عاد الجدل في تونس حول قضية سجن الإعلامي سامي الفهري، المالك الفعلي لقناة "الحوار التونسي" (قانونياً القناة ملك لزوجته)، بعد أن انطلقت حملة مساء أمس الثلاثاء على مواقع التواصل الاجتماعي بوسم "الحرية لسامي الفهري". هذه الحملة جاءت نتيجة رفض النيابة العامة في تونس الإفراج عنه، رغم قضائه للمدة الأقصى للإيقاف الاحتياطي في القانون التونسي، وهي مدة 14 شهراً.
واعتبر محاميه، عبد العزيز الصيد، أن ما حصل "فضيحة قانونية" و"عار على القضاء التونسي"، بعد رفضه الإفراج عن موكله دون وجود قرينة قانونية لهذا الفعل المخالف للنصوص القانونية، خاصة أن قاضي التحقيق أمر بالإفراج عنه، لكن النيابة استأنفت القرار ورفضت تنفيذه.
من جانبها، رأت المحامية والإعلامية سنية الدهماني في ما حصل "سابقة خطيرة في تاريخ القضاء التونسي"، مبينةً أن مثل هذه القرارات لا تساعد تونس على جلب بعض المتهمين في قضايا فساد مثلما حصل لصهر الرئيس التونسي المخلوع بلحسن الطرابلسي، الذي رفضت محكمة فرنسية هذا الشهر ترحيله إلى تونس، بحجة عدم وجود ضمانات قانونية لمحاكمة عادلة له.
وتعود أطوار قضية سامي الفهري إلى 24 آب/ أغسطس 2012 حين صدر حكم قضائي بإيداع سامي الفهري السجن بعد أن رفع التلفزيون الرسمي قضية ضده بتهمة الفساد المالي والاستحواذ على أموال من حق التلفزيون من طريق شركة "كاكتوس برود" التي يمتلك 49 بالمائة من أسهمها، فيما يمتلك بلحسن الطرابلسي، شقيق ليلى بن علي، زوجة الرئيس التونسي المخلوع 51 بالمائة من أسهمها.
وأنتجت الشركة برامج وأعمالاً درامية للتلفزيون التونسي مقابل الحصول على الجزء الأكبر من عائدات الإعلانات التجارية واستغلال معدات التلفزيون في إنتاج هذه البرامج دون وجه حق. وقدرت الخسائر المالية التي لحقت بالتلفزيون التونسي بسبب هذه العملية 25 مليون دينار تونسي (حوالى 8.5 ملايين دولار أميركي)، ليقرر القضاء بعد ذلك إصدار مذكرة إيقاف بحق الوزير المستشار السياسي للرئيس التونسي المخلوع عبد الوهاب عبد الله، وخمسة رؤساء مديرين عامين للتلفزيون التونسي بتهمة تسهيل المهام لشركة "كاكتوس برود " للقيام بهذه العمليات غير القانونية. لكن بعد قضاء مدة الإيقاف بـ14 شهراً، أُطلِق سراحهم سنة 2015، ليعود سامي الفهري للعمل وإنتاج برامج تلفزيونية على قناته "الحوار التونسي"، إلا أن القضاء التونسي أعاد القرار بالسجن ضد سامي الفهري في كانون الأول/ ديسمبر 2019، وهو في السجن حتى الآن.
واعتبر متابعون للشأن الإعلامي والسياسي في تونس أن قضية سجن سامي الفهري تعود أساساً لأسباب سياسية، ولا علاقة لها بقضايا فساد، خاصة أن القضاء سبق له أن أفرج على سامي الفهري، وأبدى هذا الأخير استعداده لدفع 25 مليون دينار للتلفزيون التونسي بسبب الخسائر التي حصلت له، إلا انه لم يُستجَب لطلبه، وأصرّ التلفزيون التونسي على مواصلة ملاحقته، مطالباً بتعويضات مالية تصل إلى 40 مليون دينار (حوالى 14.5 مليون دولار أميركي).
"العربي الجديد" كان له لقاء مع عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين المكلفة العلاقات الخارجية، فوزية الغيلوفي، حول هذا الحكم القضائي، التي قالت: "نحن لا نتدخل في أحكام القضاء، كذلك فإن سامي الفهري صاحب مؤسسة إعلامية، ونحن ندافع فقط عن منظورينا من الإعلاميين". وبسؤالها عن تغيّر موقف النقابة من الفهري، وخاصة أنه سبق لها سنة 2014 أن نظمت حملة للإفراج عنه، أجابت: "هذا الأمر حصل مع مكتب سابق للنقابة، وأنا لا أريد الدخول في تقييم ما حصل، لكن نصرّ على أننا ضد التدخل في مسار القضايا التي ينظر فيها القضاء التونسي الذي تبقى له صلاحية الحكم وفقاً لما تمليه النصوص القانونية بعيداً عن الاعتبارات الشخصية والسياسية".