أكد وزير في حكومة شرق ليبيا، اليوم الثلاثاء، لوكالة رويترز، أن السلطات طلبت من الصحافيين مغادرة درنة المنكوبة، جراء ما شهدته من سيول وفيضانات، في وقت تشهد فيه المدينة انقطاعاً في شبكة الاتصالات منذ الفجر.
ووفقاً لشهادات متطابقة من مواطنين وصحافيين تحدثوا لـ"العربي الجديد"، فإن أجهزة أمن في المدينة، تابعة لوزارة الداخلية في الحكومة المكلفة من مجلس النواب، طلبت من الصحافيين مغادرة درنة، وأمهلتهم حتى الساعة 12 من ظهر اليوم.
وكانت الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب قد أعلنت، أمس الاثنين، إقالة المجلس البلدي لدرنة بالكامل، وإحالة أعضائه إلى التحقيق، وذلك عقب تظاهرات غاضبة خرجت في المدينة للمطالبة بمحاسبة المسؤولين.
وكان المئات قد احتجوا في مدينة درنة تعبيراً عن غضبهم من السلطات، وطالبوا بمحاسبة المسؤولين بعد أسبوع من مقتل الآلاف من سكان المدينة في سيول وفيضانات أتت على أحياء بأكملها، ومنهم رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح.
وفي وقت لاحق من مساء الاثنين، قال مدير مكتب عميد بلدية درنة، عبد المنعم الغيثي، إن محتجين غاضبين أضرموا النار في منزله.
ويمثل احتجاج الاثنين أول تظاهرة كبيرة منذ وقوع السيول الجارفة والفيضانات التي اجتاحت درنة، إثر انهيار سدين خلال عاصفة قوية. وهتف المحتجون مطالبين برحيل صالح وتحقيق الوحدة الوطنية في بلد ممزق سياسياً، بسبب الصراع والفوضى منذ ما يزيد عن عشر سنوات.
ووفقاً لمصادر محلية من داخل درنة، فقد اعتُقل عدد من المشاركين في تظاهرة الأمس أمام مسجد الصحابة، وجرى التحقيق معهم لساعات، قبل إطلاق سراح بعضهم صباح اليوم.
وبحسب أحد المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن المعتقلين عددهم ستة من أهالي المدينة الذين كانوا أول من دعوا سكان المدينة للتظاهر، مشيراً إلى أن أربعة من بين المعتقلين الستة أطلق سراحهم بعد توقيعهم تعهدات بعدم تنظيم أي نشاط احتجاجي قبل أخذ موافقة السلطات الأمنية في المدينة، فيما ينتظر الإفراج عن البقية.
وقال المصدر نفسه، وهو مسؤول مقرب من بلدية المدينة، إن "غرفة الطوارئ الخاصة في المدينة أنشأت مركزاً إعلامياً يتولى بشكل حصري إذاعة ونشر أخبار الإنقاذ والإغاثات داخل درنة، بتبعية مباشرة لشعبة الإعلام الحربي التابعة لقيادة الجيش (قيادة خليفة حفتر). كما طلبت من المتطوعين ضرورة التسجيل ضمن الفرق والمجموعات التابعة لغرفة الطوارئ"، مشيراً إلى مناقشة الغرفة طلب القادمين من مناطق غرب وجنوب البلاد بالمغادرة إلى مناطقهم، بحجة انتهاء أعمالهم في توصيل المساعدات الإنسانية، وضرورة تنظيم وحصر العمل في فرق خاصة، منخرطة ضمن غرفة الطوارئ في المدينة.
وأرجع المصدر نفسه الذي غادر درنة ظهر اليوم قطع الاتصالات عن المدينة إلى رغبة الحكومة في الحد من نقل الناشطين للوضع وحجم الضرر المتزايد وعجز السلطات عن تطويق الأزمة، وحصر الحصول على الأخبار والمواد المصورة والمرئية من المركز الإعلامي الذي دشن أخيراً.
ولم يتحدد بعد العدد الإجمالي للقتلى، إذ لا يزال الآلاف في عداد المفقودين. وظهر تفاوت كبير في الأعداد التي أعلنها مسؤولون، لكن منظمة الصحة العالمية أكدت مقتل 3922 شخصاً.
وسعى صالح، الأسبوع الماضي، إلى صرف اللوم عن السلطات، ووصف الفيضان بأنه كارثة طبيعية لم يسبق لها مثيل، وقال إنه ينبغي عدم التركيز الآن على ما كان يمكن القيام به.
لكن المتابعين لفتوا الانتباه إلى تحذيرات سابقة، منها ما ورد في بحث أكاديمي نشره العام الماضي متخصص في علوم المياه، أوضح احتمال تعرض المدينة للفيضانات، والحاجة الملحة لصيانة السدود التي تحميها.
وتقع درنة في شرق ليبيا، الواقع تحت سيطرة القائد العسكري خليفة حفتر، والذي تشرف عليه حكومة تشكّلت بالتوازي مع الإدارة المعترف بها دولياً في طرابلس بالغرب.