فرقة الفجر الفلسطينية... كالصخور والسنابل

21 ابريل 2024
أصدرت الفرقة ألبومها الوحيد خلال الانتفاضة الأولى (فيسبوك)
+ الخط -
اظهر الملخص
- عادت فرقة الفجر الفلسطينية للأداء بعد غياب 35 عامًا، مستلهمة من الأحداث في غزة وتفاعل الجمهور عبر السوشيال ميديا، وأقامت حفلًا في الأردن لدعم غزة بأغاني نضالية.
- تأسست الفرقة في الكويت 1987، واشتهرت بأسلوبها الموسيقي الهادئ وأغانيها القوية عن الهوية والصمود الفلسطيني، مع "عنيد أنا كالصخور" كرمز للنضال.
- تجدد اهتمام بالأغاني الفلسطينية عبر عودة الفرقة، معبرة عن دور الموسيقى في توحيد وإلهام الناس، وتأكيد على أمل الفرقة بإقامة حفلات في القدس وغزة لدعم قضيتهم.

عادت فرقة الفجر الفلسطينية إلى الغناء بعد غياب استمر 35 عاماً. بالتزامن مع عدوان الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، استُعيدت أغانيهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ما حرّض أعضاء الفرقة على الظهور مجدّداً، خصوصاً أنّ أغانيهم ارتبطت بالنضال ضد الاحتلال.

على خشبة مسرح جمعية الثقافة والتعليم الأرثوذكسية في العاصمة الأردنية، أحيا أعضاء الفرقة الشهيرة، في فبراير/ شباط الماضي، ليلةً تحت عنوان "لأجلك فلسطين"، قدموا خلالها أشهر أغانيهم، مثل "عنيد أنا كالصخور"، و"فلسطين يا بلدتي يا زينة البلدان"، و"بلادي حبك موالي"، و"سأقاوم"، وغيرها. في حين خصّصت الفرقة عائدات الحفل للجهود الإغاثية في قطاع غزة.

عن العودة المفاجئة بعد فترة التوقف الطويلة، قالت مغنية الفرقة الرئيسية، سيما كنعان، في مقابلةٍ أجرتها مع موقع معازف: "كل واحد منا يبحث عن فرصة، عن طريقة، لكي يعبّر عن مشاعره تجاه ما يحدث من مذابح في غزة وفلسطين إجمالاً، وبالنسبة إليّ فإن صوتي أقوى سلاح أملكه، ويمكن أن يوصل ما أرغب فيه إلى قلوب الناس".

في حين قال عازف الغيتار في الفرقة، بشار شموط، بتصريح أدلى به إلى التلفزيون العربي بخصوص الحفل: "بعد ثاني أو ثالث أغنية، أحسسنا براحة نفسية وتفاعلنا مع الجمهور، شعرنا أنه أصبح جزءاً منا، ونحن جزء منه. وهذا مريح كثيراً في الأداء الموسيقي، الإحساس واحد، فلم نكن بحاجة إلى بذل مجهود أكبر حتى يتجاوب الجمهور مع الأغاني والموسيقى، وكان بالفعل عرضاً جميلاً وممتعاً ولطيفاً.

الحفل الذي أقيم في الأردن ولاقى احتفاءً واسعاً، وقبله انتشار أغاني الفرقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حفّز كثيرين على البحث عن تاريخ الفرقة التي تأسست في الكويت عام 1987، بمبادرة من أعضائها الأربعة، وهم بشار شموط (عازف غيتار) وجميل سراج (عازف عود وغيتار) وسيما كنعان (مغنية) ونزار عليان (إيقاع).


في البداية، تعرفت سيما كنعان إلى جميل سراج الذي كان يغني في إحدى الفرق الطلابية الفلسطينية في الدولة الخليجية، وشجعها سراج على الالتحاق بالفرقة التابعة لاتحاد الطلبة الفلسطيني في جامعة الكويت (1982) لتنشط معه في إقامة الحفلات بالمناسبات الفلسطينية المختلفة.

ومن خلال أمسية نظمها اتحاد طلبة الطب الفلسطيني في الجامعة، وأحيتها كنعان، تعرّف بشار شموط إليها، واتفقا على الأداء معاً في الحفلات المقبلة، لينضم إليهم عازف الإيقاع نزار عليان. ومنذ الحفل الأول، أُعجب الجمهور بهذا المزيج البسيط الذي يقدم لوناً موسيقياً هادئاً، لتضطر الفرقة إلى إعادة جميع الأغاني التي قدمتها تلك الليلة بناءً على طلب الجمهور.

استطاع الثلاثي، مع رابعهم جميل سراج، أن يكوّن حضوراً مميزاً منذ البدء في عدد كبير من المهرجانات والفعاليات الفنية في كل من الكويت والعراق وألمانيا. فإلى جانب إحيائها عدداً من الحفلات في المناسبات المختلفة في الكويت، شاركت "الفجر" في مهرجان بابل الثقافي للأغنية والتراث في العراق في عام 1988، كممثل لمنظمة التحرير الفلسطينية، كذلك مثلت الفرقة وطنها في مهرجان برلين للأغنية السياسية في عام 1989.

اجتذبت "الفجر" جمهوراً واسعاً بموسيقاها التي ابتعدت عن صخب ثوري طبع كثيراً من الفرق الموسيقية الفلسطينية التي برزت في تلك الآونة، إذ اتسمت موسيقى الفرقة الفلسطينية بنبرة هادئة، في حين أعرضت تماماً عن إدخال أي آلات كهربائية ميزت موسيقى تلك الحقبة.

واستغلت "الفجر" الحضور الفلسطيني الكبير في الكويت في فترة الثمانينيات، لتقيم كثيراً من الحفلات. كذلك أسبغ التميز على أغاني الفرقة انتشاراً واسعاً، وفي مقدمتها أغنية "عنيد أنا كالصخور"، التي أصبحت فيما بعد علامة مميزة تدل على الفرقة.

 
عن تلك الأغنية، تقول كنعان: "هذا العمل في رأيي تشخيص لحال الإنسان الفلسطيني وتصوير لهويته وصموده ضد الاحتلال، في الوقت نفسه يبرز الجانب الإنساني لدى الفلسطيني، وهذا هو المعنى الأجمل الذي تقدمه هذه الأغنية، التوازن بين القوة التي يتصف بها الفلسطيني والإنسانية والسماحة التي لا تخلو منها خصاله".
   
أصدرت الفرقة ألبومها الوحيد خلال الانتفاضة الأولى في عام 1988، ومن بين أغانيه: "هلالالاليا" و"عن إنسان" و"لقاء" و"فلسطين" و"عنيد أنا" و"عن الأمنيات" و"يما مواويل الهوى" و"ربما". جاءت أغاني الألبوم تعبيراً بليغاً عن الأجواء الثورية التي سادت في تلك الفترة، وهو ما اتسمت به كل تفاصيل العمل الفني، إذ تصدر الألبوم صورة الحجر الذي أمسك به حينها كل طفل فلسطيني يواجه به آلة الحرب الإسرائيلية الهمجية.

تجربة تمثيل فلسطين في مهرجان برلين للأغنية السياسية في عام 1989 هي التجربة الأبرز في عمر الفرقة القصير، الذي لم يتعدَّ العامين. وتتذكر كنعان المشاركة الواسعة، في هذه الفعالية الدولية، التي شملت فنانين من جميع أنحاء العالم الاشتراكي وقتها. ورغم التنوع الكبير، إلا أن الجميع كان يحمل القيم نفسها، وهو ما أسرها.

أما شموط، فيذكر بدوره مدى التفاعل الكبير الذي حظيت به أغاني الفرقة، رغم بساطة اتسمت بها، فلم تضمّ غير العود والغيتار وإيقاع خشبي، وهو ما توافق مع رؤية أعضائها، إذ اتفقوا على التزام البساطة، سواء في اختيار آلات العزف أو الموسيقى المقدمة.

اقتصرت مشاركة الفرقة في الفعاليات الدولية على هذا المهرجان الدولي، حيث اضطر أعضاؤها إلى مغادرة الكويت بسبب نشوب حرب الخليج عام 1990، التي حجزت الفرقة عن إصدار الألبوم الثاني، فلم تتمكن الفرقة من تسجيله، ورغم قصر عمرها، إلا أن أغانيها عاشت طويلاً. كذلك قدمّت "الفجر" أغاني لمختلف الفرق والمغنين، مثل: "العاشقين" و"صابرين" وأحمد قعبور وزينب شعت، إلى جانب أغاني الفولكلور الفلسطيني.

استدعى عدوان الاحتلال الإسرائيلي الحالي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أغاني فرقة الفجر بقوة. ويرى شموط أن ذلك يرجع إلى سببين: الأول يعود إلى شركة إنتاج بريطانية يملكها شاب فلسطيني اسمه مؤمن سويطات، كان يبحث عن الأغاني الفلسطينية التي تعود إلى فترة السبعينيات والثمانينيات رغبةً في إعادة إحيائها، ليتواصل مؤمن مع أعضاء الفرقة منذ ما يزيد على السنة، طالباً منهم إنتاج أغانيهم القديمة على إسطوانة فينيل، وهو المشروع الذي أشرفت عليه مؤسسة مجاز للتراث. أما السبب الثاني، فيرى شموط أنه يعود إلى المأساة التي يعيشها قطاع غزة، إذ إن أغانيهم تتماس بقوة مع ما يحدث اليوم في فلسطين.

يحلم أعضاء فرقة الفجر بعد عودتهم إلى الغناء بأن يقيموا حفلات لهم يوماً ما في القدس، باعتبارها رمزية لكل فلسطين، للقضية الأكثر عدالة في عالم اليوم، كما يرى شموط، بينما يطمح جميل سراج إلى أن يعزف يوماً في غزة، حيث منشأه الأول.

المساهمون