كاميلا تخرج من ظل ديانا: محطاتٌ في حياة عقيلة ملك بريطانيا الجديد

09 سبتمبر 2022
تشارلز وكاميلا تزوجا عام 2005 (كريس جاكسون/Getty)
+ الخط -

وصفت الأميرة الراحلة ديانا ذات يوم كاميلا، الزوجة الحالية للملك البريطاني الجديد تشارلز الثالث، بـ"روتويلر"، وهي فصيلة من الكلاب. ربما لم تحظ كاميلا إطلاقاً بحبّ الناس، لكنها أصبحت الآن عقيلة الملك، وتحمل لقباً لم يتصوره كثيرون قبل 25 عاماً.

عندما توفيت الأميرة المحبوبة الفاتنة والزوجة الأولى لتشارلز عن 36 عاماً بحادث سيارة في باريس عام 1997، صورت وسائل الإعلام كاميلا على أنها أكثر امرأة مكروهة في بريطانيا، وهي لم تكن لتتزوج قط من تشارلز، ناهيك بأن تصبح ملكة.

انفصل تشارلز وديانا عام 1992، وتطلقا عام 1996. وألقت ديانا باللوم على كاميلا التي غالباً ما تُصور على أنها هادئة رثة المظهر في تدمير زواجها. ودائماً ما وقعت كاميلا البالغة من العمر‭ ‬الآن 75 عاماً في مقارنة بزوجة تشارلز الأولى الفاتنة.

تشارلز وديانا في رحلتهما الرسمية الأخيرة معاً عام 1992 (تيم غراهام/Getty)

لكن تشارلز وكاميلا تزوجا عام 2005، ومنذ ذلك الحين تم الاعتراف بها، وإن كان على مضض من قبل البعض، كعضو رئيسي في العائلة المالكة التي ساعد تأثيرها الجيد على زوجها في تعامله مع دوره الملكي.

قالت كاميلا لتشارلز في محادثة هاتفية مسجلة سراً نُشرت عام 1993: "سأعاني أي شيء من أجلك. هذا هو الحب. هذه هي قوة الحب".

بُددت أي شكوك عالقة حول وضعها المستقبلي في الذكرى السبعين لتولي الملكة إليزابيث العرش، في فبراير/شباط من هذا العام، عندما أعطت إليزابيث مباركتها لكاميلا بأن تصبح عقيلة الملك عندما يخلفها تشارلز على العرش. وقالت الملكة حينها إنها تفعل ذلك "برغبة صادقة".

وقال تشارلز في ذلك الوقت: "نظراً لأننا سعينا معاً لخدمة ودعم جلالة الملكة ومجتمعنا، كانت زوجتي العزيزة مصدر دعمي المخلص طوال الوقت".

نشأتها

ولدت كاميلا شاند عام 1947 لعائلة ثرية، إذ كان والدها ضابطاً برتبة ميجر وتاجر نبيذ وتزوج من أرستقراطية، ونشأت في مزرعة ريفية، وتلقت تعليمها في لندن قبل الذهاب إلى مدرسة مون فيرتل في سويسرا ثم المعهد البريطاني في فرنسا.

وانخرطت في الدوائر الاجتماعية التي جعلتها على اتصال بتشارلز الذي التقت به في ملعب بولو في أوائل السبعينيات. قال كريستوفر ويلسون الذي ألّف كتاباً عن علاقة الزوجين: "انقلب عالمه رأساً على عقب، ولا أعتقد أنه تعافى من ذلك إطلاقاً".

تقول روايات إنه في الأيام الأولى نبهت كاميلا تشارلز بأن جدتها الكبرى، أليس كيبل، كانت عشيقة لفترة طويلة لأمير ويلز السابق الذي أصبح الملك إدوارد السابع، ثم قالت على ما يبدو: "ما رأيك في ذلك؟".

تشارلز: كانت زوجتي العزيزة مصدر دعمي المخلص طوال الوقت (نيل موكفورد/Getty)

تواعد الاثنان لبعض الوقت، وقال كاتب السيرة الذاتية جوناثان ديمبلبي إن تشارلز كان يفكر في الزواج في ذلك الوقت، لكنه شعر بأنه أصغر من أن يتخذ مثل هذه الخطوة الكبيرة.

عندما التحق بالبحرية الملكية، تزوجت كاميلا بضابط في سلاح الفرسان، وهو البريجادير أندرو باركر بولز. وأنجبا طفلين، هما توم ولورا. وتطلقا عام 1995.

"كنا ثلاثة في هذا الزواج"

عام 1981، تزوج تشارلز من ديانا عندما كانت في سن العشرين، في حفل زفاف لم يأسر سحره بريطانيا فحسب، بل العالم كلّه. ومع ذلك، وعلى الرغم من إنجاب طفلين، هما ويليام وهاري، فإن العلاقة ساءت بعد بضع سنوات، وأعاد الأمير إحياء علاقته العاطفية مع حبيبته السابقة.

تكشفت أسرار علاقتهما للجمهور الذي شعر بالصدمة عام 1993، عندما نشرت نسخة مكتوبة من محادثة خاصة مسجلة سراً في الصحف مع تفاصيل حميمة، مثل قول الأمير إنه يرغب في العيش داخل سراولها. وقال: "إنجازك العظيم هو أن تحبيني"، فأجابت: "يا حبيبي هذا أمر في غاية السهولة".

في مقابلة تلفزيونية شهيرة في العام التالي، اعترف تشارلز بأنه أحيا علاقتهما بعد مرور أقل من ست سنوات على زواجه من ديانا، لكنه قال إن ذلك حدث فقط بعد انهيار زواجهما بشكل لا رجعة فيه.

دائماً ما وقعت كاميلا البالغة من العمر‭ ‬الآن 75 عاماً في مقارنة بديانا (أنور حسين/Getty)

ومع ذلك، أطلقت ديانا على كاميلا لقب "روتويلر"، وألقت باللوم عليها في الانفصال. ومع انهيار علاقتها بتشارلز، قالت في مقابلة تلفزيونية عام 1995: "كنا ثلاثة في هذا الزواج، لذلك كان المكان مزدحماً بعض الشيء".

ومع إضفاء ديانا بريقاً على قصر ويندسور بإطلالتها المتلألئة، لم يستطع العديد من البريطانيين استيعاب سبب تفضيل تشارلز لكاميلا التي عادة ما تظهر مرتدية وشاحاً ومعطفاً أخضر اللون ضد الماء.

وقال الأمير فيليب، زوج إليزابيث، في رسالة إلى ديانا: "كان تشارلز مخطئاً بالمخاطرة بكل شيء مع كاميلا بالنسبة لرجل في منصبه. لا أستطيع أن أتخيل أن أي شخص في كامل قواه العقلية يتركك من أجل كاميلا".

ومع ذلك، يقول المقربون من تشارلز إن كاميلا وفرت له متنفساً من واجباته الملكية الصارمة وتربيته في القصر، كما لم يفعل أي شخص آخر. وبعد انهيار زواجه من ديانا، قيل إنه اشترى لكاميلا خاتماً من الألماس وحصاناً وأرسل لها باقات من الورود الحمراء يومياً.

تشارلز وكاميلا عام 1972 (Getty)

كتب ديمبلبي في كتاب السيرة الذاتية المعتمد: "لم يكن هناك أي شك في أنهما أحبا بعضهما البعض: في كاميلا باركر بولز وجد الأمير الدفء والتفهم والاستقرار، وهي أمور طالما اشتاق إليها ولم يتمكن من إيجادها مع أي شخص آخر".

وأضاف: "علاقتهما صورت لاحقاً على أنها مجرد علاقة عاطفية. ومع ذلك، بالنسبة للأمير، كانت مصدراً حيوياً للقوة لرجل كان حزيناً للغاية بسبب الفشل الذي كان يلوم نفسه عليه دائماً".

إعادة بناء الصورة

بعد وفاة ديانا، تولى مساعدو العائلة المالكة مهمة إعادة تحسين صورة العائلة، التي اهتزت لسنوات جراء تناول وسائل الإعلام لقصص سلبية عن الخيانة. وبدأ مساعدو العائلة تدريجياً مهمة دمج كاميلا في الحياة العامة على نحو أكبر.

جاء أول ظهور علني للثنائي معاً في حفل عيد ميلاد أخت كاميلا، في فندق ريتز في لندن عام 1999، وبحلول عام 2005 تمكنا من الزواج.

في السنوات التي تلت ذلك، تلاشى النقد في الصحافة تماماً، إذ باتت لها مكانتها في العائلة. ويقول مراقبو العائلة المالكة إن روح الدعابة التي تتمتع بها ساعدت في كسب ودّ من قابلوها.

في السنوات التي تلت باتت لها مكانتها في العائلة (دومينيك ليبينسكي/Getty)

وقال سكرتير اتصالات الملكة من 1998 إلى 2001، سايمون لويس، لوكالة رويترز: "بدا أنهما زوجان سعيدان للغاية في صحبة بعضهما البعض". وأضاف: "تلك الفترة التي كنت فيها في القصر، سرت كل التكهنات حول علاقتهما. تم التعامل مع هذا كله. انتهى كل شيء، وأعتقد أنهما في الواقع زوجان سعيدان للغاية".

عندما أصبحت السيارة الملكية التي كانت تقل الزوجين محصورة في خضم أعمال عنف في لندن عام 2010 بعد احتجاجات طلاب، تعرضت كاميلا، بحسب ما ورد، للنغز بعصا عبر نافذة مفتوحة، فأشادت الصحف برزانتها عندما قالت لاحقاً مازحة: "هناك أول مرة لكل شيء".

عام 2013، انضمت إلى زوجها في الافتتاح الرسمي للبرلمان، وهي مناسبة مهمة، جلست فيها إلى جانب تشارلز والملكة والأمير فيليب، مرتدية تاجاً يعود للملكة الأم.

يقول خبراء العلاقات العامة إن ذلك كان نتيجة الكثير من العمل الجاد والحذر لفريق الدعاية التابع للأمير، لكن مساعدين قالوا إن ذلك يرجع أساساً إلى شخصية كاميلا. وأفاد مساعد كبير سابق في القصر لـ"رويترز": "أعتقد أنه في حالة الدوقة، الأمر ببساطة هو أن الناس كان يجب أن يعرفوها بشكل أفضل، وقد أحبوا ما رأوه وسمعوه عنها". وأضاف: "الأمر ليس حملة علاقات عامة علنية لجعلها تبدو جيدة. إنها تؤدي دورها بشكل جيد حقاً".

تشارلز وكاميلا في مصر العام الماضي (بيتر نيكولز/Getty)

رداً على سؤال حول كيفية تعامل كاميلا مع دورها، أبلغ تشارلز شبكة سي أن أن، عام 2015: "يمكنك أن تتخيل أنه كان تحدياً حقيقياً، لكنني أعتقد أنها كانت رائعة بالطريقة التي تعاملت بها مع هذه الأشياء".

الصحف الشعبية التي كانت في يوم من الأيام تنتقدها بشدة باتت الآن تسرف في الثناء عليها. كتبت "ديلي ميل" في مقالها الافتتاحي، في فبراير/شباط الماضي: "لا أحد يدعي أنه كان من السهل على دوقة كورنوال أن تخلف ديانا. ولكن بوقار، وروح دعابة سهلة وتعاطف واضح، ارتقت إلى مستوى التحدي. إنها، بكل بساطة، مصدر دعم تشارلز".

الصحيفة نفسها، منذ ما يقرب من 17 عاماً قبل يوم من إعلان خطبة تشارلز وكاميلا، قالت: "إذن هل الجمهور الآن في حالة مزاجية للتسامح مع الطريقة السيئة التي عوملت بها ديانا؟ الخطأ هو السماح لكاميلا بأن تُعرف باسم صاحبة السمو الملكي، اللقب نفسه الذي سلب بلا رحمة من ديانا بعد طلاقها".

كاميلا لم تفز أبداً بحب العامة على نطاق واسع (جين مينغاي/فرانس برس)

لكن كاميلا لم تفز أبداً بحب العامة على نطاق واسع. وفقاً لاستطلاع معتاد أجرته مؤسسة يوجوف في مايو/أيار 2022، رأى 20 في المائة فقط ممن استُطلعت آراؤهم أنها يجب أن تكون ملكة، بينما اعتقد 39 في المائة أنها يجب أن تحصل على لقب عقيلة الأمير. ومع ذلك، أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة ديلي ميل، بعد دعم الملكة لها في أن تصبح عقيلة الملك، أن 55 في المائة أيدوا هذه الخطوة، مقابل اعتراض 28 في المائة.

وفي حين أن العديد من البريطانيين لم يتسامحوا مع أي دور لعبته في انهيار زواج تشارلز وديانا، أشار الأمير هاري إلى أن هذا لم يكن هو الحال معه هو وشقيقه الأكبر. وقال هاري في مقابلة بمناسبة عيد ميلاده الحادي والعشرين عام 2005: "لأكون صريحاً معكم، كانت دائما قريبة جداً مني ومن ويليام. إنها ليست زوجة الأب الشريرة".

(رويترز)

المساهمون