تتعرّض "حقوق الصورة" الخاصة بالأطفال لانتهاكات بالجملة على مواقع التواصل الاجتماعي، وفق ما تنبّه إليه السلطات العامة والجمعيات الأهلية في فرنسا.
ومن الأمثلة على ذلك نشرُ مشاهد مهينة تهدف إلى إضحاك المستخدِمين، وعدم تردّد مشاهير الشبكات في نشر صور من حياتهم الأسرية، فيما يُدرج بعض الأهل على حساباتهم صوراً لأبنائهم اعتقاداً منهم بأنّها عادية.
ويبرز "تحدي الجبنة" على "تيك توك" كنموذج للمشاهد المهينة، ويتمثل في إلقاء قطعة من الجبنة الذائبة على وجه الطفل وتصوير ردة فعله. وبنتيجة هذه الخطوة، يظهر الأطفال متفاجئين، ومنهم من يبكي أو يحاول إزالة قطعة الجبنة عن وجهه، في ظل ضحكات الوالدين التي تُسمع في مقطع الفيديو.
ويختار بعض مستخدمي الإنترنت توثيق حياتهم الأسرية، ومن بينهم أم، يُتابع حسابها 1.2 مليون مستخدم، تقوم بتصوير أبنائها وهم ينفذون تحديات للحصول على أموال، أو تشجّع ابنتها البالغة من العمر عشر سنوات على التظاهر بأنّها تدخّن لإثارة استغراب أخيها الصغير.
ويقول رئيس مرصد الأبوة والتعليم الرقمي (أوبن) توما رومير: "هناك آباء يكسبون آلاف اليورو شهرياً من خلال إلقاء البطاطا المهروسة على رؤوس أبنائهم"، مضيفاً أنّ "هذه الممارسات تندرج في إطار العنف التعليمي الرقمي، في وقت نكافح فيه الممارسات التي تنطوي على إهانات".
ولا يشكل كلّ ما سبق تجاوزات لناشطين في مواقع التواصل يسعون إلى الشهرة فحسب، إذ انتشر أخيراً عبر الشبكات الاجتماعية مقلب بعنوان "شرطة الأطفال"، يتمثل في بث تسجيل لشرطي زائف يقول: "طفلك لا ينفّذ تعليماتك؟ سنضعه في السجن. نحن آتون"، ليظهر الطفل في مقطع الفيديو خائفاً أو باكياً.
قانون جديد
وعلى خلفية مطالبة غالبية الفاعلين في السلطة بتنظيم استخدام الأطفال والمراهقين الشبكات الاجتماعية، يدرس مجلس النواب الفرنسي، اليوم الاثنين، اقتراح قانون يرمي إلى حماية "حقوق الصورة" الخاصة بالأطفال، فيما كان النواب تبنّوا الخميس قانوناً يُلزم شبكات التواصل الاجتماعي على التحقّق من موافقة الوالدين قبل إنشاء أيّ حساب لمَن هم دون الخامسة عشرة.
وتقول وزيرة الدولة لشؤون الأطفال شارلوت كوبيل، في حديث إلى وكالة "فرانس برس": "قد يتم تعليق حقّ التصوير الخاص بالآباء الذين يسيئون بصورة خطرة إلى صور أبنائهم".
ويوضح النائب برونو ستوديه، الذي رفع اقتراح القانون: "في حال وجود خلاف بين الآباء، يتعيّن الحصول على موافقة الطرف الآخر قبل نشر أيّ صورة وإخراجها من إطارها الخاص".
ويتابع: "ينبغي أن يمارس الوالدان حقهما في تصوير أبنائهما مع احترام حياتهم الخاصة"، مضيفاً: "في المتوسط، يظهر طفل واحد لا يتخطى عمره الـ13 سنة من بين كل 1300 صورة منشورة عبر الإنترنت في حساب له أو لأحد أقاربه".
استغلال الأطفال جنسياً
إلى جانب التجاوزات التي يُعنى بها أطفال في مواقع التواصل والإنترنت، قد ينطوي النشر المفرط لصور أو مقاطع فيديو تُعدّ مبتذلة أو "بريئة"، وتبقى في الإنترنت لسنوات، على انتهاكات خطرة لحقوق الصورة الخاصة بالأطفال، على ما تحذّر الجمعيات.
ويؤكد توما رومير أنّ "رؤية المراهق صوره منتشرة عبر الإنترنت تضر بثقته بنفسه، إذ من المحتمل أن يعرّضه ذلك للتنمر ويضرّ بعلاقته مع والديه".
وتوصّلت دراسة شملت 25 بلداً ونشرتها شركة مايكروسوفت عام 2019، إلى أنّ أربعة من كل عشرة مراهقين يواجهون مشكلة مرتبطة بعرض آبائهم منشورات لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وحتى لو كانت الصور عادية و"بريئة"، قد تُستخدم في شبكات تستغل الأطفال جنسياً. ويقول ستوديه إنّ "50% من الصور التي تُنشر في مواقع لاستغلال الأطفال جنسياً تكون منشورة أساساً عبر حسابات الآباء في مواقع التواصل"، مضيفاً "إنّ بعض الصور وتحديداً صور الأطفال وهم عراة، أو تلك التي تظهر فتيات صغيرات يرتدين ملابس رياضة الجمباز، تثير اهتماماً خاصاً لدى مستغلي الأطفال جنسياً".
وتقول رئيسة جمعية كاميليون، التي تكافح الاستغلال الجنسي للأطفال، سوشياتا سيم، إنّ "الصور الملتقطة خلال الإجازات العائلية أو التي تُظهر فتيات يرتدين تنانير التوتو، تثير اهتمام المجرمين الذين لا يتوانون عن مشاركتها واستخدامها، ويسعون بفضل بيانات منشورة عن الأطفال للوصول إلى الطفل المعني أو والديه".
(فرانس برس)