طموحات روسيا الفضائية: مشاريع معلقة منذ رحلة يوري غاغارين

10 ابريل 2021
يوري غاغارين (1934 - 1968) هو أول رائد فضاء في العالم (دوغلاس ميلر/Getty)
+ الخط -

من محطة قمرية إلى استكشاف كوكب الزهرة مروراً بتطوير مركبة فائقة التطور، تجاهر روسيا بطموحات فضائية كبيرة بعد 60 عاماً على رحلة يوري غاغارين إلى الفضاء، لكن الواقع يبدو بعيداً عن تمنيات موسكو.

غيّرت موسكو ثلاث مرات اسم المركبة الروسية الجديدة القابلة لإعادة الاستخدام التي من شأنها الخروج من مدار الأرض والحلول محل صواريخ "سويوز"، منذ إطلاق المشروع سنة 2009. غير أن المركبة لم تقلع إلى الفضاء بأي من أسمائها الثلاثة (فدريشن وأوريول وأورليونوك).

يقول رائد الفضاء الروسي السابق ألكسندر كاليري، وهو قائد مركز الرحلات المسيّرة في شركة "آر كيه كيه" المكلفة المشروع، لوكالة "فرانس برس"، إن "الهدف هو إجراء أول عملية إطلاق من دون طيار في 2023. بدأنا بتجريب مجسمات المركبة".

لكن "هذه المرحلة طويلة جداً"، على ما يقر كاليري من متحف يذكّر بأمجاد الغزو الفضائي السوفياتي مع نماذج محطة "مير" أو مركبة "فوستوك" التي نقلت غاغارين إلى الفضاء الخارجي في 12 إبريل/نيسان عام 1961، ليصبح أول إنسان يدور حول الأرض.

يعزو الخبير فيتالي إيغوروف هذا البطء إلى "صعوبات مرتبطة بالتكنولوجيا والعقوبات الغربية التي تستهدف القطاع الفضائي الروسي ونقص التمويل". ويقول "طالما (سويوز) مستمر في التحليق، لا حاجة قوية لإقامة مركبة جديدة"، في شأن الكبسولة التي تنقل الرواد إلى الفضاء.

لكن منذ عام 2020، فقدت روسيا احتكارها للرحلات إلى محطة الفضاء الدولية، بعدما دخلت إلى المنافسة الصواريخ والمركبات القابلة لإعادة الاستخدام من "سبيس إكس"، الشركة التابعة لإيلون ماسك التي استعانت بها وكالة "ناسا".

ويشكل ذلك أرباحاً فائتة لوكالة الفضاء الروسية (روسكوسموس) التي يعاني مشروعها للصاروخ الثقيل "أنغارا-إيه 5" تأخيراً أيضاً. وتعود الفكرة إلى تسعينيات القرن العشرين، لكنه لم يخرج إلى الفضاء سوى مرتين، في إطار تجارب عامي 2014 و2020.

وفي مثال آخر، بدأت منصة "سَينس" التي طورتها روسيا لمحطة الفضاء الدولية في التسعينيات، لكن سلسلة أعطال حالت دون وضعها في المدار. وتعتزم موسكو حالياً إطلاقها في يوليو/تموز، فيما يأمل ألكسندر كاليري في المقابل إطالة عمر محطة الفضاء الدولية إلى ما بعد عام 2024، لكي يكون هذا المختبر مفيداً.

هذه القائمة من الانتكاسات لا تثبط عزيمة رئيس وكالة الفضاء "روسكوسموس"، دميتري روغوزين، صاحب النبرة القومية المعادية للغرب. وهو يفاخر بقدرات بلاده، لدرجة أنه قال إن وكالة الفضاء الروسية قادرة على جمع عينات من كوكب الزهرة واختراع صاروخ قادر على إجراء مائة رحلة فضائية ذهاباً وإياباً.

علوم وآثار
التحديثات الحية

يقول مسؤول سابق في وكالة الفضاء الروسية، طالباً عدم كشف اسمه، إن "روغوزين يعد فلاديمير بوتين (الرئيس الروسي) بالذهاب إلى القمر والمريخ والزهرة، لكن هذه الوعود كلها محددة لثلاثينيات القرن الحالي، حين لن يكون أي من الرجلين في السلطة".

ويشير المراقبون إلى غياب أي طموح للمشاريع العلمية. ويقول الخبير في شؤون الفضاء، فاديم لوكاتشيفيتش، إن "أولوية الكرملين هي للمشاريع العسكرية، خصوصاً تطوير الصواريخ".

يفاخر فلاديمير بوتين أيضاً في كل المناسبات بصواريخه الخارقة للصوت القادرة على ضرب الأعداء كـ"نيازك".

كذلك قوضت التوترات الروسية ــ الأميركية التعاون الفضائي المستمر منذ عقود بين البلدين. ويواجه رئيس وكالة "روسكوسموس: عقوبات دولية، فيما رفضت موسكو، في فبراير/شباط، إصدار تأشيرة دخول لممثل وكالة "ناسا" إلى روسيا.

وتراجع الروس عن المشاركة في مشروع دولي للمحطة القمرية "غيتواي" بقيادة الولايات المتحدة التي من المقرر إطلاق أولى المركبات إليها في 2024.

في المقابل، أعلنت روسيا والصين عن برنامج منافس في مارس/آذار، من دون أي جدول زمني ولا ميزانية.

في الانتظار، تتضاءل موارد "روسكوسموس" من سنة إلى أخرى. وأُعلن عن آخر اقتطاع في ميزانيتها في أغسطس/آب الماضي، بقيمة 150 مليار روبية، وهي تمثل أكثر من 10 في المائة من الميزانية المرصودة للعقد الممتد بين 2016 و2025، والبالغة 1406 مليارات روبل (18.22 مليار دولار أميركي).

بخلاف الولايات المتحدة، تحاذر "روسكوسموس" الشراكات بين القطاعين العام والخاص، كتلك المعقودة بين "ناسا" و"سبيس إكس"، مبدية الخشية من أن يحصل آخرون على "ميزانيات وعقود دولة"، وفق الخبير فيتالي إيغوروف.

يفاقم الفساد هذه المشكلات، إذ إن اختلاس مبالغ مالية بمليارات الروبل يفسر أيضاً الخسائر والأعطال وحالات التأخير. يقول أيضاً المسؤول السابق في وكالة "روسكوسموس" إنه "لم يبق عملياً أي شركة فضائية لم يقل أو يوقف فيها مسؤولون. القطاع يدار حالياً من وجوه جديدة من دون تدريب على القطاعات الفضائية".

(فرانس برس)

المساهمون