علماء آثار يقتفون أثر مسجد بناه هارون الرشيد في أضنة التركية

19 اغسطس 2024
يعتبر أول مسجد بني في الأناضول والأراضي التركية الحالية (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **اكتشاف أثري مهم**: فريق من الآثاريين الأتراك بقيادة الدكتور فاتح أرهان عثر على بقايا مسجد في مدينة أنوارزا الأثرية بولاية أضنة، يُعتقد أنه بُني في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد.

- **تاريخ المسجد**: المسجد الكبير بُني بين عامي 796-797 ميلادية وتعرض للتدمير عام 962. يُعتقد أنه أول مسجد بُني في الأناضول، مما يبرز الوجود المبكر للمسلمين والأتراك في المنطقة.

- **تفاصيل الاكتشافات**: اكتشف الفريق طبقات من الطوب والرماد وعظام، إلى جانب سيراميك عباسي. يشبه تصميم المسجد المكتشف تصميم المسجد الأموي في دمشق، ويحتوي على حمام ومبانٍ ملحقة متعددة الأغراض.

عثر آثاريون أتراك على بقايا مسجد يُعتقد أنه بني في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد في مدينة أنوارزا الأثرية، بمنطقة قوزان بولاية أضنة التركية (جنوب). وتستمر أعمال الحفريات الأثرية في المدينة القديمة التي تُعرف تاريخيا باسم "المدينة التي لا تُقهر"، والمدرجة ضمن قائمة التراث العالمي المؤقتة لليونسكو.

وتجري أعمال الحفريات الأثرية تحت إشراف الدكتور فاتح أرهان، عضو هيئة التدريس في قسم الآثار بكلية الآداب والعلوم في جامعة عثمانية قورقوت أتا، وبمشاركة فريق يتكون من 200 باحث وآثاري.

وفي مدينة أنوارزا، التي تعرف بالعربية باسم "عين زربة" وبالإغريقية "أنازاربوس"، عُثر على العديد من الاكتشافات التاريخية المهمة خلال الموسم الحالي، ومن أبرز تلك الاكتشافات بقايا مسجد يعتقد أنه بني في العصر العباسي. وتم العثور على البقايا المعمارية والأثرية التي يعتقد أنها تعود للمسجد على تلة في مركز مدينة عين زربة (أنوارزا) الأثرية التي تشتهر باحتوائها على أول طريق مزدوج في العالم.

ويجري العمل على الكشف عن المزيد من الاكتشافات التي قد تسلط الضوء على هذا المسجد، الذي يُعتقد أنه بني في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد ولم يحدد في السابق موقعه بدقة.

بقايا لمسجد من العصر العباسي

وقال رئيس فريق الآثاريين وأعمال الحفريات الأثرية الدكتور فاتح أرهان إن أنوارزا تُعد واحدة من أكبر المدن الأثرية في تركيا. وشرح أرهان لمراسل الأناضول أن الحفريات الأثرية الجارية في المدينة القديمة بدأت في عام 2013، وأن أعمال التنقيب والحفر ما زالت مستمرة في الموسم الحالي بمشاركة 200 باحث وآثاري.

وأكد أرهان أن الحفريات الأثرية المكتشفة في مركز المدينة القديمة في مساحة تبلغ حوالي 80-120 مترا تعود إلى مسجد. وأضاف أن المصادر الإسلامية والبيزنطية تشير إلى وجود مسجد كبير بناه الخليفة هارون الرشيد ما بين عامي 796-797 ميلادية، وأن المدينة كانت محاطة بأسوار في الفترة نفسها. كما تذكر المصادر أن المسجد كان كبيرا، وتعرض عام 962 للتدمير والحرق بعدما شهد مذبحة مروّعة قام بها القائد البيزنطي نقفور فوكاس.

أول مسجد في الأناضول

ولفت أرهان إلى وجود بقايا أثرية تتعلق بالمجزرة التي نفذها نقفور فوكاس، والتي ورد ذكرها في المصادر البيزنطية والإسلامية على حد سواء. وأضاف: "نعتقد أن البقايا الأثرية والمعمارية الموجودة ترجع للمسجد العباسي الكبير الذي كان موجودًا في المنطقة. ومن خلال الحفريات، نرى بوضوح آثارا تعود لعام 962 عندما قام نقفور فوكاس وشقيقه لوكاس فوكاس بإحراق المدينة باسم الإمبراطورية البيزنطية".

وتابع: "نحن نعلم أن الوجود التركي في الأناضول بدأ يصبح أكثر وضوحا بعد عام 1071، ولكن هذه الاكتشافات تظهر في الوقت نفسه أن الوجود الفعلي للمسلمين والأتراك في المنطقة بدأ قبل ذلك بوقت طويل، أي قبل 200 عام من ذلك التاريخ. نقطة أخرى مهمة هي أنه في عام 638 تم بناء مسجد في أنطاكية، ولكنه أصبح ضمن المنطقة العربية التقليدية خلف جبال أمانوس، وبالتالي يعتبر هذا المسجد في أنوارزا أول مسجد بني في الأناضول والأراضي التركية الحالية.

وأشار أرهان إلى أنهم اكتشفوا خلال أعمال التنقيب وجود طبقات من الطوب وطبقة سميكة من الرماد وعظام يُعتقد أنها تعود لأطفال ونساء ورجال بالغين، إلى جانب سيراميك عباسي.

وأكد رئيس فريق الحفريات الأثرية أنهم حددوا تقريبا تصميم المسجد بناءً على المعطيات المتاحة التي حصلوا عليها من خلال أعمال المسح التي أجروها على سطح الأرض.

يشبه المسجد الأموي

وأضاف أرهان أن بعض الجدران التي تم العثور عليها تعود إلى حمام ومبانٍ أخرى كانت تستخدم لأغراض متعددة وكانت جزءا من ملحقات المسجد، وأشار إلى أن تصميم المسجد يشبه تصميم المسجد الأموي في دمشق، وهو عادةً مستطيل الشكل ويتجه نحو الجنوب والقبلة، ويحتوي على مساحة مخصصة للعبادة مغلقة من الجنوب والشمال ومزينة بأروقة.

وفي نهاية الحديث، أكّد أرهان أن جهود الحفريات الأثرية لا تزال متواصلة، وأن الفريق بصدد إجراء دراسات أنثروبولوجية على العظام المكتشفة في الأيام القادمة، ودراسات لتحديد مواقع المحراب والمنبر والمرافق الجانبية في المكان المخصص للعبادة، ثم البدء في عملية الترميم في أسرع وقت ممكن.

(الأناضول)

المساهمون