عجز سيليكون فالي: من يوقف سيل الأخبار الكاذبة؟

13 أكتوبر 2023
من تظاهرة تضامن مع فلسطين في بلجيكا الأربعاء (لايا روس/Getty)
+ الخط -

من حسابات زائفة تنتحل شخصية صحافيين إلى مشاهد من ألعاب فيديو حربية تُنشر على أنها حقيقية، تواجه منصات التواصل الاجتماعي صعوبات لاحتواء موجة من المعلومات المضللة حول النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
رغم أن الأحداث العالمية الكبرى عادة ما تثير طوفاناً من المعلومات المضللة، يقول باحثون إن حجم وسرعة انتشارها عبر الإنترنت في أعقاب عملية طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة لم يسبق له مثيل.
ويرى الخبراء أن هذا النزاع يلقي الضوء على تضاؤل قدرة المنصات البارزة مثل فيسبوك وإكس على مكافحة المعلومات الكاذبة، في مناخ يُهيمن عليه تسريح الموظفين وخفض التكاليف.
وما يفاقم المشكلة، خصوصاً في منصة إكس المملوكة لإيلون ماسك، وجود عدد كبير من الإجراءات المثيرة للجدل مثل إعادة تفعيل حسابات تروج لمؤامرات زائفة، ووضع برنامج لمشاركة عائدات الإعلانات مع صانعي المحتوى يقول خبراء إنه يحفّز البحث عن التفاعل بدلاً من توخي الدقة.
ويخشى الخبراء أن تكون هذه الإجراءات زادت من خطر إحداث المعلومات المضللة أضراراً كمفاقمة الكراهية والعنف، خصوصاً في ظلّ سيناريو أزمة سريعة التطور مثل التطورات في قطاع غزة.
ويقول أندي كارفين من مختبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي التابع للمجلس الأطلسي لوكالة فرانس برس: "تواجه منصات التواصل الاجتماعي صعوبة في مواكبة التدفق المستمر للمعلومات المضللة والتحريض على العنف".
ويضيف: "هذه نزعة متنامية منذ بعض الوقت، وقد ازدادت سوءاً مع تأثير عمليات تسريح موظفين طاولت فرق الأمن والسلامة، ما يعيق قدرتها على التعامل مع هذه الفوضى". ويتابع: "في حالة إكس، حطمت التغييرات التي طرأت على المنصة تماماً ما كان في السابق أحد أعظم نقاط قوتها: مراقبة الأخبار العاجلة ومساعدة المستخدمين على تمييز الحقيقة عن الكذب".

سيل من المخادعين

يقول باحثون في مجال المعلومات المضللة إن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يشاهدون كمية كبيرة من صور القتال الزائفة، ومقاطع فيديو قديمة من سورية أعيد نشرها لتبدو وكأنها مصورة في غزة، ولقطات من ألعاب فيديو يتم تمريرها على أنها مشاهد من عملية طوفان الأقصى.
وانتشرت مثلاً صورة على الإنترنت يُزعم أنها تظهر جنوداً للاحتلال أسرتهم حركة حماس، لكن صحافيي خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس وجدوا أن الصورة التقطت عام 2022 خلال تدريب عسكري في غزة.
كما كشفوا منشورات عدة على منصات "إكس" و"فيسبوك" و"تيك توك" روجت لوثيقة مزيفة للبيت الأبيض بشأن تخصيص 8 مليارات دولار مساعدة عسكرية لإسرائيل.
ويقول المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، أليساندرو أكورسي،ن إن "الكم الهائل من مقاطع الفيديو والصور القديمة المزورة والمزيفة لهجمات يجعل من الصعب فهم ما يجري" في فلسطين.
ويعرب أكورسي عن "قلقه البالغ" من أن المعلومات المضللة، وخصوصا الصور المزيفة للرهائن بما في ذلك الأطفال، يمكن أن تؤجج أعمال العنف.
ويقول الرئيس التنفيذي لمركز مكافحة الكراهية الرقمية، عمران أحمد، لوكالة فرانس برس: "في الأزمات مثل الفظائع الإرهابية والحروب والكوارث الطبيعية، يميل الناس إلى اللجوء إلى منصات التواصل الاجتماعي للحصول على معلومات يمكن الوصول إليها بسرعة".
ويضيف: "(لكن) سيل المخادعين الذين ينشرون الأكاذيب والكراهية بحثاً عن التفاعل والمتابعين، إضافة إلى الخوارزميات التي تنشر هذا المحتوى المتطرف والمثير للقلق، هي السبب في أن وسائل التواصل الاجتماعي في الواقع مكان سيء للحصول على معلومات موثوقة".

"معطوبة"

ما يزيد الطين بلة أن منصات التواصل الاجتماعي تبدو وكأنها تتخلى عن جهودها الرامية إلى إبراز المعلومات الجيّدة.
وتراجع زوار أهم المواقع الإخبارية انطلاقاً من وسائل التواصل الاجتماعي خلال العام الماضي، وفق بيانات نقلتها وسائل إعلام أميركية عن شركة الأبحاث "سيميلارويب".
الأسبوع الماضي، أزالت منصة "إكس" العناوين عن المقالات الإخبارية التي يشاركها المستخدمون، وصارت الروابط تظهر كصور فقط، وهي خطوة يقول الخبراء إنها قد تؤدي إلى تقليل عدد زوار المواقع الإخبارية.
وتعرّض إيلون ماسك نفسه لانتقادات حادة، بعدما شجّع متابعيه على "إكس"، البالغ عددهم نحو 160 مليوناً، على متابعة حسابين "جيّدين" للحصول على أخبار حول الحرب، في حين أنهما معروفان بنشر معلومات مضللة.
وحذف ماسك لاحقًا ذلك المنشور، لكن بعدما حصد ملايين المشاهدات.
ويقول أندي كارفين: "رغم أنه لا يزال هناك عدد لا يحصى من الصحافيين والباحثين الموهوبين الذين يواصلون استخدام إكس لمساعدة الجمهور على فهم أفضل لما يحدث، فإن نسبة المفيد من الضار أصبحت هزيلة". ويضيف أن "فائدتها كأداة موثوقة للبحث وإعداد التقارير صارت معطوبة وقد لا تتعافى أبداً".

تواطؤ الإعلام

من المثير للقلق أن وسائل الإعلام الغربية تلجأ إلى تبني بعض هذه الأخبار الكائبة والترويج لها، بما يتناسب مع حملة التحريض الجنونية على الفلطسينيين في الغرب. حتى شبكة سي أن أن ورغم نفي أكثر من مصدر حقوقي وفلسطيني وإسرائيلي لشائعة قطع المقاومة لرؤوس 40 طفلاً إسرائيلياً، عادت ليلة الأربعاء لنشر الخبر، مع نسبه لمصدر إسرائيلي، في تماهٍ مه التحريض الذي يقوده الرئيس الأميركي جو بايدن ضد قطاع غزة.

(فرانس برس، العربي الجديد)
 

المساهمون