كواليس طرد الموظفين من "تويتر"

21 نوفمبر 2022
طُرد أكثر من نصف موظفي الشركة (جوناثان را/Getty)
+ الخط -

"كنت في اتصال فيديو مع حوالي 40 شخصاً من زملائي. بدأوا واحداً تلو الآخر يُعلنون خبر فصلهم من الشركة. لم يُبلّغوا عن طريق رسالة رسمية. فهموا الأمر، كلٌّ من جهته، بعد أن انتقلت حواسيبهم التابعة للشركة (فجأة) إلى وضعيّة "إعادة التشغيل"، وصارت الشاشات أمامهم رمادية. لم يعد في قدرتهم الولوج إلى حواسيبهم".
روى الموظف السابق في شركة تويتر إيمانويل كورنيه، في مقابلة مع صحيفة ليبراسيون الفرنسية، رحلة سبعة أشهر من "الفوضى"، عاشتها الشركة بموظفيها وإدارتها، وصولاً إلى البدء بطرد قسم من الموظفين واحداً تلو الآخر. هذه الأشهر من المفاوضات، التي تُوجّت بإتمام صفقة شراء تويتر من قبل إيلون ماسك، جاءت بجميع تفاصيلها "سريعة ومُباغتة"، على حدّ وصف كورنيه. 
المهندس الأربعيني (فرنسي الجنسية)، الذي عمل في مقرّ الشركة في كاليفورنيا، هو أول الموظفين المطرودين الذي يقدّمون سرداً مُفصّلاً للصحافة الفرنسية عمّا حصل في مقر الشركة في الأشهر الأخيرة. بدأ كورنيه عمله مع تويتر في شهر يوليو/تموز من عام 2021، قبل أن يُطرد في الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي. عبور سريع مقارنة بالخمسة عشر عاماً التي قضاها في شركة غوغل. طردٌ فوري بحجة "كسره بعض القواعد".
هذه الرسالة تلقّاها أكثر من نصف موظفي الشركة (مجموعهم 7500 موظف). لهذا قرّر كورنيه، مع أربعة من الموظفين السابقين، المواجهة وتقديم دعوى قضائية جماعية ضد الشركة، بسبب الطرد التعسفي ومن دون دفع تعويضات مالية. وحسب معلومات نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن مسؤولين تنفيذيين في الشركة حذروا ماسك من أن خطته لطرد الموظفين قد تنتهك قوانين العمل وتخرق العقود. لكن فريق ماسك قال إنه اعتاد الذهاب إلى المحاكم ودفع التعويضات. وحسب معلومات الصحيفة، بعد ساعات من إتمام عملية الشراء، جمع ماسك العديد من المدراء التنفيذيين للموارد البشرية في "غرفة حرب" في مكاتب الشركة، وذلك للاستعداد لعمليات التسريح. 
لا يجد المهندس إيمانويل كورنيه أي معنى لكل ما حصل ويحصل. يُشير في مقابلته مع "ليبراسيون" إلى زميله الذي كان واحداً من الأكثر إنتاجيّة ونشاطاً في الشركة (نوعية وكمية العمل على حدّ سواء) طُرد: لو كان على أحدٍ منّا البقاء لكان هو! أمّا حكاية طرده فجرت أولا عبر تعطّل حاسوبه. ظنّ كورنيه للوهلة الأولى أن قراصنة نجحوا بدخول حاسوبه وقرصنته. لكن بعد نصف ساعة من الأمر، تلقى الرسالة الرسمية التي أبلغته طرده من العمل. ردّ على رسالة طرده هذه مُحاولاً السؤال عن الأسباب. طبعاً لم يحصل على أي شرح ممكن. ولكن "من السُخرية أن الموظف الذي بلّغني خبر طردي، طُرد بعدها بأيّام (في الرابع من شهر نوفمبر)". لم يكن الخبر حزيناً بالنسبة لكورنيه، لكنه يحكي عن انقلاب حياة بعض من زملائه بفعل هذه القرارات الفجائية والصارمة. يُشير، على سبيل المثال، إلى موظفة أنجبت طفلاً يوم الخميس. يوم الجمعة، تلقّت خبر طردها. 

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

أمّا مراحل إتمام الصفقة، فيصفها كورنيه بالفترة المضطربة والمليئة بالفوضى. تعبير الفوضى استخدمته أيضاً صحيفة "نيويورك تايمز" لوصف كواليس عمليات الطرد وما تبعها. كانت عملية طويلة ومتقلّبة وغير واضحة، شوّشت الموظفين ونوّمتهم مغناطيسيّاً على حدّ وصف كورنيه. وهذا ما خلق لديهم شعوراً بكونهم مجرّد بيادق في لعبة شطرنج. أمّا في الأيام الأولى التي تلت عملية الشراء، فيحكي كورنيه عن قدوم مهندسين عاملين في شركة "تسلا" للقاء العاملين في تويتر، وهي معلومة ذكرتها العديد من الصحف الأميركية. ما الذي حصل في هذه اللقاءات؟ غالباً، ما جرى إخطار الموظفين نصف ساعة قبل الاجتماع بهم، طالبين منهم إحضار مجموع الرموز (الكود) التي كتبوها خلال الاثني عشر شهراً الأخيرة. يروي كورنيه أنّ الموظفين بدأوا بطباعة وإحضار أكوام من الورق معهم إلى الاجتماعات. هذه الاستعانة بمهندسين من "تسلا"، برأي كورنيه، كان الهدف منها تصفية الموظفين بسهولة وسرعة، خاصة أن حكم هؤلاء جاء بناءً على كميّة العمل المُنجز وليس على جودته. 
يستمرّ الموظفون بسرد تفاصيل ما حصل معهم، بينما تستمر أخبار "تويتر" وصاحبه الجديد إيلون ماسك باحتلال مساحة هائلة من الأخبار. يحصل هذا خلال الأسابيع الأولى فقط، وهذا ما يعد بالكثير بعد. غالباً ما يحتاج الناس وقتاً لاستيعاب ما يحصل، وأخذ مسافة، قبل البوح التام. لهذا، يبدو أن إيلون ماسك وتويتر سيستمرّان باحتلال مساحتهما في حيّز الأخبار. 

المساهمون