قطر تعزّز الشمول الرقمي لصالح الفئات الأشد احتياجاً

08 أكتوبر 2024
دينا آل ثاني (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات)
+ الخط -

يغطي الشمول الرقمي الإتاحة العادلة للتكنولوجيا والخدمات، وهو في قطر يندرج ضمن ما يعرف بالأجندة الرقمية 2030 الذي يستهدف تحولاً استراتيجياً يشمل البنية التحتية والحكومة والاقتصاد والتكنولوجيا والمجتمع، بحسب الركائز التي اعتمدتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

ضمن هذا السياق، وفي محاضرتها التي استضافتها وحدة دراسات الخليج والجزيرة العربية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الأحد، تناولت الأستاذة المشاركة في كلية العلوم والهندسة في جامعة حمد بن خليفة، دينا آل ثاني، كيفية جعل التكنولوجيا متاحة للجميع، وتأثيرها على التعليم والتكامل المجتمعي.

لكنها اختارت الحديث عن رحلة قطرية في مجال أكثر تحديداً، يتعلق بتعزيز الشمول الرقمي لصالح الفئات الأشدّ احتياجاً، ومن ذلك تجربة قطر في تقديم حلول تكنولوجية مبتكرة على مدار العقدين الماضيين تشمل تقنيات الذكاء الاصطناعي، والواقع المعزز لدعم الأطفال المصابين بالتوحد وطيف التوحد ومشاكل النطق والإعاقات الدائمة والمؤقتة وكبار السن.

وتتضمن اهتمامات دينا آل ثاني إمكانية الوصول والتصميم الشمولي والتفاعل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي والصحة الإلكترونية، علماً أنها عضو في المجموعة الاستشارية والفنية لمنظمة الصحة العالمية المعنية بالتكنولوجيا المساعدة ومجموعة الخبراء العرب في النفاذ وتكنولوجيا المعلومات.

وبعد خبرتها الطويلة في العمل البحثي الأكاديمي ومشاركتها في مؤسسات دولية، خلصت إلى أنّه "لا بدّ ألا نترك أي شخص يتخلف عن الركب، وهذا من العناصر الأساسية التي جرى التركيز عليها في أهداف التنمية المستدامة" في قطر.

وعرضت جهود دولة قطر، بمبادرة من رئيسة مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع الشيخة موزا بنت ناصر، في اعتماد الأمم المتحدة عام 2007 اليوم العالمي للتوعية بالتوحّد، وارتباط هذا على مدار السنوات اللاحقة بحقوق الإتاحة الرقمية. وجاءت قطر عام 2020 في المرتبة الأولى عالمياً من حيث مؤشر حقوق الإتاحة من خلال دعم البنى الهيكلية والتحتية ووعي الناس ومدى استعداد الخدمات في القطاعين الحكومي وغير الحكومي.

وتبعاً لذلك، شاركت دينا آل ثاني في مجال بحث رئيسي يتعلق بطيف التوحد، عبر إطلاق مركز مدى للتكنولوجيا المساعدة عام 2009، وكان المركز الوحيد من نوعه في الشرق الأوسط وحقق إنجازات منها الإتاحة الإلكترونية بوصفها سياسة ملزمة.

ولفتت إلى أنّ المبادئ التصميمية للتكنولوجيا الرقمية تعني سهولة التصميم وإتاحته لأي شخص. ومن بين الأمثلة التي استحضرتها في ذلك مشروع المسنين والشمول الرقمي بشأن الاستقلالية المالية، الأمر الذي ظهر خلال جائحة فيروس كورونا، إذ كيف على هذه الفئة المجتمعية (من يعانون إعاقات سمعية وبصرية وإدراكية وطيف التوحد) تدبر شؤونها، بعد أن أصبحت المعاملات البنكية والحكومية إلكترونية؟

وأكدت أن هناك ملاحظات معيارية تؤخذ دائماً في الاعتبار في هذا المجال، مثل انسجام التقنية مع حجم الإنسان، وحجم الأزرار التي يجب أن تكون كبيرة لمن لديهم ضعف في الرؤية بسبب مرض أو كبر السن، كما تضمن التكنولوجيا الرقمية بالضرورة سهولة العودة للوراء إذا ما ضغط المستخدم زراً بالخطاً.

وهذا استدعى تأكيدها أكثر من مرة أولويات قطرية ينبغي تثبيتها في قطر، تشمل توفير أجهزة السمع مجاناً، وكذلك عكازات المشي والكراسي المتحركة، وكل هذه القائمة ستكون معززة بالذكاء الاصطناعي، مؤكدة أن التكنولوجيا المساعدة لذوي الإعاقة والمسنين والأشخاص الذين يعانون من الأمراض غير السارية ينبغي أن تساعد بغض النظر عن قدراتهم التواصلية أو الحركية.

وفي هذا الإطار، تحدثت عن شبكة من العلاقات مع مؤسسات رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة والمؤسسات الصحية، أثمرت الكثير من البحوث والصناعات في مجال التعليم والمساعدة التكنولوجية، بالاعتماد على بيانات وفرتها المؤسسات المعنية تتعلق على سبيل المثال بالأطفال الذين يتلقون الرعاية والتدريب.

ومن بين ذلك المشروع الذي نفذ مع مركز الشفلح للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية والتوحد، وتلقى الدعم المالي واللوجستي من مؤسسات عدة، ويقوم على تطوير واقع معزز يشبه "سناب شات" بالتعاون مع اختصاصي نطق للأطفال، لتصميم ألعاب قيد التطوير تعالج السؤال التالي: ما الذي يجعل الأطفال يلعبون مع بعضهم البعض وما الذي يجعلهم يتفرقون، وما السبيل الذي يدفعهم لقبول الشراكة في لعب جماعي؟

ورداً على اقتراح من أحد الحضور قالت إن جامعة حمد بن خليفة لديها فريق بحثي اسمه "آي سلوك" The i-Solouk Group، يضطلع ضمن مسؤولياته بمشاكل التكنولوجيا والإدمان الرقمي وحماية المستخدم.

وبما أن الشمول الرقمي أحد أهداف الألفية المستدامة، لاحظت دينا آل ثاني أن الامتثال القانوني وجد طريقه في دول أخرى، كما في الولايات المتحدة. ورأت أن المشكلة لا تتعلق بسياسات متخذي القرار، أكثر من تعلقها بمنسوب الوعي بالدمج والنفاذ الرقميين في المدارس والجامعات، وهي مشكلة عالمية بمستويات مختلفة.

المساهمون