كيف يتفاعل الدماغ عند مشاهدة الأفلام؟

15 نوفمبر 2024
تضمنت مقاطع الأفلام مجموعة من المحتوى الغني بالتفاعلات البشرية ومشاهد الطبيعة (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- استخدم علماء الأعصاب التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لإنشاء خريطة دماغية توضح تفاعل شبكات الدماغ مع مشاهد الأفلام، مما حدد 24 شبكة وظيفية في القشرة الدماغية مرتبطة بعمليات حسية وإدراكية.
- تقدم الدراسة رؤى حول استجابة الدماغ للمحفزات البصرية والسمعية الديناميكية، وتكشف عن شبكات متخصصة في التعرف على المشاهد والتفاعل الاجتماعي والتحكم التنفيذي، مع تفاعل "الدفع-السحب" بين شبكات التحكم والمناطق المتخصصة.
- استخدمت الدراسة بيانات عالية الدقة وتقنيات تحليل متقدمة، مما يفتح آفاقًا لفهم اضطرابات الدماغ والذاكرة والوظائف الإدراكية، وقد يؤثر على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي مرنة.

من خلال مسح أدمغة الأشخاص أثناء مشاهدتهم لمقاطع من الأفلام، ابتكر علماء الأعصاب الخريطة الوظيفية الأكثر تفصيلاً للدماغ حتى الآن. يظهر تحليل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، الذي نشر يوم السادس من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، في مجلة Cell Press Neuron، كيف تضيء شبكات الدماغ المختلفة عندما يشاهد المشاركون مقاطع قصيرة لمجموعة من الأفلام المستقلة وأفلام هوليوود.

حدد الفريق شبكات دماغية مختلفة، تشارك في معالجة المشاهد مع الأشخاص والأشياء غير الحية والحركة والحوار. استخدم الفريق البحثي بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي عالي الدقة، لتتبع نشاط الدماغ عبر القشرة بأكملها لـ176 شخصاً يشاهدون مقاطع أفلام سمعية بصرية. أدى هذا التحليل إلى إنشاء خريطة مفصلة لـ24 شبكة وظيفية متميزة في القشرة، كل منها مرتبط بعمليات حسية وإدراكية محددة.

على عكس الدراسات التقليدية للدماغ التي تستخدم مسح حالة الراحة أو المحفزات المعزولة، تقدّم هذه الدراسة رؤى حول كيفية عمل الدماغ استجابةً للمحفزات البصرية والسمعية الديناميكية في العالم الحقيقي. "باستخدام الأفلام كتحفيز، يمكننا تنشيط مناطق مختلفة من الدماغ تعالج المشاهد المعقدة والحوار والتفاعلات الاجتماعية في آن"، يقول المؤلف الرئيسي للدراسة، رضا رجمهر، الباحث في جامعة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في تصريحات لـ"العربي الجديد".

يوضح رجمهر أن هذه المنهجية قدمت رؤية شاملة لكيفية استجابة القشرة المخية للمحفزات الطبيعية، وحددت الشبكات الوظيفية التي تستجيب لأنواع معينة من المعالجة الحسية أو الإدراكية.

واكتشف الفريق البحثي شبكات متخصصة في وظائف مثل التعرف على المشاهد، والتفاعل الاجتماعي، والتحكم التنفيذي. "إحدى النتائج الرئيسية كانت تحديد تفاعل (الدفع-السحب) بين ثلاث شبكات تحكم تنفيذية، ومناطق متخصصة في المخ. خلال المشاهد التي تتطلب معالجة معرفية أعلى، مثل تلك التي تتضمن الديناميات الاجتماعية أو حل المشكلات، أصبحت بعض الشبكات العصبية أكثر نشاطاً، بينما تم تقليل نشاط شبكات أخرى"، يقول الباحث. ويضيف: "تبرز هذه الديناميكية التفاعلية كيف يعطي الدماغ الأولوية لأنواع مختلفة من المعلومات استجابة لمتطلبات البيئة المتغيرة، ما يسلط الضوء على مرونة وكفاءة أنظمة معالجة الدماغ".

إضافةً إلى ذلك، وجد الفريق شبكة قشرية فريدة تمتد من القشرة الجبهية الأمامية تستجيب للمشاهد التي تصور المناظر أو البيئات الطبيعية. تظهر هذه الشبكة الانتقائية للمشاهد القدرة الدقيقة للدماغ على التمييز بين أنواع مختلفة من المحفزات البصرية، حتى داخل تجربة سمعية بصرية مستمرة مثل الفيلم.

استفادت الدراسة من بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي عالي الدقة (T7) ضمن مشروع الاتصال البشري، وطبقت تقنية تجميع مدفوعة بالبيانات على بيانات نشاط الدماغ.

تضمنت مقاطع الأفلام التي تتراوح مدتها بين دقيقة وأربع دقائق مجموعة من المحتوى الغني بالتفاعلات البشرية ومشاهد الطبيعة، والمقاطع الغنية بالحوار. ومن خلال تقسيم نشاط الدماغ بناء على هذه التجربة، تمكن الباحثون من تحليل النشاط عبر القشرة الدماغية بمقياس ودقة غير مسبوقين. جُمّعت بيانات كل منطقة من مناطق الدماغ وفقاً لنمط استجابتها الفريد، ما أدى في النهاية إلى إنتاج خريطة هرمية تمثل بصرياً كيفية تفاعل وتنشيط مناطق القشرة الدماغية المختلفة خلال أنواع مختلفة من المشاهد والمحاورات السمعية. ترتبط هذه الخريطة بمناطق قشرية معينة مع مدخلات حسية معينة أو مهام معرفية، ما يوفر رؤية شاملة لوظيفة الدماغ.

يعتقد المؤلف الرئيسي للدراسة أن هذه النتائج قد يكون لها آثار بعيدة المدى على فهم اضطرابات الدماغ، وعمليات الذاكرة، والوظائف الإدراكية. على سبيل المثال، فإن فهم كيفية تفاعل شبكات التحكم التنفيذي مع المناطق المتخصصة، يمكن أن يساعد الباحثين في دراسة الحالات التي يختل فيها هذا التوازن، مثل اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أو اضطرابات طيف التوحد. علاوة على ذلك، فإن القدرة على رسم استجابات الدماغ للمؤثرات الطبيعية تفتح آفاقاً جديدة لاستكشاف كيفية معالجة الدماغ للتجارب اليومية. ووفقاً لرجمهر، فإن هذه النتائج قد تؤثر حتى على التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، إذ إن فهم الاستجابات التكيفية للدماغ قد يوجه تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر مرونة.

المساهمون