سيرة أخرى من التاريخ المصري: المتحف اليوناني الروماني

06 يوليو 2023
تبلغ مساحة المتحف 4500 متر مربع (فرانس برس)
+ الخط -

أعادت وزارة السياحة والآثار المصرية افتتاح المتحف اليوناني الروماني في مدينة الإسكندرية، عقب إتمام أعمال التطوير وتجهيز المنطقة المحيطة، إذ أمسى جاهزاً لاستقبال زواره في نهاية شهر يونيو/ حزيران الماضي، بعد سنوات من الإغلاق قاربت 18 عاماً، للصيانة والترميم.

ويعود تاريخ إنشاء المتحف اليوناني الروماني إلى عام 1891، إذ افتتحه الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1895. وفي عام 1983، تم تسجيله في عِداد الآثار الإسلامية والقبطية في منطقة آثار الإسكندرية.

أشار مدير عام آثار الإسكندرية محمد متولي، في حديث إلى "العربي الجديد"، إلى أن المتحف بعد تطويره، أصبح يتضمن طابقين بدلاً من واحد، وتُعرض لأوّل مرّة قطع من الآثار الغارقة ضمن القاعات المخصصة للعرض، والبالغ عددها 30 قاعة، تضم آلاف القطع التي ترجع للعصور اليونانية والرومانية.

بدوره، أكد رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار، مؤمن عثمان، أنّ تطوير المتحف بدأ بجرد مقتنياته وتوثيقها وترميمها وتغليفها ونقلها إلى مخازن الوزارة، وإعارة بعضها لمتحف آثار مكتبة الإسكندرية ومتحف الإسكندرية القومي لعرضها، وأشار إلى أن المتحف اليوناني الروماني يضم 41 ألف قطعة أثرية بين معروض ومخزون، أهمها أكبر تمثال في العالم يمثل الإمبراطور دقلديانوس مصنوع من مادة البروفير، وهي نوع من الحجر الأحمر النادر، فضلاً عن المئات من القطع القبطية والآلهة اليونانية والأباطرة الرومان وعدد من الميمياوات.

وأضاف أنّ مشروع التطوير في المتحف شمل ترتيبه بشكل أكثر تنظيماً بعد مضاعفة مساحة العرض، وإجراء أعمال دهانات جدران المبنى من الخارج والداخل، وتدعيمها بهيكل حديدي، وترميم واجهة المتحف القديمة الكلاسيكية، فضلاً عن تطوير منظومتي الإضاءة والمراقبة.

يتميز المتحف بسيناريو عرض شيّق لمقتنياته، مصحوباً بأدوات توضيحية قيمة، ومنحوتات تعرض لأول مرة بطريقة مبتكرة حديثة، بعد أن كانت حبيسة المخازن، لتحكي تاريخ المدينة المتوسطية قبل الإسكندر، بداية من وصول اليونانيين إلى مصر.

كما يمثل المتحف معلماً بارزاً من معالم المدينة الساحلية، ويحتوي على عناصر معمارية من بقايا مباني ومقابر الإسكندرية ذات الطابع المصري اليوناني المختلط، إلى جانب مقبرتين مهمتين، إحداهما من العصر البطلمي، إضافة إلى تماثيل الفلاسفة اليونانيين، ومجموعة من البرديات اليونانية القديمة، منها جزء من الإلياذة، وبردية تتحدث عن موقعة إسوس التي انتصر فيها الإسكندر على الفرس.

أمّا الجزء العلوي من المتحف فيشمل الموضوعات والمجموعات التي تعرض لأوّل مرة بهذا الشكل الحديث، مثل مجموعة الرأس الأسود ومجموعة المحمرة والرخامية، وثالوث الإسكندرية الشهير (إيزيس والعجل إبيس وسرابيس) وغيرها من القطع المتميزة.

كما تُعرض في المتحف لوحة نقراطيس، ثم قاعة للإسكندر، وأخرى للفن السكندري مع بناء المدينة الذي ظهر في الفسيفساء والتصوير والموزاييك والنحت، إلى جانب العديد من الأواني الإغريقية الرومانية المستعملة في الحياة اليومية وفي المعابد والمناسبات والأعياد وبداية العصر الروماني في القرن الأول قبل الميلاد إلى القرن السادس الميلادي.

وعن تاريخ إنشاء المتحف الذي تبلغ مساحته 4500 متر مربع، كما يقول إسلام عاصم، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الإسكندرية ونقيب المرشدين السياحيين السابق، إنه ينفرد بين متاحف العالم بأنه من أقدم المباني التي شيدت بهدف أن تكون متحفاً، على عكس مبان أخرى كانت في الأصل قصوراً ملكية، وجرى تحويلها إلى متاحف في ظروف تاريخية معينة.

وأوضح أن إنشاء المتحف جاء بجهود من مجلس بلدية المدينة، الذي يمثل المجتمع الإسكندري آنذاك، بعد العثور على الكثير من الاكتشافات الأثرية واستخراجها، والتي ترجع للعصور اليونانية والرومانية، واقتناء الأثرياء لعدد كبير منها، ما دفع رموز المجتمع لإنشاء متحف يجمعها للحفاظ عليها باعتبارها إرثاً تاريخياً للمدينة.

وأشار عاصم إلى قيام كبار أعيان ورجال مدينة الإسكندرية بإهداء القطع التي يُعثر عليها في أراضيهم إلى المتحف، إضافة إى تقديم الدعم المالي لسداد النفقات اللازمة للمباني والموظفين والحفريات وصيانة القطع المكتشفة، مقابل إطلاق أسمائهم على بعض غرفه وقاعاته، ومنهم أنطونيادس، والأمير عمر طوسون، ومنشا.

كما أوضح أنه لم يضم المتحف الغرف والقاعات المعروفة في الوقت الحالي، لكن ازدياد الاكتشافات دفع الحكومة إلى زيادة عددها، وإدخال تعديلات جوهرية عليها، إذ بدأ بعشر غرف فقط، وفي عام 1896 بنيت قاعتان إضافيتان، وفي 1899 افتتحت 16 قاعة، وفي 1904 افتتحت 22 قاعة جديدة، ومر بمراحل متعددة من التطوير والدمج بين القاعات وافتتاح الجديد منها، ووصلت في عام 1984 إلى 27 قاعةً كبرى، كل واحدة تضم مجموعة من الآثار من العصور المختلفة مع حديقة متحفية متميزة.

المساهمون