فكّ كلب قد يؤشر إلى وجود بشري في أميركا الوسطى قبل 12 ألف عام

13 أكتوبر 2021
الباحث غييرمو فارغاس: "من غير الممكن فصل ثنائي الإنسان والكلب" (إزيكيل بيثيرا/فرانس برس)
+ الخط -

قد يكون اكتشاف عظم فكّ قبل أكثر من 30 عاماً، دليلاً على أن الكلاب كانت تعيش في أميركا الوسطى قبل 12 ألف عام، ما من شأنه أن يوفّر معطيات جديدة تغيّر ما هو معروف راهناً عن الحضور البشري في هذه المنطقة من العالم، وفقاً لباحثين كوستاريكيين ومكسيكيين، إذ أن وجود هذه الحيوانات متصل بالوجود البشري.

وعلى الرغم من توافر أدلّة على هجرة بشرية إلى المكسيك وتشيلي والأرجنتين في تلك الحقبة، لم يُعثَر إلى اليوم على أي أثر مماثل مؤكد رسمياً في أميركا الوسطى.

وكان هذا الفك ضمن بقايا عظام أخرى عُثر عليها مطلع تسعينيات القرن العشرين، أبرزها تلك العائدة إلى نوع أحصنة "أكوس" العملاقة، وإلى الحيوانات الأخدودوية الأسنان، في موقع يعود تاريخه إلى العصر الجليدي العلوي (الممتد من 12 ألف عام إلى عشرة آلاف عام قبل الميلاد). وكان هذا الموقع اكتُشف قبل 12 عاماً في ناكاوميه (كوستاريكا).

إلا أن بطاقة كتب عليها "ذئب" وضعت على عظم الفك هذا، قبل أن يطويه النسيان.

وقال الباحث الكوستاريكي غييرمو فارغاس: "بدا غريباً جداً بالنسبة لنا وجود ذئب في العصر الجليدي. وعندما أجرينا تحليلاً لهذه العظام، تبيّن لنا أن للفكّ خصائص تحمل على الاعتقاد بأنه لكلب".

أما عالم الأحياء المكسيكي وعالم آثار الحيوان راوول فالاديس أزوا، من "معهد البحوث الأنثروبولوجية" التابع لـ"الجامعة الوطنية المستقلة" في المكسيك، فاستنتج هو الآخر، بعدما تمعّن في صور الفك، أنه قد يكون عائداً "لأفضل صديق للإنسان".

وقال فارغاس "يمكن أن يكون أقدم كلب في القارة الأميركية". وكانت أقدم متحجرة لكلب في القارة الأميركية تعود إلى عشرة آلاف عام قبل الميلاد، وعُثر عليها في ألاسكا.

وأشار إلى أن الاكتشاف الجديد "سيكون أول دليل لوجود بشري في كوستاريكا يعود إلى فترة أقدم بكثير من ما تؤكد نظرية الهجرات البشرية التي أدت إلى استيطان القارة".

وفقاً لنظرية الاستيطان في القارة الأميركية، هاجر البشر من آسيا عبر مضيق بيرينغ، الواقع بين سيبيريا وألاسكا، عندما انخفضت مستويات سطح البحر خلال العصر الجليدي الأخير.

ويحتفظ المتحف الوطني في كوستاريكا حالياً بعظم الفك، وتلقّى الباحثون عرضاً من "جامعة أكسفورد" لإجراء دراسات على الحمض النووي للميتوكوندريا (المتقدرة)، وبواسطة تقنية الكربون 14. ومن شأن ذلك أن يتيح الحصول على المزيد من المعلومات الجينية، وتحديد عمر هذا الفك الأثري بدقة.

ويرغب المتحف أيضاً في أن يتولى التحقق من صحة النتائج أحد المنشورات العلمية المتخصصة.

ويعكف كل من فارغاس ومواطنته ناتاليا رودريغيس وميرنا بايس من نيكاراغوا، بدعم من المكسيكي راوول فالاديس أزوا، منذ ست سنوات، على درس العلاقة بين الثقافات ما قبل الإسبانية والكلاب، في إطار مشروع "تشولو"، أي "كلب" باللغة الأصلية للمنطقة الأثرية في غران نيكويا.

وقال فارغاس "أجرينا الكثير من الأبحاث حول تاريخ الأنياب، لأنها تدل على وجود بشري". وعندما يصبح الكلب منزلياً، "يتغير الفك، وتصبح الأنياب أقل حدة في تمزيق العظام واللحوم". وأوضح أن "فاعلية أنياب الكلب في تأمين غذائه تتراجع عندما يأكل الفائض من غذاء الإنسان". وأضاف أن الفك الذي عُثر عليه "يعكس هذا الاختلاف".

وقال فالاديس لوكالة "فرانس برس"، عبر الهاتف من المكسيك، إن "الكلاب الأليفة الأولى دخلت القارة قبل نحو 15 ألف عام، بعد هجرة الآسيويين عبر مضيق بيرينغ. لم يوجد يوماً كلب من دون وجود بشري. وانتقلت هذه الكلاب من الشمال إلى الجنوب ضمن مجموعات تضم صيادين وقطافين".

وشدد على أن "من غير الممكن فصل ثنائي الإنسان والكلب. لا توجد كلاب من دون بشر (...). في بعض الأحيان، لا ندرك بعمق ما يمكن أن يعنيه مثل هذا الاكتشاف، ولكنه يمكن أن يعيد تركيب تاريخ الإنسان".

وأضاف فالديس "هذا يبين لنا أن ثمة مجتمعات كان لديها كلاب للمتعة، وفائض من الطعام. لم تكن كلاباً مهاجمة كتلك التي أتى بها الإسبان مثلاً خلال رحلتهم الثانية (إلى أميركا) التي كانت معدة للقتل".

(فرانس برس)

المساهمون