"مئة عام في هجرتين" للياس خلاط: كتابٌ يؤسّس فيلماً

لأنّ هاجساً له يتمثّل بتحقيق فيلمٍ عن سيرةٍ عائلية في مدينتين، عبر أكثر من جيلٍ واحدٍ؛ ولأنّ إنجاز فيلمٍ كهذا يحتاج إلى ميزانية تتلاءم والهاجس نفسه، الفردي والثقافي والحياتي أساساً؛ يختار اللبناني الياس خلاط، مؤسّس "مهرجان طرابلس للأفلام" (شمالي لبنان) ومديره الفني، الكتابة، لتوثيق حكايةٍ تبدأ من راهنٍ، وتنفتح على ذاكرة وتاريخ ومدينتين.

والكتاب، إذْ يُلخِّص تلك الحكاية بتكثيف سردي سلس، يجعل نصّه مرايا أزمنةٍ وأمكنةٍ وأفرادٍ وبيئات، ويفتح صفحاته على صُور فوتوغرافية تساهم في التوثيق، وتترافق مع صُور مكتوبة بجُمل، يبدو بعضها عدسة كاميرا سينمائية تلتقط وتحتفظ بما تلتقطه من لحظات وجغرافيا وأناس.

في "طرابلس ـ الإسكندرية: مئة عام في هجرتين" (منشورات "مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية"، 112 ص. من الحجم الصغير، الطبعة الأولى، 2024) يروي خلاط (1965) حكاية عائلة تمتدّ (الحكاية) في 100 عام، ومدينتين: طرابلس اللبنانية والإسكندرية المصرية، التي تستقبل أجداداً له منذ سنين طويلة، فيُقيمون ويعملون ويُنجبون ويسافرون، وبعضهم يعود إليها ويُدفن فيها. والبداية متمثّلةٌ بمسألة عقارية، ستكون مدخلاً إلى تلك الحكاية، التي يُنتظر أنْ تُصبح فيلماً وثائقياً، وفي الكتاب ملامح بصرية تبوح بأنّ الفيلمَ حاضرٌ، رغم عدم تنفيذه إلى الآن.

والملامح تلك مكتوبةٌ بسلاسة وشفافية، والخبريات المروية تعكس شيئاً من زمن تواصلٍ بين مدينتين متوسّطتين، والزمن عامرٌ بقصص كهذه، فهجرة الشوام (أهل لبنان وسورية) إلى الإسكندرية تحديداً، منذ النصف الثاني من القرن الـ19 على الأقلّ، معروفة، وأبناء وبنات يولدون فيها لاحقاً، ويؤسّسون عائلات كثيرة. أما الفيلم الموعود، فيحتاج إلى وقتٍ لتنفيذه، مع أنّ المشروع شبه جاهز ورقياً، والكتاب (تقديم مها الكيال) ركيزة أساسية له.

(*) مساء اليوم الجمعة، 9 أغسطس/آب 2024، تُنظَّم ندوة عن الكتاب في "مركز الصفدي الثقافي" في طرابلس (شمالي لبنان)، بمشاركة سابا قيصر زريق ومها الكيال وشفيق حيدر وخالد زيادة والياس خلاط، تقديم مطيعة الحلاق.