كتّاب يقاطعون "بِن أميركا": تخون التزامها بالسلام

19 ابريل 2024
خلال تظاهرة مناصرة للفلسطينيين في نيويورك، 28 مارس 2024 (سلجوق أكار/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في خطوة تضامنية مع الكتّاب الفلسطينيين، انسحب 31 مؤلفًا ومترجمًا من جوائز "بِن أميركا" الأدبية لعام 2024، احتجاجًا على ما يعتبرونه فشل المنظمة في حماية الكتّاب الفلسطينيين خلال الهجمات على غزة.
- المحتجون طالبوا بالاستقالة الفورية لقيادات المنظمة، مشيرين إلى التناقض في مواقف "بِن أميركا" مقارنة بفروعها العالمية، ما يبرز الفجوة في المواقف الدولية تجاه القضية الفلسطينية.
- "بِن أميركا" ردت مؤكدة على أهمية الحوار والنقاش، حتى في ظل الأزمات، بينما يعكس الانسحاب الجماعي للكتّاب دور الأدب والمثقفين في الاحتجاج والتعبير عن التضامن مع القضايا الإنسانية.

سحب 31 مؤلفاً ومترجماً أعمالهم من المنافسة أو رفضوا جوائز منظمة بِن أميركا Pen America الأدبية لعام 2024، بسبب "فشلها في حماية" الكتّاب الفلسطينيين في غزة، حيث تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي حرب إبادة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. إذ سحب تسعة من أصل عشرة مرشحين لجائزة بِن/جين ستاين للكتاب PEN/JeanStein، وقيمتها 75 ألف دولار، كتبهم من قائمة الترشيحات، وبينهم كريستينا شارب وكاثرين لاسي وجوزيف إيرل توماس. كما وقّع 21 كاتباً من الكتّاب المنسحبين، إضافة إلى تسعة آخرين، رسالة، الثلاثاء، تطالب بالاستقالة الفورية للرئيسة التنفيذية للمنظمة سوزان نوسيل والرئيسة جينيفر فينّي بويلان وكل أعضاء اللجنة التنفيذية.

وركزت هذه الرسالة على "التناقض الصارخ" في مواقف "بِن أميركا" وفروعها الأخرى حول العالم، فـ"بِن الإنكليزية English PEN وبِن الأيرلندية Irish PEN وبِن الويلزية Wales PEN انتقدت علناً دعم حكومة المملكة المتحدة لإسرائيل، وطالبت بإجراء تحقيقات في صفقات بيع الأسلحة لها، وطالبت بالضغط سياسياً على إسرائيل كي تمتثل للقانون الدولي. في المقابل، لم توجه بِن أميركا أي انتقاد للتواطؤ الأميركي في قصف قطاع غزة". ولفتت الرسالة إلى أن العديد من الموقعين الذين لا يزالون في بداية مسيرتهم المهنية و"يعتمدون على أموال الجائزة لتمويل احتياجاتهم الأساسية" يفهمون "الأخطار التي سيتكبدونها جراء صدهم منظمة تحتكر وتسيطر على المجتمع الأدبي".

الكاتبة مايا بينيام، التي سحبت روايتها "هانغمان" Hangman من قائمة الترشيحات لجائزتي "بِن/جين ستاين" و"بِن/همنغواي" PEN/Hemingway (قيمتها 10 آلاف دولار)، كتبت على منصة إكس (تويتر سابقاً)، أن المسؤولين في المنظمة "عليهم الخجل من أن فشلهم دفع الكتّاب الذين تستحق أعمالهم الاحتفاء بها إلى اتخاذ قرارات كهذه".

خلال إبريل/ نيسان الحالي، رفضت الكاتبة إستر ألين جائزة "بِن/رالف مانهايم" PEN/Ralph Manheim للترجمة، وهي جائزة تُمنح كل ثلاث سنوات. وقالت ألين إنها رفضت الجائزة تضامناً مع الكتّاب الذين انتقدوا "صمت بِن أميركا أمام الإبادة الجماعية للفلسطينيين".

في المقابل، شددت "بِن أميركا"، في بيان وجهته لصحيفة ذا غارديان البريطانية، أمس الخميس، على أنها "بنت وحافظت على خيمة كبيرة هشة للنقاشات، على اختلافاتها، لأكثر من قرن". وأضافت أن "الحرب الحالية على غزة مروعة، لكن لا يمكننا الموافقة على أن الرد على معضلاتها المؤلمة وعواقبها يكون عبر الحد من النقاشات وتكريم الكتّاب وتسليط ضوء أقل على مساهماتهم النقدية". وقال متحدث باسم "بِن أميركا"، لـ"ذا غارديان"، إنها تتواصل مع الكتّاب المرشحين لجائزة "بِن/جين ستاين" و"توقفت عند الإعلان عن المتأهلين للتصفيات النهائية".

ويأتي انسحاب الكتّاب من المنافسة على جوائز المنظمة الأميركية بعدما كان زملاء لهم قد انسحبوا من دورة هذا العام من مهرجان "بِن وورلد فويسز" PEN World Voices، على خلفية موقفها من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة والأزمة الإنسانية هناك. ففي مارس/ آذار الماضي، وقّع الكتاب على رسالة مفتوحة اتهموا فيها "بِن أميركا" بـ"خيانة التزامها المعلن بالسلام والمساواة للجميع وبالحرية والأمن للكتّاب في كل مكان". وجاء في رسالة الكتّاب: "خلصنا إلى أن حضور دورة هذا العام من المهرجان سيكرس فقط وهم أن (بِن أميركا) تكرس جهودها فعلاً لـ(الدفاع عن حرية التعبير وسط النضال الإنساني ضد القمع)، كما تزعم. في سياق الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة، نحن نؤمن أن (بن أميركا) خانت التزامها المعلن بالسلام والمساواة للجميع وبالحرية والأمان للكتّاب في أنحاء العالم كافة".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

واحتج الكتّاب الذين لن يشاركوا في المهرجان هذا العام على عدم بذل "بِن أميركا" ما يكفي لتسليط الضوء على "حجم ونطاق الاعتداءات التي تستهدف الصحافيين في غزة، أو على الخطاب الفلسطيني والقطاع الثقافي ككلّ"، وقارنوا ذلك بإدانة المنظمة الشديدة اللهجة للحرب في أوكرانيا. عام 2022، رداً على الغزو الروسي لأوكرانيا، دشنت المؤسسة "مؤتمر الأصوات العالمية الطارئة للكتّاب"، وجعلته جزءاً من المهرجان السنوي، وذلك لمعالجة الصراع ومناقشة كيف يمكن للمؤلفين تشجيع الحوار وحماية حرية التعبير في أوقات الحرب. وتضمنت قائمة الموقعين على الرسالة روائيين وشعراء، بينهم لوري مور ونايومي كلاين ومايكل ألكسندر وهشام مطر وإيزابيلا حمّاد وزينة عرفات ومازا منغستي.

ردّت حينها المؤسسة الأميركية ببيان جاء فيه أن أعضاءها "يشهدون مذعورين الخسائر الوحشية والمعاناة الإنسانية"، و"اعترفوا بالتحديات التي تواجهها المؤسسات الأدبية والثقافية في جهودها للتطرق إلى الصراع". وأضافت "بِن أميركا" في بيانها: "باعتبارنا مؤسسة مهمتها توحيد الكتّاب إزاء الانقسامات، فإننا نتحمل موجات الصدمة نفسها التي يتلقاها العديد من المؤسسات الزميلة. نحن نجري محادثات مع العديد من الكتّاب حول كيفية أن نكون صادقين مع دوائرنا المتنوعة ومبادئنا ورسالتنا. نحن نركز بشدة على الكيفية التي يمكننا بها، في هذه اللحظة من الاستقطاب المتصاعد، الوفاء بوعد مؤسسة كانت مهمتها، لأكثر من قرن، تعزيز دور الكتّاب والأدب كجسر عبر الانقسامات العميقة". وأشارت "بِن أميركا" إلى أنها لم تحسم حتى هذه اللحظة موعد إقامة المهرجان، وأنها لا تستطيع تقديم تفاصيل حول ما إذا كان الحدث سيتطرق إلى العدوان الذي تشهده غزة أم لا.

وقد انتُقدت "بِن أميركا" التي اتخذت مواقف ضد حظر الكتب والرقابة سابقاً من الكتّاب الذين يحثونها على إظهار المزيد من الدعم للكتّاب والمدنيين الفلسطينيين. في فبراير/ شباط الماضي، وقّع مئات الكتّاب رسالة تطالب المؤسسة "بالرد على التهديد الاستثنائي الذي تمثله الإبادة الجماعية الإسرائيلية للفلسطينيين على حياة الكتّاب في فلسطين وعلى حرية التعبير في كل مكان".

يفترض أن يقام المهرجان في مايو/ أيار المقبل في مدينتي نيويورك ولوس أنجليس الأميركيتين، ويستقطب عادة مئات الكتّاب الأميركيين والعالميين. أطلق المهرجان قبل نحو عشرين عاماً، لتشجيع الحوار بين الكتّاب من دول العالم كافة، في مواجهة الانعزالية وكراهية الأجانب في الولايات المتحدة بعد هجمات اعتداءات 11 سبتمبر/ أيلول 2001. في السنوات السابقة، عقد المهرجان حلقات نقاش حول قضايا مثل النوع الاجتماعي والسلطة، والاضطرابات والمقاومة السياسية، والمضايقات عبر الإنترنت والتهديدات للخصوصية وحرية التعبير.

وبينما وقع ما يقرب من 50 مركزاً من مراكز "بِن" على دعوة لوقف إطلاق النار في غزة في أواخر أكتوبر، لم تنضم "بِن أميركا" إليها حتى 20 مارس، وهو ما اعتبره العديد من الكتّاب المحتجين متأخراً للغاية. وقال الكاتب أليخاندرو فاريلا، الذي أدرج في القائمة الطويلة لجائزة "بن/جين ستاين"، عبر منصة إكس، إنه لا يستطيع الانضمام إلى "منظمة تدعم حقوق الإنسان وتنتظر خمسة شهور لتدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة".

وقالت المديرة التنفيذية لـ"بِن إنترناشونال" PEN International رومانا كاتشيولي: "تدعو المنظمة العالمية إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، وإنهاء حصار غزة، والوصول الفوري إلى المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح جميع الرهائن". ومع ذلك، أشارت إلى أن كل مركز من مراكز المنظمة، البالغ عددها 130 في 90 دولة، يتمتع بالاستقلالية. وأضافت: "باعتبارنا منظمة تدافع عن حرية التعبير، فإننا نحترم حق مراكزنا في اتخاذ مواقف مختلفة، ونحترم حق الكتّاب في الانسحاب من المهرجان".

المساهمون