فنانون غربيون: نرفض التواطؤ مع إسرائيل

12 مارس 2024
من تظاهرة تضامنية في نيويورك (الأناضول)
+ الخط -

لا تنقطع الفعاليات الاحتجاجية والتضامنية مع الشعب الفلسطيني والرافضة الانحياز إلى جانب إسرائيل في مجتمع الفنون في الغرب. تظهر هذه الجهود في سياق الإبادة الجماعية التي ما زال جيش الاحتلال يخوضها ضد فلسطينيي قطاع غزة بلا هوادة، برعاية وتواطؤ أغلب الحكومات الغربية.

لا مكان لمناصري إسرائيل

من بين تلك المبادرات، انسحاب بعض الفنانين من المشاركة في مهرجان South by Southwest لهذا العام؛ بسبب رعاية الجيش الأميركي للحدث الفني. قادت المقاطعة مؤلفة الأغاني إيلا ويليامز (Ella Williams)، والمعروفة أيضاً باسم Squirrel Flower، إذ نشرت بياناً على "إنستغرام"، في الرابع من مارس/آذار أعلنت فيه انسحابها من العرض الرسمي للمهرجان. وسجلت في البيان: "أنا أنسحب بسبب علاقة المهرجان بشركة RTX Corporation (وهي مؤسسة تعمل في مجال تطوير السلاح لصالح الحكومة) بالإضافة إلى رعاية الجيش الأميركي للحدث الفني". وقالت ويليامز: "لقد قتل الجيش الإسرائيلي الآن واحدًا على الأقل من بين كل 75 من سكان غزة، وأنا أرفض أن أكون متواطئة في ذلك". أضافت: "لا أعتقد أن مهرجاناً موسيقياً يجب أن يضم المستفيدين من الحرب، أتصور أن الفن أداة لخلق عالم أفضل ولا مكان فيه لدعاة الحرب". بعد فترة وجيزة من إصدار ويليامز بيانها، انسحب فنانون آخرون، من بينهم أعضاء فرقة Mamalarky، إلى جانب المغنية وكاتبة الأغاني إليزا ماكلامب (Eliza McLamb)، وذلك لأسباب مماثلة.
انسحاب ويليامز وغيرها من الموسيقيين، جاء استجابة لمنشور لتحالف أوستن من أجل فلسطين، الذي تحدث عن علاقة المهرجان الفني (SXSW) بوزارة الدفاع، ليمارس التحالف ضغوطاً على إدارة المهرجان من أجل قطع العلاقات مع الجيش الأميركي والشركات المتعاونة معه.
يذكر أن شركة RTX تزود الحكومة الإسرائيلية بالأسلحة، وهو ما أعلنه رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لـ RTX، غريغ هايز (Greg Hayes)، في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، في تصريح صحافي ذكر فيه أن المساهمين "سيرون فائدة" من زيادة الطلب على الأسلحة أثناء العدوان على قطاع غزة.
يُشار إلى أن الجيش الأميركي هو الراعي الرئيسي لمهرجان هذا العام، إذ تقدم وزارة الدفاع أكثر من تسع فعاليات، بينما ترعى مؤسسة Collins Aerospace، وهي شركة تابعة لـRTX، حدثين في العرض التكنولوجي الذي ينظمه المهرجان.

تكريماً لذكرى هبة زقوت

في الولايات المتحدة أيضاً، في نيويورك تحديداً، دعا "متحف المتحف" للفنون إلى إقامة عدد من المعارض لأعمال الفنانة الشهيدة هبة زقوت تكريماً لها، وأعلن منظمو الفعالية أنها لن تسلط فقط الضوء على موهبة زقوت، بل ستعمل أيضاً على جمع الأموال لأفراد عائلتها الباقين على قيد الحياة. تأسس المتحف أخيراً على يد الرسامة والكاتبة مانيتا دوشي (Maneeta Doshi)، والمصورة والكاتبة ومؤرخة الفن إيفانا رودريغيز روخاس (Ivanna Rodríguez-Rojas). وفي بيان التأسيس، جاء أن هناك استجابة مباشرة لـ"الحاجة إلى إنشاء مساحة للتجمع من أجل مواجهة مسألة الإبادة الجماعية في فلسطين". وأوضح المؤسسون أنه عند سماعهم باستشهاد هبة زقوت التي قتلتها إسرائيل بدأوا بالبحث عبر الإنترنت عن كل نسخة متاحة من أعمالها، بينما تواصلت روخاس بعد ذلك مع شقيق الشهيدة، محمود زقوت، وطلبت منه استخدام عمليات المسح الضوئي لأعمال أخته حفاظًا على إرثها، بعدما تم تدمير جميع لوحاتها الأصلية في الغارة الجوية التي أودت بحياتها.
وقالت مانيتا دوشي إن ما يفعلونه تكريم لذكرى الفنانة الراحلة، إذ شعروا أن عليهم توجيه عائدات بيع أعمالها الفنية من أجل مساعدة أسرتها في ظل الظروف القاسية في قطاع غزة.
يذكر أنه في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، استضاف المتحف أول معرض لأعمال زقوت، ووُجّهت عائداته إلى أسرتها أيضًا. ومنذ ذلك الحين، توسعت المبادرة لتشمل أعمال شقيقة الشهيدة الفنانة البصرية ميساء زقوت، ففي الأسبوع الماضي، أقام المتحف معرضًا لليلة واحدة، إذ عرض سبع مطبوعات لأعمال هبة زقوت إلى جانب خمس لوحات قماشية لميساء.
ومن المفترض إقامة معرض آخر، في 14 إلى 17 مارس/ آذار، لأعمال الفنانة الراحلة، يتعاون من خلاله المتحف مع مجموعة الفن ضد النزوح (AAD)، وهي مجموعة تشكلت تضامنًا مع قطاع غزة، وستُوجّه عائدات المعرض أيضًا إلى أسرة الفنانة الراحلة.

زيف الليبرالية الغربية

من لندن، سحب جامعا التحف لورنزو ليغاردا ليفيست وفهد مايت أعمالًا فنية يملكانها من مركز باربيكان للفنون بعد إلغائه محاضرة بعنوان "المحرقة بعد غزة"، للكاتب والمفكر الهندي بانكاج ميشرا. ووصف جامعا التحف هذه الخطوة بأنها عمل من أعمال الرقابة، ليطلبا رفع عملين من تصميم الفنانة لوريتا بيتواي كان ليفيست ومايت قد أعاراهما للمؤسسة من أجل معرض Unravel: The Power and Politics of Textiles in Art، والذي افتتح في 13 فبراير/شباط الماضي.

وكتب ليفيست في رسالة بعث بها إلى القائمين على معرض باربيكان: "لا يستطيع أحد أن يقلل من مدى فجاجة هذا العمل القمعي الصارخ، بفرض المركز رقابة على أحد أكثر المثقفين احترامًا في البلاد، ومنعه من التحدث علنًا عن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل والتي نشاهدها جميعًا بأعيننا على هواتفنا المحمولة يوميًا؛ الجرائم التي يتم التحقيق فيها حاليا من قبل محكمة العدل الدولية". وأضاف جامع التحف أن "الرسالة التي يبعثها هذا السلوك إلى مؤسسات الفنون في جميع أنحاء المملكة المتحدة مروعة، وينبغي أن ترعبنا جميعًا، فهي تدل على زيف الديمقراطية الليبرالية التي قيل لنا إننا نعيش فيها".

المساهمون