مؤسسات فنية دولية: التزام الصمت حول غزة يبدو مُدمِّراً

12 ديسمبر 2023
ينزعج الصهاينة من المطالبة بوقف إطلاق النار (Getty)
+ الخط -

وسط سيل التقارير حول الانتقام المهني ورد الفعل العنيف تجاه كلّ من يتجرّأ على انتقاد إسرائيل، يغرّد معارض ومنظمات وعاملون في مجال الفن خارج السرب، ويدعون إلى تحرير فلسطين ووضع حد للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وهم يفعلون ذلك علناً وجهراً، تقول مجلة هايبراليرجيك الفنية.
كان أمين مجموعة عائلة غوتشمان، زاك فوير، ينتقد إسرائيل قبل وقت طويل من عملية طوفان الأقصى، لكنه يقول إن لهجة ردود أفعال الناس أصبحت معادية بشكل متزايد في الأسابيع الأخيرة.
ويقول فوير لـ"هايبراليرجيك": "في البداية، عندما هاجمني الصهاينة الغاضبون، دُهشت. لم أكن أدرك أن الناس سينزعجون من طلبات المساعدة ووقف إطلاق النار. كان ذلك صادماً".
ويتابع فوير (ينحدر من عائلة نجت من المحرقة)، بقوله إنه محظوظ لأن حياته المهنية لا تعتمد على الاحتفاظ بآرائه لنفسه، ويوضح أن "المنتمين لعالم الفن الذي أتعامل معه، يرون بوضوح من هم المضطهَدون والمضطهِدون".
وفي لوس أنجليس، نظمت منظمة الفنون المحورية غير الربحية، يوماً للعمل الجماعي والتضامن مع فلسطين ودعمها. وتضمّن اليوم ورشاً ركزت على الاتصال بالممثلين المنتخبين للمطالبة بوقف إطلاق النار.
وقال أعضاء مجلس إدارة الفنون المحورية في بيان جماعي: "لقد شعرنا بالرعب من ردود أفعال مختلف المنظمات الفنية والفنانين الذين لطالما أُعجبنا بهم. كان من الواضح لنا أن اتخاذ موقف ضد الاحتلال الاستعماري له عواقب حقيقية. في حين أننا لم نرغب في تحمل نفس الانتقادات والهجمات، فقد شعرنا جميعاً بأن الوقوف في صمت يبدو أكثر تدميراً من عدم الدفاع عن بقاء شعب فلسطين".

تقول المديرة العامة لمنظمة جونيور هاي لوس أنجليس، إيدن هاين، لـ"هايبرأليرجيك" إنه على الرغم من أن لديها مخاوف بشأن ردود الفعل السلبية المحتملة، إلا أن شبكات التمويل والدعم الخاصة بها تتماشى إلى حد كبير مع قيمها. توضح: "ليس لدينا أي مانحين كبار أو علاقات صهيونية نقدية، وليس لدينا أي مصلحة في مغازلة تلك الأموال". 
ورداً على الانتقادات التي تلقتها لكونها يهودية تدعم القضية الفلسطينية، أجابت هاين: "لا أعتقد أن هناك أي تنافر في موقفي للمطالبة بوقف دائم لإطلاق النار وإنهاء كل أعمال العنف القومي. إن الدفاع عن جميع الناس ليعيشوا حياة كريمة في سلام يجب أن يكون موقفاً محايداً".

"قيمنا لم تتغير"

أشارت منظمات غير ربحية عدة إلى أن التزامها بالعدالة الاجتماعية، بدلاً من النجاح التجاري، كان له دور فعال في قرارها بإصدار بيان عام واضح.
في هذا السياق، تقول كامالا بوليغاندلا، من المركز النسائي للعمل الإبداعي ومقره لوس أنجليس: "لا يغيب عنا أن بعض أجزاء عالم الفن قد لا تدعم قيمنا، لكن عملنا لم يتغير، وقيمنا لم تتغير، وإذا كنت تعرفنا، فلا ينبغي أن يكون ذلك مفاجأة".
وشارك منتدى لوس أنجليس السينمائي والموارد البشرية، الأحد الماضي، في تقديم سلسلة من الأفلام عن فلسطين برعاية زينة بسيسو وخورخي رافيلو.
وقبل الحدث قال المدير التنفيذي للمنتدى، آدم هايمان، إنه "لا تزال لدي مخاوف بشأن الممولين، والصحافة الانتقامية، والحملات اليمينية المستهدفة لوقف تمويل الفنون، ولكن سنرى كيف ستسير الأمور. أشعر أن النقاشات الطويلة والصعبة التي قد تنجم عن ذلك تستحق العناء". 

دعم فلسطين بالرغم من العواقب

إلى جانب المنظمات غير الربحية، أصدرت المعارض التجارية بيانات وخطّطت لفعاليات، على الرغم من تقارير عن إقدام هواة جمع الأعمال الفنية على إدراج فنانين وكيانات تتخذ موقفاً مؤيداً لفلسطين في القائمة السوداء.
وقدّم معرض لاست بروجيكتس، في لوس أنجليس، الفن المتعلق بفلسطين وبالعدوان الإسرائيلي الجاري، وضم أعمال رشيد بوحميدي، وأميتيس موتيفالي، والأميركي الفلسطيني كريم شكيم، والفنان المعمر إرنست روزنتال، وهو يهودي نمساوي المولد.

وعلى مدى الشهرين الماضيين، واجه عاملون عديدون في المجال الثقافي أعربوا عن تضامنهم مع الفلسطينيين، أو طالبوا ببساطة بوقف إطلاق النار، وابلاً من الانتقادات، بل وتأثرت حياتهم المهنية سلباً.
ومن بين هؤلاء شخصيات مشهورة مثل آي ويوي، الذي أُلغي معرض له بعد منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، والفنانة اليهودية المولودة في جنوب أفريقيا كانديس بريتز، التي ألغي معرضها في متحف سارلاند في ألمانيا، بعد أن أدلت بتعليقات على الإنترنت شجبت فيها العدوان واصفةً إياه بـ"القصف اللاإنساني والبشع على غزة".
وتقول المؤسِّسة المشاركة لـ"لاست بروجيكتس"، إيلونا بيرغر: "إذا كنت سأفقد الدعم والعمل بسبب شيء ما أنشره، فإن ذلك يشعرني بالخوف، لكن لا يمكنني عدم الاعتراف بما كان يحدث. شعرت بأنني يجب أن أفعل شيئاً ما".
وردّد إريك فالين، مالك غاليري بينينسولا في نيويورك، والذي أعرب عن دعمه للفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي، قلق بيرغر بشأن التأثير على فناني المعرض، لكنه أفاد بأنه لم يَرَ "أي تداعيات خطيرة". ومثل هاين وبيرغر وآخرين، أكد فالين على أن هويته اليهودية كانت مفيدة في دعمه لتحرير فلسطين، ولم يكن يتعارض معها.
وقال: "إن قراري بإدانة الحصار الإسرائيلي على غزة علناً، لم يكن قراراً صعباً"، مضيفاً: "يجب أن أذكر أيضاً أنني أنتمي إلى مجتمع متزايد من اليهود الذين عارضوا منذ فترة طويلة قمع الحكومة الإسرائيلية للفلسطينيين، ويدينون استخدام المحرقة كمبرر لما يعتبره الكثيرون دولة فصل عنصري".

المساهمون