فطين عبد الوهاب... صانع البهجة المصرية

04 ديسمبر 2020
فطين عبد الوهاب وشادية وصلاح ذو الفقار (محمود عبد الشكور/فيسبوك)
+ الخط -

المصري فطين عبد الوهاب (1913 ــ 1972) مخرج سبق عصره، وصنع أفلاماً منحتنا البهجة والسعادة والشباب. قدم أعماله بحرفية شديدة ومهنية عالية ونضج إبداعي لا تخطئه العين. وأذكر أنني سألت الفنان الراحل فؤاد المهندس مرة عن أهم مخرج كوميدي في مصر، فأجاب بلا تردد فطين عبد الوهاب.

الأعمال الكوميدية كانت قبل فطين عبد الوهاب، واستمرت بعده، لكنه ظلّ أستاذاً في هذا النوع. والحق أنه لم يبرع فقط في الكوميديا، بل في أعمال درامية مختلفة، منها "الأخ الكبير" (1958)، من بطولة فريد شوقي وهند رستم وأحمد رمزي.

ويخطئ من يظن أن فطين عبد الوهاب مخرج فقط، فهو ــ إلى جانب إبداعاته الكثيرة ــ مكتشف للمواهب وموجهها ومدربها. إذ قدم لنا نجوماً كانوا قد اشتهروا بالأدوار الجادة في أدوار طابعها كوميدي، معيداً اكتشافهم، كإطلالة عمر الشريف في فيلم "إشاعة حب" (1961) مع يوسف وهبي وسعاد حسني. الممثلان كانا فعلاً مفاجأتين.

يؤدي الشريف دور "حسين"، وهو شاب خجول يحب ابنه عمه "سميحة" التي لا تعيره أي اهتمام، وتحب ابن خالتها "لوسي". لكن عمه عبد القادر النشاشجي (يوسف وهبي) معجب بشخصيته، فيبدأ في تحويله ظاهرياً إلى شخصية أخرى تستطيع جذب ابنته، عبر رسم خطة ماكرة بأن ينشر إشاعة مفادها بأنه على علاقة بالنجمة هند رستم التي تطل بشخصيتها الحقيقية.

وهو أيضاً مكتشف أحمد مظهر في فيلم "أضواء المدينة" (1972) الذي لعب فيه دور المخرج المتعالي الذي لا يقتنع بإسناد دور البطولة إلى فتاة قروية (شادية) تعمل مع فرقة من الأصدقاء يحاولون إحياء التراث الفني المصري. في الفيلم، يدبر أعضاء الفرقة حيلة، بانتحالها شخصيات أسرة ثرية تقيم في قصر، بمساعدة أحد العاملين لدى ملاكه، منتهزين غيابهم.

يتوجه المخرج إلى هذه العائلة الأرستقراطية، لكي يستأذن شادية التي يعتقد أنها من عائلة أرستقراطية، فيكون شرطهم أن يقدم لهم "اسكتشاً" من تأليفه. يقدم أحمد مظهر واحداً من أبرع المشاهد الكوميدية مقلداً شخوصاً مختلفة. وكانت المرة الأولى ــ على حد علمي ــ التي يقدم فيها أحمد مظهر دوراً كوميدياً.

كما قدم فطين عبد الوهاب الفنان صلاح ذو الفقار مع شادية في أكثر من فيلم كوميدي، أبرزها "مراتي مدير عام" (1966) و"عفريت مراتي" (1968).

واختار الفنان رشدي أباظة أمام شادية في "الزوجة 13" (1962). تدور أحداث الفيلم حول رجل الأعمال "مراد سالم" (رشدي أباظة) الذي يمتلك مصنعاً للنسيج ورثه عن عائلته، وخلال زيارته الإسكندرية يقع في حب "عايدة" (شادية)، ابنة أحد الوزراء السابقين، ويقرر الزواج بها. لكن "عايدة" تكتشف الوجه العابث له، حين تعلم من "كريمة" (شويكار) أنه قد تزوج 12 مرة من قبل.

كذلك قدم إسماعيل ياسين في مجموعته الشهيرة "في الجيش والبحرية"، وأعاد اكتشافه في فيلمه الذي سبق عصره "الآنسة حنفي" (1954). و"حنفي" هذا شاب متحفظ ورجعي، يمارس أفكاره على زوجة أبيه فلة وابنة زوجة أبيه نواعم، ويحاول والده أن يزوجه من ابنتها نواعم التي تحب شاباً آخر، وأثناء حفل الزفاف يصاب حنفي بمغص شديد، فينقل إلى المستشفى حيث يكتشف أنه يجب إجراء عملية جراحية له، ويتحول إلى امرأة. لعب إسماعيل ياسين دوره هذا ببراعة، خاصة عندما مثّل كل ما تعانيه المرأة من آلام جسدية وظلم اجتماعي.

المساهمون