اختيار سينمائيّ فنّاً آخر، لقولٍ أو بوحٍ أو تعبير، تقليدٌ متّبع في العالم. سينمائيون/سينمائيات عديدون يكتبون روايات وشعراً، أو يعتمدون التشكيل مساحة لهم/لهنّ، أو يحترفون مهناً أخرى، كتصميم الأزياء والأحذية، وتأليف الموسيقى وعزفها، أو يُبدعون في "القصص المُصوّرة" والصُور الفوتوغرافية.
سبب ذلك ذاتي بحت. البعض يعترف به، وإنْ يظلّ الاعتراف/السبب غير مهمّ. الحاجة إلى متنفّس آخر سببٌ جوهري، يتساوى والانبهار بفنّ أو مهنة غير السينما، إخراجاً وتمثيلاً، أساساً. في الغرب، يتباهى سينمائيون/سينمائيات بمنجزاتٍ غير سينمائية لهم/لهنّ. فهذا، بالنسبة إليهم/إليهنّ، عاديّ وطبيعي، وجزءٌ من موهبة أو رغبة أو شغف. عربياً، يندر حصول هذا. لكنّه حاضرٌ بالتأكيد. الأمثلة معروفة: للسوري محمد ملص كتاباتٌ أدبية عن تجارب له وأفلام، كما عن آخرين. اللبنانيان محمد سويد وغسان سلهب يلجآن إلى الرواية (سويد) والنصوص الأدبية (سلهب). المغربي هشام لعسري يختار الكتابة الأدبية، منها الرواية، لتعبيرٍ/سردٍ مختلف.
آخر هؤلاء، المصري خيري بشارة. "الكبرياء الصيني" (دار الشروق، القاهرة، الطبعة الأولى، 2023) رواية أولى له، بعد مسارٍ في الإخراج السينمائي متنوّع التجارب.
"قصة كونج يونج" (العنوان الفرعي) تغوص في تاريخٍ وجغرافيا واجتماع وتقاليد وثقافات وصراعات ورغبات ومواجهات وانفعالات وعلاقات. الجغرافيا موزّعة على الصين ومصر وإيران ودول قليلة أخرى. التاريخ عائدٌ إلى بدايات القرن الـ20، الذي (التاريخ) يتمدّد فيه طويلاً (القرن الـ20).
أسلوب السرد عادي ومبسّط وهادئ. فصول كثيرة، لكنّها قصيرة، وهذا مُريح في القراءة. الشخصيات كثيرة أيضاً، وبعضها منتمٍ إلى السينما، كليلى مراد وفطين عبد الوهاب وبروس لي، وإلى الأفلام، التي تُعرض في صالة صيفية، مع تحديدٍ للتواريخ؛ وبعضها الآخر إلى السياسة والحكم، ومنها الملك فاروق والأميرة نورهان. الفساد والقتل والجرائم والاحتلال والقمع والعنف، مسائل متداولة في نصٍّ جاذبٍ وممتع (517 صفحة)، يُقدّم معلومات إلى جانب مُتخيّل، منبثق من وقائع وحقائق.