حتى في شركة عُرفت بانفتاحها النسبي على النقاش الداخلي بين موظفيها، يضيق صدر "غوغل" تجاه كل رأي ينتقد العدوان الإسرائيلي على غزة بأي شكل من الأشكال.
قبل أيام، نشرت مجموعة من الموظفين رسالة مفتوحة موجهة إلى قيادة "غوغل"، تتهم فيها الشركة بازدواجية المعايير، التي تسمح بحرية التعبير لموظفي "غوغل" الإسرائيليين، مقابل موظفي "غوغل" العرب والمسلمين والفلسطينيين.
يقول الموظفون المؤيدون للفلسطينيين، وهم من المسلمين والعرب والفلسطينيين واليهود المناهضين للصهيونية، إن الشركة سمحت لمؤيدي إسرائيل بالتحدث بحرية عن آرائهم حول هذا الموضوع، بينما تعاملت بشدة مع الموظفين المسلمين الذين انتقدوا الحرب على غزة.
وكان الموظفون الإسرائيليون واليهود، قد عبّروا عن غضبهم من الرسائل المنشورة في القنوات الداخلية لشركة "غوغل". وقال هؤلاء إن اللغة التي استخدمها زملاؤهم كانت "مسيئة للغاية"، لأنها وصفت تصرفات إسرائيل في غزة بأنها "إبادة جماعية".
بينما طالب الموظفون الذين يقفون وراء الرسالة قادة "غوغل" بـ"إصدار إدانة علنية للإبادة الجماعية المستمرة بأشد العبارات الممكنة".
عندما انضم سرمد جيلاني إلى شركة "غوغل" مهندساً للبرمجيات في عام 2012، انجذب إلى ثقافة الشركة المنفتحة الشهيرة، حيث يمكن للموظفين انتقاد القيادة علناً، ويُشجّعون على احتضان هويتهم العرقية وتوجههم الجنسي أثناء العمل.
وقال إن بعض المواقف السياسية، مثل دعم حركة "حياة السود مهمة" أو أوكرانيا، كانت عادةً ما تُقابل بالموافقة وحتى تتبناها الشركة. ولكنه قال في حديث إلى صحيفة نيويورك تايمز: "عليك أن تكون حذراً جداً جداً جداً، لأن أي نوع من الانتقادات الموجهة إلى إسرائيل يمكن أن يُنظر إليه بسهولة على أنه معاداة للسامية"، و"لا أشعر بالأمان عندما أقول ما أريد قوله".
ويقول جيلاني إنه عام 2014، أوقفه أمن المطار مراراً وتكراراً، فقدّم طلباً بموجب قانون حرية المعلومات لمحاولة معرفة ما إذا كان على قائمة المراقبة. ولكن بدلاً من الحصول على المعلومات، اتصل به مكتب التحقيقات الفيدرالي واستجوبه في مكاتب "غوغل".
ويشعر الآن بالقلق من أن الانتقام من الموظفين المسلمين له تأثير سلبي على حرية التعبير في "غوغل". ويقول: "يبدو الأمر وكأنني يجب أن أدين حماس عشر مرات قبل أن أقول شيئاً صغيراً جداً ينتقد إسرائيل".
تسلط الرسالة الضوء على نقطة حسّاسة أخرى، هي عقد "غوغل" بقيمة 1.2 مليار دولار لتزويد إسرائيل وجيشها بالذكاء الاصطناعي، وغيرها من القوى الحاسوبية، وهي التكنولوجيا التي يقول النقاد والناشطون إنها يمكن استخدامها لمراقبة الفلسطينيين.
وعندما دخل العقد، المسمى مشروع نيمبوس، حيز التنفيذ في عام 2021، اعترض عدد من الموظفين علناً وقالوا إنهم تعرضوا للتهديد بسبب التحدث علناً لدعم الفلسطينيين.
وفي العام الماضي، استقالت موظفة يهودية في شركة "غوغل"، قادت الجهود لإقناع الشركة بالانسحاب من العقد، وأكدت أن الشركة انتقمت منها.
وبعد اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، بدأ الموظفون تقديم التماس جديد لشركة "غوغل" لإلغاء خدمة "نيمبوس"، وبحلول الثلاثاء، جمع الالتماس 675 توقيعاً.
من جانبها، قالت متحدثة باسم الشركة لـ"غوغل" إن "هذا وقت وموضوع حسّاسان للغاية في كل شركة ومكان عمل، ولدينا موظفون عدة يتأثرون شخصياً".
وأضافت أن "الغالبية العظمى من هؤلاء الموظفين لا يشاركون في مناقشات أو مناظرات داخلية"، و"قد قال الكثير منهم إنهم يقدرون استجابتنا السريعة وتركيزنا على سلامة موظفينا".
وقالت مهندسة البرمجيات في "غوغل" راشيل ويستريك إن "انتقاد مشروع نيمبوس جعل الناس أهدافاً"، وهي تريد أن تدين الشركة العنف ضد الفلسطينيين، كما فعلت مع طوفان الأقصى، وأن تعالج العنصرية التي تعرض لها زملاؤها.
من جانبها، قالت "غوغل" إن دورها في "نيمبوس" يتضمن تقديم خدمات لعمل الوكالات الحكومية العادي، ولا يُطبّق على المشاريع الحسّاسة أو السرية للغاية.