعلق بها الجمهور.

كما تحدّث عن مشاركته في فيلم "3:10 إلى يوما" (2007) الذي ينتمي لقالب أفلام الغرب الأميركي والحركة، وأخرجه جيمس مانغولد بطولة راسل كرو وكريستيان بيل.

قال باباميشيل إن الفيلم شكل له تحدياً كبيراً، خاصةً المشاهد الحركية التي تطلبت تجهيزات كبيرة وإجراءات تنفيذ سريعة في نفس الوقت، وهو ما أرهقه جسدياً، لكنه أكسبه الكثير من الخبرة، كما كشف عن عدم إجراء أية تمرينات للممثلين قبل التصوير لضمان عفوية الأداء، خاصةً أن مخرج العمل جيمس مانغولد من عشاق العمل بصورة حرة لا تتقيّد بشكل حرفي بالنص وإتاحة الفرصة للممثلين للأداء بصورة طبيعية، عوضاً عن القوالب المُعدة سلفاً.

وعلى مدار اللقاء، قدّم نصائحه لصناع الأفلام الواعدين، إذ شجعهم على التعامل مع الممثلين الموهوبين عن قرب، ومراقبة ومتابعة أدائهم والتجاوب معه بشكل بصري، خاصةً في مشاهد الحركة التي تتطلب تعزيز تفاعل الجمهور مع بطل القصة، مؤكداً أن العمل السينمائي قائم أولاً وأخيراً على الشخصيات التي تظهر على الشاشة، وليس على نوع أو نمط الفيلم، وهو درس مهم تعلمه باباميشيل من عمله مع جيمس مانغولد وأليكساندر باين.

ولم يغفل باباميشيل الحديث عن فيلم "سر على الخط" (2005) الذي يروي قصة حياة المغني الأميركي جوني كاش وأدى بطولته واكين فينيكس وريس ويذرسبون وأخرجه مانغولد. واستمد منه باباميشيل القدرة على التعامل بشكل حر مع أداء الممثلين من حوله.

تطرق إلى استخدامه كاميرتين لأول مرة في تاريخه، وكان ذلك في فيلم "طرق جانبية" (2004) من إخراج ألكسندر باين. وقال: "رصد أداء الممثلين المتحاورين بكاميرتين لم يعهده باين من قبل، إذ لم يكن معتاداً على استخدام أكثر من كاميرا للتصوير"، ولذات المخرج هناك فيلم "نبراسكا" (2013) الذي صُور بالأبيض والأسود وبكاميرا واحدة.

وأضاف باباميشيل عن فيلم "نبراسكا": "كان الأسلوب الفني الخاص بالتركيز على أداء الممثلين، مناسباً لأجواء هذا العمل التي تركز على الوحدة والعزلة، وكما يقولون، فإن الأبيض والأسود هو القالب الأنسب لبلورة أداء الممثل، إذ يساعدك على التركيز على الشخصية بدون أي تشتيت قد تسببه الألوان".

المساهمون