في مهرجان الإسكندرية: آلاء كراجة تستعيد سينما فلسطين قبل النكبة

08 أكتوبر 2024
استضافها حديثاً مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط (حسين بيضون)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- ازدهار السينما في فلسطين قبل النكبة: يستعرض كتاب آلاء كراجة تاريخ السينما الفلسطينية قبل النكبة، مسلطًا الضوء على ازدهار الصناعة وتكاملها، مع التركيز على بدايات السينما، وسينما الحركة الصهيونية، ودور السينما في يافا، والسينما الجوالة.

- التعاون السينمائي بين فلسطين ومصر: توضح الدراسة التعاون الوثيق بين السينما الفلسطينية والمصرية، مثل التعاقدات بين سينما فاروق في يافا وشركة "بهنا إخوان" في الإسكندرية، مما يعكس اهتمام المجتمع الفلسطيني بالسينما.

- تأثير النكبة على السينما الفلسطينية: بعد نكبة 1948، تضرر المشهد السينمائي الفلسطيني، مما دفع المخرجين لاستكمال مشاريعهم في دول عربية مجاورة، مؤسسين شركات إنتاج مثل شركة أفلام النيل في مصر، مستمرين في التأثير على السينما العربية.

تُصدر الزميلة في تلفزيون العربي 2 آلاء كراجة قريباً، كتاباً عن السينما في فلسطين قبل النكبة، في نحو 500 صفحة تتوزّع على سبعة فصول، يتناول بدايات السينما وصناعتها في فلسطين، وسينما الحركة الصهيونية والمستعمرات، مع التركيز على أبرز شركات السينما ووكالات التوزيع، ودور السينما في يافا، وأشهر دور العرض السينمائي التي رصدتها الصحافة في فلسطين، والسينما الجوّالة قبل النكبة. يوضح الكتاب أن المشهد السينمائي في فلسطين قبل النكبة كان مزدهراً وواعداً، وأن السينما كانت صناعة متكاملة.
هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تتناول بتوسع وشمولية السينما في فلسطين قبل النكبة استناداً إلى الوثائق والصحف، إذ عادت كراجة إلى عشرات الوثائق التاريخية والمراسلات الموجودة في أرشيف وزارة الثقافة الفلسطينية بين العاملين في صناعة السينما الفلسطينية آنذاك، لا سيما داري سينما الحمراء وفاروق وشركة السينما الوطنية، وبين شركات توزيع الأفلام المصرية، مثل شركة بهنا إخوان لصاحبيها إدوارد وجورج بهنا في الإسكندرية، واستوديو مصر في القاهرة، ونحاس استوديو.
تناولت الوثائق، وخاصة بين سينما فاروق في يافا، وشركة "بهنا إخوان" في الإسكندرية، عملية التعاقد على شراء الأفلام والتفاوض بشأن سعرها، والترويج لها، والتفاهم على كل ما يتصل بها من ملصقات (أفيشات)، وصور الإعلانات، والكليشيهات. وحتى إن التعاقد على بعض الأفلام كان يُنجز قبل البدء بتصويرها بستة أشهر أو سنة، من أجل المساهمة في إنتاج الفيلم، وكل ذلك استجابة لطلب الجمهور واهتمامه بمشاهدة الأفلام، والمشهد الفني العام الذي كان يعيشه المجتمع الفلسطيني، واهتمامه وتطلعه لمتابعة أحدث الإنتاجات السينمائية وشغفه بالعروض السينمائية، بما يدلل على رواج العمل في المجال السينمائي في حينه. كما ظهر مع هذا الحراك متعهدو الأفلام وبائعو الأسطوانات وشركات الإنتاج والتوزيع.
واستندت الدراسة إلى مئات الإعلانات والتقارير والمقالات بشأن السينما في فلسطين في أكثر من 20 صحيفة ومجلة كانت تصدر في مدن فلسطين قبل النكبة، ومن أهمها "فلسطين" التي صدرت أول أعدادها في يافا في عام 1911، وكذلك "الدفاع" التي صدرت في يافا في 1934، و"مرآة الشرق" التي أصدرت عددها الأول في القدس في 1919.
خلصت الدراسة إلى أن السينما في فلسطين كانت صناعة متكاملة الأركان، تشابكت فيها الدوافع الوطنية والاقتصادية، بعد أن تجلى الوعي بأهمية السينما بصفتها أداة ثقافية وسياسية واقتصادية مؤثرة، إذ كانت فلسطين تَعِدُ بمشهد سينمائي مزدهر وواعد من ناحية صناعة الأفلام أو تطور دور العرض السينمائية، أو لجهة تشكيل أجسام وهيئات ونوادٍ للتمثيل والسينما، بَيْدَ أن هذا الحراك السينمائي توقف مع نكبة فلسطين.
آلاء كراجة إعلامية وباحثة في السينما الفلسطينية، ومقدّمة برامج في التلفزيون العربي 2. أصدرت في عام 2020 كتاب "السينما الفلسطينيّة الجديدة: صورة البطل ودلالاته". وقد استضافها، أخيراً، مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، الذي اختتم فعالياته السبت الماضي، في ندوة عن تاريخ المشهد السينمائي في فلسطين إبّان الاستعمار البريطاني من 1923 وحتى نكبة فلسطين في 1948. أوضحت فيها أنّ المشهد السينمائي في فلسطين قبل النكبة كان مزدهراً وواعداً، بجهود ومساهمة شعبية، من حيث العمل والتوزيع والإنتاج، والتشبيك مع العاملين في الصناعة السينمائية عربياً وعالميّاً، بما شكّل صناعةً سينمائيةً تأسست على أسس وطنية واقتصادية، وبجهود ومساهمة شعبية من الفلسطينيين، الذين قاوموا الحركة الصهيونية، وتصدّوا لها بكل الطرق؛ ما أدّى إلى ظهور شركات سينمائية وطنية مستقلة، ودور سينما في مختلف مدن فلسطين على أحدث الطرز والأنساق، استقطبت الفنانين العرب من مختلف الأقطار العربية.
وتطرّقت كراجة إلى نهوض القطاع السينمائي في فلسطين، وتطوره في ثلاثينيات القرن الماضي وأربعينياته، باعتباره سوقاً مهمة للفيلم المصري في البداية، ولاحقاً شريكاً في عملية الإنتاج والتوزيع السينمائي، إذ ارتبط المشهد السينمائي في فلسطين ارتباطاً وثيقاً بتجارة الأفلام بين فلسطين ومصر، فعُرضت أهم وأحدث الأفلام المصرية في دور العرض في المدن الفلسطينية، واهتم أصحابها بالسينما المصرية وإنتاجاتها، ووظفوا مقدراتهم للحصول على حقوق استغلالها سنوات، فتواصلوا مع شركات الإنتاج والتوزيع، وحرصوا على البقاء على خريطة العرض السينمائي، فكانت فلسطين وشرق الأردن سوقاً مهمة لإنتاجات السينما المصرية، ومساحة مهمة لنجومها الذين حققوا حضوراً واسعاً.

سينما ودراما
التحديثات الحية

لفتت آلاء كراجة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي دمّر بعد نكبة 1948 المشهد السينمائي الفلسطيني، الأمر الذي دفع مخرجين فلسطينيين عديدين إلى استكمال مشاريعهم السينمائية في بلدان عربية مجاورة، وتحديداً في مصر والأردن، فساهموا في انتعاش الحياة الفنية هناك. كما ساهم آخرون في التأسيس لفن السينما في بلدان عربية أخرى، فقد استمرّت أعمال شركة تلحمي إخوان ما بعد النكبة خارج فلسطين، وأسس جبرائيل تلحمي شركة أفلام النيل للإنتاج والتوزيع السينمائي (أفلام جبرائيل) في مصر، وتعاوَنَ مع كبار المخرجين المصريين، مثل يوسف شاهين وحسن الإمام، وأنتج عدة أفلام، من أشهرها "باب الحديد" في 1958، من إخراج يوسف شاهين، و"بين القصرين"، في 1964، من إخراج حسن الإمام، الذي كان له حضور في فلسطين في بداياته الفنية، وتحديداً في يافا، والمشاركة في عدة فعاليات في سينما الحمراء.
وقد استضاف مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط 64 ضيفًا من دول البحر المتوسط، وشهد مشاركة 140 فيلماً من 26 دولة.

المساهمون