شذرات من فلسطين... رسومات أمام الجدار

17 مارس 2024
زيارته الأخيرة إلى فلسطين كانت في مايو الماضي (ديفيد سيلفرمان/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- غاليري بي 21 في لندن يعرض الفنون العربية، مركزًا على القضية الفلسطينية، ويدعم مؤسسات الإغاثة في غزة والضفة الغربية، معبرًا عن التزامه بالقضية على المستويين الإنساني والثقافي.
- معرض "شذرات من فلسطين" برعاية الفنان البريطاني تيم ساندرز يعكس تجربته الشخصية في فلسطين، مستخدمًا الرسومات والألوان لإبراز الحياة اليومية والمعاناة تحت الاحتلال.
- تيم ساندرز يستخدم الفن للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، مقدمًا رؤية أعمق لقضيتهم ومتجاوزًا الصور النمطية الإعلامية، مؤمنًا بدور الفن في النضال من أجل مجتمع أكثر عدالة.

بين المساحات الفنية القليلة في أوروبا التي تتيح إطلالة على الفنون العربية، يبرز غاليري بي 21 في العاصمة البريطانية لندن. منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، خصص الغاليري جانباً من أنشطته لتسليط الضوء على التجارب الفنية التي لها علاقة بفلسطين. كما يخصص أيضاً جانباً من عوائد هذه المعارض والأنشطة لدعم مؤسسات الإغاثة العاملة في غزة والضفة الغربية.
من بين العروض المُهمة التي ينظمها الغاليري حالياً، يأتي معرض "شذرات من فلسطين" Fragments of Palestine الذي يجمع بين عدد من الرسومات الأصلية والنسخ المطبوعة لأعمال الفنان ورسام الكاريكاتير البريطاني تيم ساندرز.
يُعد ساندرز من أبرز الفنانين الداعمين للقضية الفلسطينية في بريطانيا، ويأتي المعرض ضمن سلسلة من العروض التي أقامها الفنان تحت نفس العنوان خلال السنوات الخمس الماضية.
الأعمال التي يضمها هذا المعرض كان قد رسمها تيم ساندرز أثناء زيارته الأخيرة إلى فلسطين خلال شهر مايو/أيار الماضي، أي قبل العدوان الإسرائيلي على غزة بأشهر قليلة.
حين ذهب الفنان البريطاني إلى فلسطين أول مرة عام 2016 كان حريصاً على لقاء الناس والاستماع إليهم، ما جعله يدرك قدر المعاناة التي يكابدها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال. منذ هذه اللحظة، قرر ساندرز أن يكون صوتاً لهؤلاء أو كما يقول: "أدركت أن من واجبي أن أخبر العالم عنهم".
يثبت ساندرز بشكل عملي من خلال هذه الأعمال ما يتمتع به الرسم من قدرة على التعبير على نحو قد لا يتوفر في وسائط بصرية أخرى كالفوتوغرافيا مثلاً. يرى الفنان أن الناس قد يرتابون أحياناً من الكاميرا، لكنهم يتقبلون وجود الرسام بينهم، ما يتيح له مجالاً أرحب للحركة والاستماع إليهم. هذا التفاعل المباشر مع الشارع يساعد بلا شك في بناء رؤية مختلفة للأحداث، كما أن الرسومات تحمل غالباً وجهة نظر صاحبها وتعبر عن أفكاره.
حرص الفنان البريطاني في رسومه تلك على إبراز جوانب الحياة اليومية في فلسطين المحتلة، فرسم الأباء وهم يصطحبون أطفالهم إلى المدرسة، كما رسم الأمهات وهن منشغلات في ترتيب بيوتهن. هي صور تبدو طبيعية، غير أن ساندرز يلفت الانتباه إلى أن الحياة في فلسطين لا يمكن اعتبارها طبيعية بأي حال، فالناس هناك يعانون من الاحتلال والتضييق المتواصل. من أجل إبراز المعاناة اليومية للفلسطينيين، يركز جانب من الأعمال على مشاهد الناس وهم يصطفون بالعشرات أمام الجدار العازل انتظاراً للعبور. يصور ساندرز هذا الجدار الممتد وقد حجب الأفق، بينما تستمر الحياة رغم صعوبتها، فالوجود والاستمرار يمكن اعتبارهما تحدياً ومقاومة.
رسم الفنان هذه الأعمال بالأحبار السوداء مباشرة على الورق، ثم أضاف إليها اللون لاحقاً. يقول ساندرز إنه حرص على عرض هذه التجربة لأنه أراد أن يطلع الجمهور على الصورة الحقيقية التي رآها بنفسه في فلسطين، أراد أن يشارك الآخرين هذه الانطباعات التي يحملها عن الشعب الفلسطيني؛ هذا الشعب المُحب للحياة والذي يكابد يومياً من أجل أبسط حقوقه.
يأمل الفنان من خلال هذه الرسوم، كما يقول، أن يسلط الضوء على القضية الفلسطينية والمأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ عقود بعيداً عن الصياغات الإعلامية النمطية التي يفتقر أغلبها إلى المصداقية. يؤمن ساندرز أن الفن ليس بمقدوره تغيير العالم، لكنه يساهم بلا شك في النضال من أجل مجتمع إنساني أكثر عدالة.

درس ساندرز الرسم التوضيحي (Illustration) في جامعة وستمنستر، وبعد تخرجه، عمل رساماً لمجموعة متنوعة من الصحف في بريطانيا وخارجها، ومن بينها إندبندنت وغارديان وأوبزرفر وغيرها. رسم ساندرس أيضاً العديد من كتب الأطفال، كما أن له رواية واحدة مصورة بعنوان "1917 سنة روسيا الحمراء".

المساهمون