قناة "تولو نيوز" الأفغانية تستمر في البثّ رغم المخاوف

04 سبتمبر 2021
تدهور الوضع منذ بضعة أسابيع بالنسبة للصحافيين، وتحديداً النساء منهم (وكيل كوشار/فرانس برس)
+ الخط -

عند وصول حركة "طالبان" إلى كابول، في 15 أغسطس/آب، كان على المسؤولين عن قناة "تولو نيوز" الأفغانية الخاصة اتّخاذ قرار، إما بمواصلة البثّ أو قطعه.

قررت القناة في نهاية المطاف المضي بالخيار الأول، لكنها على غرار سائر القنوات والإذاعات في البلاد، أصبحت تبثّ وسط ضبابية كبيرة وانعدام يقين ومخاوف إزاء نوايا قادة أفغانستان الجدد.

فالصحافة الأفغانية لم تنسَ التهديدات واغتيالات الصحافيين التي طبعت فترة تمرّد الحركة الإسلامية التي استمرّت عشرين عاماً، بعد طردها من الحكم عام 2001 على أيدي تحالف بقيادة الولايات المتحدة. لا تزال فترة حكم "طالبان" الأول (1996-2001) مطبوعة في ذاكرة الأفغان بوضوح، إذ إن التلفزيون ومعظم الوسائل الترفيهية كانت آنذاك محظّورة.

واعتبر مدير قناة "تولو نيوز" لطف الله نجفي زاده، في اتصال مع وكالة "فرانس برس"، أن عودة "طالبان" إلى الحكم "وضعتنا في وضع صعب جداً". وأضاف: "كخدمة إخبارية تعمل 24 ساعة على 24 و7 أيام في الأسبوع، لم تكن لدينا حتى فرصة أخذ استراحة لمدة ساعة للتفكير".

وأوضح أن في نهاية المطاف اتُخذ قرار الاستمرار في البثّ، لأن القناة "لديها واجب تغطية الأحداث"، ولأنه كان "شبه مستحيل" التفاوض مع "طالبان" حول استئناف البرامج، في حال كانت هذه الأخيرة معلّقة أصلاً.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

منذ عودتها إلى الحكم، تبذل "طالبان" قصارى جهدها لإظهار صورة أكثر اعتدالاً، في محاولة لطمأنة الأسرة الدولية والشعب الأفغاني، وطلبت من وسائل الإعلام الأفغانية عدم تغيير أي من عاداتها. وكدليل على الانفتاح الذي ترغب الحركة في إظهاره، وافق مسؤول من "طالبان"، في 17 أغسطس/آب، على الردّ على أسئلة الصحافية بهشتا أرغند، أثناء بثّ مباشر من استديوهات "تولو نيوز".

لكن هذه التصرّفات والتصريحات لا تقنع كثيراً. وفي مؤشر على الريبة والخوف المسيطرين، فرّت أرغند مذاك إلى قطر، خشية على حياتها.

وقال رئيس مجلس إدارة مجموعة "موبي غروب" الشركة الأمّ لقناة "تولو نيوز"، سعد محسني، لمنظمة "لجنة حماية الصحافيين" من دبي: "نحن خائفون، أريد أن أكون صادقاً معكم، نحن متوترون كثيراً". وأضاف: "نمضي كلنا ليالي من دون نوم، لكن حالتنا ليست بعيدة جداً عما يعيشه مشاهدونا".

على الأرض، تدهور الوضع منذ بضعة أسابيع بالنسبة للصحافيين، خصوصاً النساء منهم، اللواتي استُبعدنَ بشكل واسع خلال حكم "طالبان" السابق من الحياة العامة ومُنعنَ من التعلّم والعمل. ووفق منظمة "مراسلون بلا حدود"، تراجع عدد الصحافيات العاملات في كابول من 700 العام الماضي إلى أقلّ من مائة حالياً.

في سائر أنحاء البلاد، الوضع حساس أيضاً. أوقفت نحو مائة وسيلة إعلامية محلية أنشطتها منذ وصول "طالبان" إلى الحكم، وفقاً للمنظمة.

وتتسبب عودة "طالبان" إلى الحكم بتوقف النمو المتسارع لوسائل الإعلام المستقلة الذي سُجّل منذ عشرين عاماً في أفغانستان. منذ عام 2001، تأسست أكثر من 160 محطة إذاعية وعشرات القنوات التلفزيونية، بفضل المساعدة الدولية واستثمارات خاصة.

في السنوات الأخيرة، تمكن الشعب الأفغاني من مشاهدة برامج كانت محظورة تحت حكم نظام "طالبان"، سواء كانت برامج تلفزيون الواقع المتعلقة بالموسيقى، أو نقاشات سياسية أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

لم تصدر السلطات الأفغانية الجديدة حتى الآن قاعدة رسمية بهذا الشأن. لكن رئيس مجلس إدارة "موبي غروب" سبق أن حذّر من أن منع الصحافيات من ممارسة مهنتهن، أو فرض رقابة، سيشكلان "خطاً أحمر" بالنسبة للمجموعة.

في الوقت الحالي، تسعى الشركة لإيجاد صحافيين جدد يحلون محل أولئك الذين غادروا البلاد في الأيام التي تلت سقوط كابول، خشية تعرّضهم لأعمال انتقامية.

وقال سعد محسني لـ"لجنة حماية الصحافيين" إن "الأمر المحزن هو خسارة هذا الكمّ الكبير من المهارات، رؤية جيل استثمرنا فيه وكان يمكن أن يفعل الكثير من أجل البلد، مرغما على المغادرة". وأضاف: "للأسف لا نزال نحتاج لعقدين من الزمن لتعويض هروب الأدمغة".

(فرانس برس)

المساهمون