شوق البوادي... أغانٍ فلسطينية باللهجة النبطية

22 نوفمبر 2020
توازن تقديم الفن البدوي الأصيل مع تطوير الأداء (العربي الجديد)
+ الخط -

يسعى الفنانان الفلسطينيان عبد الله السعايدة وشقيقه محمود، من مخيم المغازي للاجئين الفلسطينيين، وسط قطاع غزة، إلى تقديم الأغاني واللوحات الفنية باللهجة النبطية التي تعكس بمضمونها الثقافة البدوية الفلسطينية. ويحاول الشقيقان، وإلى جانبهما فريق "شوق البوادي للتراث والدحية"، تصوير حياة البداوة والمعاني المرتبطة بها من عزة وكرامة وشجاعة وكرم، عبر لوحات غنائية حافظت في قوامها العام على المرادفات البدوية، إذْ قُدِمت للجمهور بلون لافت.

ودمج الفنانان الأداء مع مختلف الآلات الموسيقية، بهدف تقديم اللوحات الفنية بطريقة يتوازن فيها تقديم الفن البدوي الأصيل مع تطوير الأداء، ليصبح مواكبًا بالكلمات والألحان والأداء للغة الفن العصرية. وتُركز الأغاني الشعبية التي يقدمها الفريق في مضمونها على المعاني السامية التي يعتز بها أهل البادية والقبائل الفلسطينية، والتي تُمجد تاريخها الحافل وفخرها المتواصل بماضي الآباء والأجداد، والحرص على توريث تلك الصفات للأجيال اللاحقة. وأحيا السعايدة، بمشاركة فريقهما، فن "الشيلة"، وهو فن شعبي من الموروث البدوي والفن الفلكلوري والتراثي، وينتشر في اليمن ودول الخليج العربي ويعتبر أحد أصناف الحداء، والذي يتم فيه التغني بالشعر المُقفى، فيما يختلف عن الغناء والمواويل، باعتباره الأقرب للغة العادية.

ويقول الفنان عبد الله السعايدة، وهو مُغني وبَديع دحية لـ"العربي الجديد"، إن الأغاني التراثية، والتي تتخذ في مجملها الطابع البدوي واللهجة النبطية، وتحمل مبدأ "الطناخة" – أو الزعامة والفخر- تأتي لإحياء الأمجاد التي اندثرت مع مرور السنوات، تأكيدًا على أهميتها وقيمتها العالية. ويشير السعايدة إلى أهمية الفن بمختلف ألوانه الأدائية في إحياء التراث الشعبي الفلسطيني، والحفاظ على الإرث الثقيل، والمنقول أبًا عن جد، كذلك إلى ضرورته البالغة في تخليد المعاني السامية، والتي اكتسبها الأبناء على مر التاريخ.

أما محمود السعايدة، فيشارك شقيقه عبد الله كـ"بَديع دحية"، على ألحان عزف المجوز واليرغول، التي يؤديها عضو الفريق هشام السعايدة، وإلى جانبه محمد أبو زايد عازف الأورغ، ويجد أن فيها فرصة جميلة للتعبير عن أصالة البداوة، كون البدو من الشرائح الأصيلة داخل المجتمع الفلسطيني. ويوافقه شقيقه محمد السعايدة، والذي يختص بالإدارة والحجز والتنسيق للاحتفالات بين الفريق وأصحاب المناسبة. ويبين أن الأعمال الفنية التي يتم تنفيذها تتغنى بالأمجاد والقوة وضرورة الحفاظ على العادات الموروثة، وتحمل كذلك رسالة الحب والسلام والإنسانية ونبذ العنصرية.

تُركز الأغاني الشعبية في مضمونها على المعاني السامية التي يعتز بها أهل البادية والقبائل الفلسطينية

ويبين السعايدة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن شريحة واسعة ما زالت تهتم بالحفاظ على اللون البدوي في احتفالاتها، مُطعمة بالأغاني ذات اللهجة النبطية، ولوحات الدحية والشعر المُغنى، حيث تخصص لها مساحة في المُناسبة، فيما يتجه البعض إلى إتمام كل المُناسبة بهذا اللون التراثي. ويسعى أصحاب هذا اللون الغنائي "القديم الجديد"، إلى الحفاظ عليه، على اعتبار أنه أحد أهم الفنون التراثية والشعبية التي تعكس عبر كلماتها وألحانها حضارة شريحة واسعة، إلى جانب قيمته الفنية العالية، إذ يهتم أصحابه بحمايته من التلاشي.

ونشر الفريق أخيرًا شيلة "الهدف مرصود والرشاش جاهز"، وقد لاقت رواجًا كبيرًا، إذ اعتمدت على الإيقاع الحماسي والمؤثر، فيما تم تقديم عدد من اللوحات الفنية الأخرى، مثل "حانت الغارة" و"رافع خشمه ومتخدر" و"هيبتنا بقبايلنا" و"وصف الخلايق"، إلى جانب أغاني الدحية، وأغاني "الزامل اليمني"، ومنها "انتهى وقت النقاش". ويقدم الفريق كذلك أغاني بلون "الدحية"، ومنها أغنية "إحنا سباع القتال"، والتي يتم فيها التفاخر بالقوة والأصالة، فيما يؤدي الفريق رقصة "الدحية" البدوية، في المناسبات والأفراح والأعياد والاحتفالات الوطنية، وتجمع بين الشعر والأهازيج، ويصطف فيها الرجال صفًا واحدًا، أو صفين متقابلين، ويقف الفنان في المنتصف لتأدية الأغنية وإلقاء الشعر.

ويحرص فريق "شوق البوادي للتراث والدحية" على ارتداء الزي التراثي خلال أداء الحركات المتناسقة مع إلقاء الشِعر المُغنى، ويردد كل صف من الصفين بيت الشِعر المتفق عليه بالتناوب، في ما يعرف باسم "الردادة".

دلالات
المساهمون