غزّة بعدسة أبنائها: ما لا يراه العالم

20 سبتمبر 2020
من مدينة غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

يسعى المصور الفلسطيني رمضان حمد، لكسر الصورة النمطية الصادرة عن قطاع غزة عبر تصوير البورتريه والطبيعة، للخروج بصور فوتوغرافية فنية احترافية، تعكس الوجه الآخر للقطاع الساحلي المحاصر. 
وإلى جانب حمد، يسعى عدد من المصورين الفلسطينيين، وبإمكانياتهم المحدودة إلى تصوير المشاهد الطبيعية والجمالية في مختلف المناطق، بهدف التميّز عن أقرانهم، والابتعاد عن الصور الإخبارية، ذات المشهد القاتم، بصور ذات كوادر جديدة ومبهجة. 
ويجسد المصورون عبر لقطاتهم الفنية الاحترافية، مشاهد وميادين عامة من مناطق قطاع غزة، إلى جانب صور البحر والصخور، كذلك المساحات الخضراء، والأشجار بمختلف أحجامها وأشكالها، علاوة على أشكال وألوان الورود، وأنواع الطيور المتنوعة. 
ولم تمنع المساحات المفتوحة المحدودة في غزة المصور رمضان حمد (39 عامًا)، الذي يختص بتصوير البورتريه، من خوض تلك التجربة المثيرة، خاصة بعد عدم تمكنه من العمل بشهادته الجامعية، إذ حصل على درجة البكالوريوس في علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية من جامعة الأزهر، وبدأ بالتصوير عام 2006 بعدما أنشأ استوديو تصوير خاصًا لتصوير البورتريه والمناسبات.
وتصوير جمال الطبيعة، وفق حديث حمد لـ"العربي الجديد"، أمر محبب لكثير من المصورين، على الرغم من قلة الأماكن الطبيعية بسبب تجريف الاحتلال الإسرائيلي لمساحات زراعية واسعة، ما يدفع المصورين باتجاه البحر، ولحظة الغروب، وغيرها.
واتجه حمد منذ عام إلى تصوير الطيور بشكل احترافي، وذلك بحكم سكنه في منطقة تحيط بها المشاهد الطبيعية والتنوع الحيوي، وعن ذلك يقول: "كنت أجلس في حديقة المنزل وأشاهد الطيور وأنواعها، فقررت أن أوثق جمال هذا المشهد". 
ولم ينكر حمد، وجود عقبات تتمثل في عدم قدرة المصورين على توثيق المشاهد الطبيعية، وذلك بفعل منع التصوير في عدد من المناطق، وتحديدًا المناطق الحدودية، إلا أنه قام بتصوير مشاهد الطبيعة في بلدته، وتحديدًا في فصلَي الشتاء والربيع، كذلك صور غروب الشمس على شاطئ البحر، والمشاهد الجمالية من فوق الأبراج السكنية، والبحر والميناء. 
وتتمثل رسالة حمد للعالم في إظهار جمال المدينة، ويرى أن غزة جميلة بكل تفاصيلها، "ومن حق أهلها أن ينعموا بحياة كريمة مثل باقي شعوب العالم، وأنهم يحبون الحياة ما استطاعوا إليها سبيلا". 
ولم يختلف معه المصور زاهر خلف (25 عامًا)، من حي التفاح في مدينة غزة، إذ اتجه لتصوير الطبيعة قبل عامين، بهدف إظهار الوجه الآخر للمدينة، وهو الوجه الجميل الذي لا يظهر عادة في النشرات الإخبارية، والأنباء الصادرة من قطاع غزة. 

إعلام وحريات
التحديثات الحية

ويوضح خلف لـ "العربي الجديد" أنه وعلى الرغم من الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها قطاع غزة من فقر وحصار وانحصار للأماكن الطبيعية، إلا أن سكانه لا يزالون يتمسكون بالأمل والحياة، وإبراز مواهبهم المختلفة. 
ويسعى خلف عبر تصوير البحر ولحظة الغروب، والورود والأزهار بطريقة احترافية، إلى إظهار حب الفلسطينيين للحياة، إلى جانب تصدير صور جمالية للأشخاص خارج غزة، خاصة المغتربين، والمهتمين برؤية تفاصيل القطاع عن بُعد. 
أما حكاية المصور إبراهيم الميدنة (36 عامًا)، مع تصوير الطبيعة، فقد بدأت كهواية قبل نحو خمس سنوات، لالتقاط الصور الجميلة، وتحولت مع مرور الأيام إلى شغف، ولون محبب لا يستطيع التوقف عن الانبهار به، وقد دفعه ذلك الشغف إلى دراسة المناخ والفصول والأوقات الجيدة التي تدعم الصور الاحترافية.
البيئة الصحراوية في قرية النوفلية بالقرب من الصحراء الكبرى في ليبيا، كان لها الدور الأكبر في توجه المصور الميدنة نحو الطبيعة، إذ كان – آنذاك – دائم النظر إلى السماء، النجوم، الجبال، الرمال، الحشائش الصحراوية، والقمر العملاق، إلى جانب عشقه للمجالات غير التقليدية والصعبة. ويقول إن تصوير الطبيعة في غزة نادر، بسبب محدودية الأماكن الطبيعية. 
وجسدت عدسة الميدنة العديد من المشاهد الطبيعية، وفي مقدمتها صورة التقطها على شاطئ بحر غزة، تميزت بألوانها الغزيرة، في ظروف مناخية صعبة، وقد وصل فيها إلى المراحل النهائية بمسابقات عالمية كان قد شارك فيها إلكترونيًا، ويرى أن العقبة الأساسية التي تعترض عمله هي الحصار الإسرائيلي، الذي يمنعه من التحرك بحرية في كل المناطق، وعلى وجه الخصوص، المناطق الحدودية، الغنية بالمشاهد الطبيعية الخلابة. 
ويرغب الميدنة بإخبار العالم أن غزة مدينة السلام والحب والجمال، وأن أهلها جزء لا يتجزأ من مشاهد الطبيعة، والأرض، التي يعيشون عليها، متمنيًا زوال الاحتلال الإسرائيلي، حتى يعيش أهل فلسطين بأمن وسلام مثل باقي شعوب العالم.

دلالات
المساهمون