سينما الاحتلال: المهرجانات لا ترحّب بالأفلام الإسرائيلية

مريم الحبيب

avata
مريم الحبيب
20 ديسمبر 2024
المهرجانات السينمائية لا ترحّب بالأفلام الإسرائيلية.. ما السبب؟
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه صنّاع الأفلام الإسرائيليون عزلة دولية متزايدة منذ أكتوبر 2023، حيث تراجعت المهرجانات والشركاء الدوليون عن دعم المشاريع الإسرائيلية، مما يهدد استمرارية الدراما الإسرائيلية ويعكس التوترات السياسية المتصاعدة.

- المؤيدون للقضية الفلسطينية في مجال الترفيه يواجهون تبعات اقتصادية، كما حدث مع الممثلة سوزان ساراندون التي فقدت عقدها مع وكالة UTA بسبب تصريحاتها، لكنها أكدت أهمية حرية التعبير.

- تشهد المهرجانات الكبرى تراجعاً في قبول الأفلام الإسرائيلية، مما يثير تساؤلات حول تأثير حركة المقاطعة (BDS) على الصناعة الفنية واحتمال العزلة الثقافية.

مع تواصل حرب الإبادة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، يواجه صنّاع الأفلام والدراما الإسرائيليون عزلة دولية. منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بات مستقبل الإنتاج الفني الإسرائيلي موضع تساؤل، فالمهرجانات السينمائية والشركاء الدوليون بدأوا بالتراجع عن دعم المشاريع الإسرائيلية، ما يشكّل تهديداً لاستمرارية الدراما الإسرائيلية المعروفة عالمياً، مثل "فوضى" و"هوملاند"، وفق ما ذكر موقع "هوليوود يبورتر".

منتجة مسلسل "فوضى"، ليئات بنسولي، أطلقت أخيراً تحذيراً في رسالة إلكترونية وجهتها إلى مجموعة من المنتجين والممثلين الإسرائيليين. بنسولي وصفت الوضع الحالي بكونه أزمة تمويلية كبيرة تقدّر بنحو 20-30% من قيمة الإنتاجات، ما قد يؤدي إلى تعطيل مشاريع مهمة كانت من المفترض أن تنطلق في المستقبل القريب. أكدت بنسولي أن العديد من الشركاء والمستثمرين انسحبوا، في إشارة إلى تغير المشهد الإنتاجي بعد أحداث السابع من أكتوبر.

تعكس أزمة صنّاع الأفلام الإسرائيليين حجم التوتر الذي يعصف بصناعة الترفيه؛ فالإسرائيليون الآن ليس مرحباً بهم في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية، رغم أن غالبية الأعمال المعنية لا تحمل طابعاً سياسياً. في الوقت نفسه، يواجه المؤيدون للقضية الفلسطينية في مجال الترفيه، ممن أعلنوا عن مواقفهم، تبعات اقتصادية قاسية في هوليوود، من خلال استبعادهم من أعمال كثيرة.

الممثلة الأميركية الشهيرة سوزان ساراندون كانت من أبرز ضحايا هذه التداعيات، إذ أنهت وكالة UTA، التي تمثلها منذ سنوات، عقدها معها بعد تصريحاتها المؤيدة للشعب الفلسطيني. في إحدى فعاليات التضامن مع فلسطين، قالت ساراندون إن "اليهود الذين يشعرون بالخوف الآن يمكنهم الحصول على لمحة مما يشعر به المسلمون في الولايات المتحدة". تلك التصريحات أثارت جدلاً وأدت إلى إنهاء تعامل الوكالة معها، لتصبح ساراندون إحدى أشهر الشخصيات التي تواجه عقوبات مهنية بسبب مواقفها السياسية. لكن ساراندون بدورها لم تتراجع، وقالت في تصريحات لمجلة فرايتي إنها تعرضت لخسائر في حياتها المهنية والشخصية بسبب موقفها، لكنها وجدت الدعم من مجتمع مؤيدي العدالة الإنسانية. أكدت أن "أحد التهديدات الكبرى هو سحق حرية التعبير التي تعدّ جوهراً للديمقراطية"، معتبرة أن "ما من أحد حرّ حتى نكون جميعاً أحراراً".

في المقابل، يروي صنّاع الأفلام الإسرائيليون قصصاً مشابهة حول تراجع الدعم الدولي لمشاريعهم، حتى تلك التي لا علاقة لها بالسياسة. على سبيل المثال، شهد مهرجان تورنتو السينمائي لعام 2023 غياباً للإنتاجات الإسرائيلية، فلم يُعرض سوى فيلم "بلس" للمخرج شيمي زارحين، وهو إضافة متأخرة وغير مخطط لها في البرنامج الأصلي. هذا الغياب أثار تساؤلات عديدة حول الأسباب الحقيقية وراء هذا التراجع، وسط اتهامات بأن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) قد تكون السبب الأساسي.

ومهرجان صندانس السينمائي لم يكن استثناءً، إذ إنه رفض عرض فيلم "تعال أقرب" للمخرج الإسرائيلي توم نيشر. ورغم إعجاب الرئيسة التنفيذية السابقة لمهرجان صندانس، جوانا فيسنتي، بالفيلم، إلا أن المبرمجين اختاروا عدم إدراجه في القائمة النهائية بعد نقاشات حادة. الفيلم نفسه رفضه في البداية مهرجان ترايبيكا، قبل أن يُقبل لاحقاً بعد تدخل إدارة المهرجان.

فيلم "تعال أقرب" حقق نجاحاً محلياً في دولة الاحتلال، وفاز بالجائزة الكبرى في مهرجان الأوبير السينمائي، وحصل على جائزة Viewpoints في مهرجان ترايبيكا. رغم هذا النجاح، ما زال الفيلم يواجه حملات انتقاد دولية، إذ طالب ناشطون مؤيدون للشعب الفلسطيني في اليونان بإلغاء عرضه من مهرجان تسالونيكي السينمائي. ورغم عدم سحب الفيلم من البرنامج، إلا أن الاحتجاجات ضد عرضه وصفت الفيلم بأنه محاولة لـ"غسل الفن" تبريراً للاحتلال الإسرائيلي.

أحد كبار صناع القرار في هوليوود والمستشار الداخلي لشركة Ryan Murphy Productions، كريغ إيمانويل، أكد أن المهرجانات السينمائية الكبرى لم تعد تخفي موقفها من قبول الأفلام الإسرائيلية. في حديثه عن مشاركته في مهرجان القدس السينمائي في يوليو/تموز الماضي، أشار إيمانويل إلى أن العديد من المنتجين الإسرائيليين أصبحوا يتلقّون رسائل واضحة من مبرمجي المهرجانات الكبرى مثل صندانس وتورنتو بأنهم يشعرون بالقلق من قبول الأفلام الإسرائيلية خوفاً من ردود الفعل الاحتجاجية. قال إيمانويل إن "هذه التوجهات ليست صحية لصناعتنا أو لمجتمعنا. يجب أن يبقى الفن منصة للحوار والتفاعل الإنساني، بعيداً عن السياسة المباشرة". ويعكس هذا الكلام قلقاً متزايداً في أوساط المنتجين الإسرائيليين، الذين يرون أن العزلة الثقافية قد تؤدّي إلى انهيار العديد من المشاريع الفنية الواعدة.

في الوقت نفسه، تشهد هوليوود انقسامات واضحة حول كيفية التعامل مع القضية الفلسطينية. في حين يرى بعضهم أن دعم دولة الاحتلال أمر ضروري للحفاظ على العلاقات الاقتصادية والسياسية معها، ويعتقد آخرون أن الأصوات المؤيدة للشعب الفلسطيني تتعرض للقمع. على سبيل المثال، كان هناك تقارير عن أن بعض وكلاء هوليوود نصحوا عملاءهم بعدم التعامل مع أي شخص ينشر محتوى ضد إسرائيل. في المقابل، يطالب بعض المنتجين بإقصاء المخرجين الذين يعبرون عن دعمهم للقضية الفلسطينية، كما حدث مع المخرج بوتس رايلي، الذي وصف التقارير الإسرائيلية حول حركة حماس بأنها "دعاية قاتلة".

ذات صلة

الصورة

سياسة

بالتحاقهم بالمسار، يصبح الطلبة "ظلالا" مُكنّاة بـ"أحرف"، بدل أسمائهم التي حملوها منذ ولدوا، ليبدأوا بتعلّم ما يؤهلهم لكي يصبحوا مقاتلين في الأجهزة الأمنية.
الصورة
طفلة فلسطينية من أطفال غزة في دير البلح - 7 أغسطس 2024 (عبد الرحيم الخطيب/ الأناضول)

مجتمع

أعلن مركز الإحصاء الفلسطيني انخفاض عدد سكان قطاع غزة بمقدار 6% مع نهاية عام 2024، بسبب استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع منذ أكثر من 14 شهراً.
الصورة
مياه الأمطار دخلت إلى خيمتها في دير البلح، 31 ديسمبر 2024 (أشرف أبو عمرة/ الأناضول)

مجتمع

تعرضت مئات خيام النازحين الفلسطينيين، الثلاثاء، للغرق والانجراف جراء سيول ناجمة عن أمطار غزيرة سقطت خلال الساعات الماضية على قطاع غزة.
الصورة
الطبيب الفلسطيني حسام أبو صفية في محيط مستشفى كمال عدوان - شمال قطاع غزة - 27 ديسمبر 2024 (إكس)

مجتمع

وسط المجازر الإسرائيلية المتواصلة في شمال قطاع غزة، عُدّ الطبيب حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان رمزاً للصمود في مواجهة الإبادة الجماعية.
المساهمون