يحرص مراسل قناة رؤيا الأردنية، الصحافي الفلسطيني حافظ أبو صبرة، على تفقّد كافة معدات السلامة أكثر من مرة حين يتوجه لتغطية أي مواجهات أو احتكاكات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهذا الحرص والحذر تضاعف لدى أبو صبرة، كغيره من الصحافيين الفلسطينيين، بعد استشهاد مراسلة قناة الجزيرة، الصحافية شيرين أبو عاقلة، برصاص الاحتلال، في 11 مايو/أيار الحالي.
يقول أبو صبرة لـ "العربي الجديد": "لدينا مخاوف كثيرة بعد استشهاد شيرين أبو عاقلة، خاصة أثناء التغطية في جنين ومخيمها، لأننا لا نعرف كيف يتصرف جيش الاحتلال في أي لحظة، ونحن الآن بين ناري حرصنا على التغطية والحذر من استهدافنا، وأصبحنا نتحرك ضمن مجموعات، ونبتعد قدر الإمكان عن جيش الاحتلال".
أبو صبرة يشير إلى أنّ الصحافي الفلسطيني، ورغم حرصه على التغطية وإكمال مسيرة أبو عاقلة التي خسرتها الصحافة الفلسطينية، فإن لديه عائلته، وأصبح الضغط الاجتماعي والقلق عليه أكبر. وبينما هذا القلق من حق عائلة الصحافي، فإنه يجعله متوتراً خلال تأدية عمله. ويشدد على أن استهداف شيرين أبو عاقلة لم يكن عبثياً، بل من أجل طمس الحقيقة وعرقلة التغطية الصحافية لجرائم الاحتلال ونقلها للعالم.
هذا القلق لدى أبو صبرة يشاركه فيه المصور الصحافي الفلسطيني عصام الريماوي الذي يوضح لـ "العربي الجديد" أنه ذهب لتغطية اقتحام مخيم جنين بعد يومين من استشهاد شيرين أبو عاقلة، لكن هذه المرة كان حذره مضاعفاً. ويؤكد أن الصحافيين كلهم مصرون على مواصلة التغطية، غير أنهم ليسوا مستعدين لخسارة زميل آخر، وأصبحوا يدركون أن شارة الصحافة ولباسها لا يحميهم وأنهم مستهدفون بشكل أكبر ومتعمد.
ويرى الريماوي أنّ استهداف شيرين أبو عاقلة وقتلها فيه رسالة لجميع الصحافيين الفلسطينيين أن لا تقتربوا ولا تنقلوا ما يجري. ويضيف: "كان بإمكانهم إطلاق قنبلة صوت أو غاز مسيل للدموع، لكنهم أطلقوا الرصاص ومن قناص بشكل قاتل ومتعمد، لأجل إرهاب الصحافيين. لكن يجب على الصحافي الفلسطيني أن يكون مصراً على نقل واقع شعبه إلى العالم".
يستذكر الريماوي تغطياته الصحافية برفقة الشهيدة شيرين أبو عاقلة على نقاط التماس في العديد من محافظات الضفة الغربية، ويقول: "كانت شيرين حريصة على سلامة زملائها، وتتفقدهم في الميدان، وتتأكد من ارتدائهم كامل معدات السلامة المهنية".
أصبحت مراسلة شبكة فلسطين بوست الإخبارية، سجى العملي، أكثر حذراً كغيرها من الصحافيين، بعد استشهاد شيرين أبو عاقلة. وتقول: "أصبح الصحافيون الفلسطينيون في الميدان أكثر حذراً، ويأخذون احتياطات الأمان بشكل أكبر". وتضيف العلمي: "كنت لا أرتدي لباس السلامة المهنية بشكل صارم، وأكتفي بجزء منه، حسب نوع التغطية وقوة المواجهات، لكن بعد استشهاد شيرين أصبح لدي، كما زملائي، عدم استهانة بالأمر، من ناحية السلامة المهنية، ونرتدي المعدات بشكل كامل. وفي حال كان هناك اشتباك مسلح، لن أذهب وحدي، بل برفقة زملائي".
اجتماعياً، أصبح القلق مضاعفاً لدى العملي، إذ تقول: "لقد أصبح قلق عائلتي مضاعفاً، ولديهم تخوفات علينا، والاطمئنان علينا أصبح مضاعفاً كذلك. وعلى الرغم من ما جرى، فإن هناك إصراراً على الاستمرارية ونقل ما يجري في فلسطين إلى العالم".
بالنسبة لمراسل ومصور شبكة قدس الإخبارية، معتصم سقف الحيط، فإنّه أصبح أكثر تجنباً للتغطيات الليلية وللمواجهات واقتحامات قوات الاحتلال، إذ إن استهداف صحافية بحجم شيرين أبو عاقلة كان رسالة للصحافيين لتخويفهم. يقول سقف الحيط إنّ "الاستهداف أصبح أكثر وضوحاً، وربما تفقد حياتك كصحافي بقرار من جندي أو ضابط بشكل متعمد، لكننا مستمرون في التغطية، رغم أن الضغوطات علينا، خاصة العائلية، والقلق باتت أكثر، وبعض الصحافيات منعتهن عائلاتهن من الذهاب والتغطية في مناطق الاحتكاك مع قوات الاحتلال. ما يجري معنا يجب أن يجعل صحافيي العالم أكثر اهتماماً بالصحافيين الفلسطينيين، وبتحقيق العدالة لشيرين أبو عاقلة".
يوم تشييع جثمان الشهيدة شيرين أبو عاقلة، هدد مستوطنون الصحافي الفلسطيني رائد الشريف وزملاءه، أثناء تغطيته لفعالية ضد الاستيطان في منطقة مسافر يطا، بإطلاق الرصاص على رؤوسهم، وهو ما وضعه، كما يؤكد لـ "العربي الجديد"، وسط حالة من الخوف الكبير والابتعاد عن التغطية في أماكن تواجد المستوطنين وجيش الاحتلال.
ويقول الشريف: "من الواضح أن هناك اغتيالاً للكلمة والصورة، ونحن في زمن أصبحت وسائل السلامة لا تحمي الصحافي وأصبح مستهدفاً، لكنّ ذلك لن يثنينا عن التغطية. تحاول إسرائيل إقناع العالم بروايتها الكاذبة عن القضية الفلسطينية".
تخوفات الصحافيين، كما يؤكد الشريف، في مكانها، والخوف أساس الوعي والحذر، وسلامة الصحافي مهمة، ويقول: "أنا إنسان لدي عائلة، وبعد استشهاد شيرين أبو عاقلة أصبحت عائلتي أكثر قلقاً عليّ، وتطمئن علي طوال الوقت في أثناء ممارستي لعملي".