فلسطين الدولي للموسيقى: تظاهرة عربية في الأرض المحتلة

19 يوليو 2023
أُبي البيطار وبيدر أبو نصّار (فيسبوك)
+ الخط -

بعرض موسيقي لفرقة "أُبَيدر"، التي تقدم مزيجاً من الموسيقى الإسبانية والعربية، يطلق مركز الفن الشعبي، مساء اليوم، التاسع عشر من يوليو/ تموز، الدورة الثانية والعشرين من مهرجان فلسطين الدولي للموسيقى والرقص، على خشبة مسرح قصر رام الله الثقافي، وتستمر حتى الأحد المقبل.
تأسست فرقة "أُبَيدر"، في عام 2011 في الأردن، وصيغ اسمها من دمج اسمَي مؤسّسَيها أُبيّ البيطار وبيدر أبو نصّار، اللذين طمحا إلى تلحين الشعر الأندلسي ضمن قوالب موسيقى الفلامنكو الإسبانية.
ومنذ ذلك الوقت، استقطبت الفرقة عدداً من العازفين والمغنين الذين قدّموا مقطوعات مختارة لشعراء عرب من حقب مختلفة، إذ أصدرت ألبومها الأول في عام 2014 بعنوان "أعيد لي الروح"، فيما ضم ألبومها "إلى قرطبة" (2021)، ثلاث قصائد هي "شمس النهار" لصفيّ الدين الحلّي، و"عصف الهوى" للشاعرة السورية سميا صالح، و"إن كنت" للشاعر ورجل الدين نيقولا صايغ الحلبي الذي عاش خلال القرن الثامن عشر.
يستضيف المهرجان، أيضاً، فرقة "طبلة الست" المصرية، التي تأسست عام 2019 على يد سهى محمد علي. "طبلة الست" وهي فرقة نسائية إيقاعية تعزف على الطبلة وتغني، ما جعل منها حالة خاصة.
ومن الأردن، تحل النجمة نداء شرارة ضيفة على مهرجان فلسطين الدولي للموسيقى والرقص هذا العام، هي التي تحظى بشعبية كبيرة في فلسطين، وتتمتع بصوت استثنائي، وعرفها الجمهور العربي بعد فوزها بلقب برنامج "ذي فويس: أحلى صوت" في موسمه الثالث عام 2015.
ومن فلسطين، تحيي الأوركسترا الفلسطينية التابعة لمعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى واحدة من أمسيات المهرجان، وهي أوركسترا تضم ما يزيد عن سبعين عازفاً، علاوة على عرض لفرقة الفنون الشعبية الفلسطينية، التي تحظى بجماهيرية لافتة محلياً وعربياً.
ولفتت إيمان حموري، مديرة المهرجان، في حديث إلى "العربي الجديد"، إلى أن الهدف الأساسي من المهرجان "كسر الحصار المفروض علينا كفلسطينيين، فالحصار أيضاً ثقافي، ومن هنا جاءت فكرة تحدي محاولات الاحتلال المستمرة لعزلنا عن محيطنا العربي وعن العالم، ومن هنا سعينا ونسعى إلى مدّ جسور الثقافة والفنون ما بين الشعب الفلسطيني وشعوب العالم، فنحن نسعى لأن يأتوا ليشاهدوا ما يحدث على أرض الواقع هنا، وهذا ساهم في تغيير الأفكار النمطية للكثير منهم، وتحوّل آخرين إلى سفراء للقضية الفلسطينية حول العالم".
وشدّدت حموري على أن "ما ساهم في استمرارية المهرجان طوال هذه السنوات، علاوة على استراتيجية المركز بكسر العزلة المفروضة على شعبنا والتواصل مع الثقافات الأخرى من خلال المهرجان، نجاح المركز خلال السنوات الماضية في التعامل مع التحديات المختلفة من عزل المدن الفلسطينية عن بعضها بعضا، كالتضييق على حركة أهلنا، فكان لا بد من التفكير في أن يجوب المهرجان محافظات مختلفة كل عام، كي لا يقتصر على من هم قادرون على الوصول، كما استطاع أن يبني شراكات مع مؤسسات ومراكز مجتمعية وثقافية تساهم في تخطيط وتنفيذ المهرجان في مواقعها، علاوة على استثمار المركز في متطوعيه على مدار السنين، وهم يشكلون رأسمال المهرجان الأساسي في استدامته".
وكشفت حموري لـ"العربي الجديد" أن ثيمة المهرجان لهذا العام "المفاتيح"، وذلك بالتزامن مع مرور خمسة وسبعين عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني، والتي "هي بالنسبة لنا حدث مستمر، والمفصلي فيه حق العودة"، فالمفتاح يمكن من خلاله الولوج إلى حجرات الذاكرة على كل مناحي الحياة الفلسطينية على مدار العقود الماضية منذ 1948، الثقافية منها والمجتمعية، وغيرها، كما أن المفتاح رمز لتوحيدنا كشعب تحت الاحتلال على أرضية نضالية مشتركة، ويلم شمل شعبنا في الداخل والشتات، علاوة على كون مفاتيح البيوت الفلسطينية التي اقتلع سكانها منها لا تزال بحوزة أصحابها أو ورثتهم من المصرّين على العودة إليها، أو إلى المكان الذي كانت فيه، ولو لم تعد المنازل موجودة.
تنعكس هذه الثيمة المرتبطة بإحياء الشعب الفلسطيني لمرور خمسة وسبعين عاماً على النكبة في تكوين عدد من فعاليات المهرجان الموازية للأمسيات الفنيّة الغنائية الموسيقية، فالفلسطينيون الأعضاء في فرقة "أُبَيدر" هم من اللاجئين المقيمين خارج فلسطين، كما سيتم عرض الفيلم الروائي الأردني "فرحة" للمخرجة دارين سلام، الذي يتناول قضية النكبة واللجوء، وستُنظم حوارية بالشراكة مع مؤسسة "نوى" للباحث والفنان نادر جلال، يتحدث من خلالها عن الفعل الموسيقي الفلسطيني ما قبل النكبة، إضافة إلى لوحات من عرض فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية.

ولفتت حموري إلى أن أكبر الصعوبات التي يواجهونها خلال التحضير للمهرجان وتنظيمه، تتمثل في الظروف التي يعيشها الشعب الفلسطيني على أرضه يوميا، بسبب سياسات الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه المستمر على مختلف المناطق، ما يخلق نوعاً من الارتباك باعتبار "أننا غير قادرين على التنبؤ بما سيحدث بعد أيام، بل بعد ساعات، وهذا الارتباك ينسحب على الفرق المشاركة والفنانين، كما إدارة المهرجان".
وختمت الحموري بالتأكيد على سعي المهرجان إلى عرض كافة الأنماط الموسيقية والغنائية، فهناك فرق قد لا تكون معروفة لدى كثيرين، لكن لديها تجربة مهمة فنيّاً "نسعى إلى تعميمها" تضيف: "هناك نجوم يحبّ الجمهور الفلسطيني أن يتفاعل مع أغنياتهم".

المساهمون