شعب المايا: التوائم من الذكور قرابين كي يرضى إله المطر

23 يونيو 2024
قناع "تشاك" إله المطر عند شعب المايا (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في عام 1967، اكتشف باحثون غرفة دفن تحت الأرض في تشيتشن إيتزا بالمكسيك تحوي جثث 100 طفل ذكر، ما يشير إلى طقوس التضحية بالأطفال في حضارة المايا بين القرنين الثامن والعاشر الميلادي.
- دراسة نشرت في مجلة نيتشر تكشف أن تحليل الحمض النووي لـ64 جثة يدحض فكرة أن الإناث فقط كن يُضحى بهن، مع العثور على أطفال بين 3 و6 سنوات وبعضهم لهم صلة قرابة.
- التأريخ بالكربون المشع يكشف أن الأطفال دُفنوا بين 500 و900 ميلادي، مع الإشارة إلى أن غرفة الدفن ليست الموقع الوحيد للقرابين في تشيتشن إيتزا، حيث تعكس النقوش والجداريات تنوع طقوس التضحية.

عام 1967، عثر باحثون على غرفة دفن تحت الأرض في مدينة تشيتشن إيتزا، وهي مدينة كانت مهيمنة على حضارة المايا في ما يعرف الآن بشبه جزيرة يوكاتان في المكسيك. احتوت الغرفة على جثث مائة طفل من الذكور، في دليل على طقوس التضحية بالأطفال في حضارة المايا التي بلغت ذروة هيمنتها على المدينة في الفترة بين عامي 800 و1000 بعد الميلاد تقريباً.

وفقاً للدراسة التي نشرت في 12 يونيو/ حزيران الحالي في مجلة نيتشر، يكشف الحمض النووي المأخوذ من بقايا 64 جثة من هذه الجثث أن الذكور أيضاً كان يُضحّى بهم ويُدفنون، ما يتحدى فكرة سابقة مفادها أن الإناث اللاتي يُضحّى بهن في طقوس الخصوبة يُدفنَّ هناك في هذا الموقع الذي عرف باسم تشولتون.

من 3 إلى 6 سنوات

تراوحت أعمار الأطفال الذكور الذين حُدّدوا في الدراسة بين ثلاث وست سنوات، بناء على نمو أسنانهم. ربطت بين قرابة 25% من هؤلاء الأطفال صلة قرابة، إما أخ أو قريب آخر. كما وجدت التحليلات الكيميائية للمواد المرتبطة بالنظام الغذائي في العظام أن الأولاد ذوي الصلة الوثيقة استهلكوا أنواعاً ونسباً مماثلة من الأطعمة، وهي علامة على أنهم نشأوا ضمن الأسر نفسها. لكن السر الأكثر غرابة هو أنه كانت من بين الأطفال ذوي الصلة مجموعتان من التوائم المتطابقة.

يقول المؤلف الرئيسي للدراسة رودريغو باركيرا، الباحث ما بعد الدكتوراه في الوراثة المناعية في معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في ألمانيا، إن النتائج تقدم أول دليل على تضحيات المايا بالتوائم لأغراض شعائرية غير واضحة حتى الآن.

كما تتوافق النتائج الجديدة مع الاقتراحات السابقة بأن صهريج تشولتون يحتوي أطفالاً ضُحّي بهم لضمان نمو محاصيل الذرة أو لإرضاء تشاك، وهو إله المطر عند شعب المايا.

في تصريح لـ"العربي الجديد"، رجّح باركيرا أن غرفة الدفن تلك كانت بمثابة صهريج تحت الأرض، جرت إعادة استخدامه لتخزين المياه، ويوضح أن سبب اختيار كهنة المايا الأولاد ذوي صلة القرابة هو لتقديمهم قرابين بديلة لشخصيات أسطورية قوية تعرف باسم التوأم البطل، الذين ينتقمون لمقتل والدهما وعمهما على يد آلهة العالم السفلي. لكن رغم الافتراض، لا يعرف سوى القليل عن طقوس المايا القديمة في تشيتشن إيتزا لاستنتاج أن التوائم الذكور الذين ضُحّي بهم كانت لهم أي علاقة بقصة التوأم البطل.

السينوتي المقدّس

يشير التأريخ بالكربون المشع للعظام إلى أن الأولاد دُفنوا في طقوس تعود لما بين عامي 500 و900 بعد الميلاد. ولا يستطيع الفريق أن يحدد على وجه اليقين ما إذا كان المايا القدماء قد وضعوا الجثث هناك واحدة تلو الأخرى على مدى عقود وقرون، أو ما إذا كان الأطفال الذين ضُحّي بهم قد دفنوا في أزواج أو مجموعات أكبر.

يقول باركيرا إن نتائج الحمض النووي في تشيتشن إيتزا تتوافق مع الأدلة التي تشير إلى أن جنس المعبود الذي قدمت له القرابين، على الأقل في بعض المواقع القديمة في المكسيك وأميركا الوسطى، هو الذي يحدّد جنس الأشخاص الذين اختيروا لتقديمهم قرابين، ويوضّح أن طقوس التضحيات اختلفت بطرق عدّة عبر العديد من مواقع المايا القديمة وحتى داخل المواقع نفسها.

تشير الدراسة إلى أن غرفة دفن القرابين في تشيتشن إيتزا لم تكن هي الموقع الوحيد الذي عُثر فيه على جثث قرابين، وإنما عُثر على أكثر من 200 فرد يعتقد أنهم قدموا قرابين في حفرة كبيرة تعرف باسم السينوتي المقدس، وكان من بينهم ذكور وإناث من الأطفال والبالغين. جاء العديد من هؤلاء الأفراد من أماكن بعيدة مثل وسط المكسيك وأميركا الوسطى.

يقول الباحثون إن النقوش والجداريات الموجودة في السينوتي المقدس، إضافةً إلى الأدلة الهيكلية، تشير إلى أن طقوس القرابين شملت قطع الرؤوس وأجزاء أخرى من جسم الضحية لعرضها أمام الحشود.

المساهمون