ترتبط غالب الطقوس الدينية لدى أتباع الديانة الإيزيدية التي تتركز شمالي العراق، كما الأعياد والمناسبات المختلفة، بالظواهر الطبيعية.
ويكون موسم الحج إلى معبد لالش في فصل الربيع لكونه "فصل الحياة" كما يعتقد أتباع الديانة، التي تتركز في مدينة سنجار، غربي نينوى، حيث تعرضت المدينة إلى واحدة من أبشع الجرائم الإرهابية التي ارتكبها مسلحو تنظيم داعش بحق سكانها عام 2014.
ويولي الإيزيديون شجرة الزيتون اهتماماً كبيراً، كما ترتبط هذه الشجرة بطقس ديني سنوي، حيث يجتمع أهالي البلدات لعصر الزيتون على الطريقة القديمة، والتي تبدأ بغسله بعد جنيه بشكل جاف، ثم يُترك لأشهر حتى يتبخر الماء من حباته.
يقطف الزيتون أواخر شهر ديسمبر/ كانون الأوّل، ويُحتفظ به في مخزن قريب من معبد لالش، أكبر وأهم دور العبادة لأتباع الديانة، كما توجد المئات من أشجار الزيتون في محيط المعبد الواقع بين جبلين قرب مدينة دهوك بإقليم كردستان العراق.
في فصل الربيع، يوضع الزيتون في أكياس خاصة تمهيداً لعصره، ويجرى العصر عبر الدوس بالأرجل على الأكياس مع تدفق المياه الحارة، للسماح بخروج الزيت.
ويتطوع للمشاركة في مراسم عصر الزيتون رجال ونساء، لاعتقادهم أنّ المشاركة تبارك الشخص. كما يشارك شيخ الديانة الإيزيدية في هذه المراسيم السنوية، بحضور عدد من رجال الدين وسكان القرى المحيطة بالمعبد، أو من أولئك الذين يقصدونه من مكان بعيد.
بعد الانتهاء من عملية العصر، يجمع الزيت ويغلى ثم يُصفّى من الماء والشوائب تمهيداً لتعبئته بقناني تودع في المعبد.
وتهدف العملية إلى توفير زيت الزيتون لإشعال قناديل معبد لالش، حيث يجرى إشعالها يومياً من العصر وحتى غروب الشمس طيلة فصل الربيع، كما يحصل المحتاجون من العاملين في المعبد على حصّة أيضاً.
وعلى هامش هذه الطقوس، يجلب الآباء والامهات أطفالهم للتبرك وتعلّم الطقوس، كما تجرى طقوس أخرى، أبرزها ختان الذكور.
يقصد معبد لالش الإيزيديون من داخل العراق وخارجه للمشاركة في هذا الطقس، ومنهم خيري قايم، الذي عاد إلى العراق من ألمانيا للمشاركة وزيارة المعبد ورؤية مسقط رأسه. ويقول قايم لـ"العربي الجديد" إنه "سيبقى أياماً إضافية لوجود مناسبات وطقوس مهمة تجب مشاركتها مع العائلة".
وتشير إحصائية غير رسمية إلى أن نصف الإيزيديين باتوا خارج البلاد، خصوصا بعد سيطرة تنظيم داعش على مساحات واسعة كانت منها مدينة سنجار ذات الغالبية الإيزيدية. كما يعيش 150 ألف نازح إيزيدي في مخيمات النازحين العراقيين في محافظة دهوك، شمالي البلاد.
ويقول المسؤول عن معبد لالش، لقمان سليمان، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّهم يرحبون بالضيوف والسياح القادمين لمشاهدة طقوس عصر الزيتون واجتماع الأهل والأقرباء بشعائر سلام ومحبة.
ويشير سليمان إلى أنّ أتباع الديانة منتشرون في كلّ العالم، لكن القسم الأكبر منهم موجود في العراق، وتحديداً في مدينة سنجار.