حَوّل الفلسطيني صلاح الكحلوت، من مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمالي قطاع غزة، إحدى شقق منزله إلى معرض للأحجار الكريمة والصخور التي عمل على جمعها طوال مدة زمنية تتجاوز 5 سنوات، بمساعدة فريق من الخبراء والمتطوعين.
وتتنوع الأحجار الكريمة والصخور التي يعرضها الكحلوت وأحجامها وتواريخها، إذ ترصد عصوراً جيولوجية يعود عمر بعضها إلى مئات السنين، وتُجمع إما من البحر أو من السماء، وجميعها من داخل القطاع.
بدأت الفكرة تراود الهاوي الفلسطيني مطلع عام 2000 حين تمكن من إدخال جهاز متخصص في فحص الأحجار الكريمة والصخور خلال عودته إلى القطاع، بعد أداء مناسك الحج في السعودية، قبل أن تدخل خطته حيز التنفيذ في الأعوام الخمسة الأخيرة.
في المعرض المنزلي المئات من القطع والأحجار التي عمل الكحلوت والفريق الموجود معه على تصنيفها ووضعها داخل أكياس بلاستيكية يحمل كل منها نوعاً مختلفاً من الصخور، فيما وضع في مقدمة كل ورقة موجودة على الأكياس اسمه.
يقول الكحلوت لـ"العربي الجديد" إن هذا العمل تبلور على شكل فكرة وهواية شخصية بالنسبة له قبل أن يترجمه إلى عمل واقعي على الأرض. وتمكّن من جمع وشراء عدد من الأحجار الكريمة والصخور الموجودة داخل القطاع التي يعتبر شاطئ البحر أو سقوطها من الفضاء مصدراً وحيداً لها.
تحمل الهاوي الفلسطيني عبئاً مالياً كبيراً في سبيل جمع هذه القطع والأحجار الكريمة، سواء عبر شرائها من بعض جامعيها في القطاع، أو في سبيل العمل على تصنيفها.
تتنوع الأصناف المعروضة من الحجارة الكريمة بين الياقوت والزبرجد، بالإضافة إلى قائمة أخرى من الحجارة التي جمعها الكحلوت ووضعها داخل معرضه الذي أطلق عليه "معرض فلسطين للأحجار الكريمة" الذي يأمل أن يكون الأول والأكبر فلسطينياً.
ووفقاً للكحلوت، لا يوجد سعر محدد لجميع الحجارة الكريمة أو الصخور، إذ يتفاوت حسب طبيعتها وجودتها والتركيبة الخاصة بها، ووصل سعر بعضها إلى 1200 دولار أميركي، فيما لم يزد بعضها عن بضعة دولارات.
يعمل الكحلوت برفقة المقربين منه على جمع هذه القطع من شاطئ البحر بدرجة أساسية، من خلال البحث في أوقات الصباح الباكر في ما يقذفه البحر من صخور وحجارة، ويخضعها للتقييم والفحص، قبل أن يعتمدها وينقلها لتصبح جاهزة للعرض.
استعان الهاوي الفلسطيني وفريقه بمجموعة كبيرة من المختصين في مجال الحجارة الكريمة والصخور، ما أكسبهم خبرة ومهارة في التعرف على ما يجمعونه في الفترة الأخيرة بسهولة، والتفريق بين الصخور والأحجار الكريمة وبين المقلد منها.
وتمكن الكحلوت في الآونة الأخيرة من الحصول على اعتماد من الجهات الحكومية المختصة في القطاع لجمع هذه القطع وعرضها، وفتح المجال أمام طلبة الدراسات العليا في الجامعات الفلسطينية المحلية، ومساعدتهم في التعرف على الصخور وأنواعها.
وبحسب مالك معرض "فلسطين للأحجار الكريمة" فإن هذه العملية تختلف كلياً عن عملية جمع الآثار والمقتنيات التاريخية، كون الأخيرة توثق الحقب التاريخية والحضارات القائمة في حين توثق الصخور والحجارة الكريمة العصور من ناحية جيولوجية بحتة.
ويخضع المكان لعمليات توسعة وتطوير بشكل دائم من قبل الفريق لجعله أكثر تطوراً وأكثر تنظيماً وتعريفاً بالحجارة والصخور الموجودة داخله، فيما يأمل أن يتحول هذا المكان لمعرض متاح أمام الجمهور خلال الفترة المقبلة، وهو ما يعمل عليه الكحلوت في الفترة الأخيرة.
ويعمل الكحلوت وفريقه بإمكانات وطريقة بدائية وبسيطة في الوقت الذي يحتاج هذا العمل فيه لإدخال معدات وآلات متخصصة في فحص الحجارة ومعرفة كافة المحتويات وفحص التركيب الكيميائي لكل منها وطبيعة ما تحتويه من مواد بداخلها.
ويخطط الفلسطيني للمشاركة في معارض عربية ودولية خلال الفترة المقبلة بما يثبت الحضور الفلسطيني ويعززه في مجال الحجارة الكريمة والصخور، إلى جانب اكتساب المزيد من المهارة والمعارف في هذا المجال من خلال الاحتكاك بالخبرات الخارجية.
ويطمح كذلك إلى أن يتحول هذا المعرض لمزار ومعلم فلسطيني يوثق الحجارة الكريمة والصخور التي عمل على جمعها من داخل القطاع، وأن يكون بمثابة مرجع علمي للطلبة في مجال دراستهم وأن يحقق استفادة اقتصادية له وللفريق العامل معه.