قال سفير فرنسا في الرباط كريستوف لوكوتورييه، إن التوصية التي تبناها البرلمان الأوروبي حول حرية الصحافة في المغرب "لا تلزم أبداً فرنسا"، بينما تتهم الطبقة السياسية في المملكة باريس بالوقوف وراءها. وقال لوكوتورييه لمجلة "تيل كيل" في عددها الصادر نهاية الأسبوع إن "قرار البرلمان الأوروبي لا يلزم أبداً فرنسا"، مؤكداً: "نحن مسؤولون عن قرارات السلطات الفرنسية، أما البرلمان الأوروبي فبعيد عن سلطتنا والأمر يتعلق بشخصيات منتخبة". وشدد على أن "الحكومة الفرنسية لا يمكن أن تعتبر مسؤولة عن البرلمانيين الأوروبيين".
وأقرّ البرلمان الأوروبي في 19 يناير/ كانون الثاني توصية غير ملزمة، انتقدت تدهور حرية الصحافة في المملكة، مطالبة السلطات "باحترام حرية التعبير وحرية الإعلام"، و"ضمان محاكمات عادلة لصحافيين معتقلين".
وشهدت المملكة في الأعوام الأخيرة اعتقال صحافيين ومعارضين لإدانتهم في قضايا "اعتداءات جنسية" متفرقة، يعتبرها ناشطون حقوقيون "مفبركة"، فيما تؤكد السلطات المغربية أنها قضايا حق عام لا علاقة لها بحرية التعبير.
كذلك أعرب البرلمان الأوروبي في التوصية عن قلقه إزاء "الادعاءات التي تشير إلى أن السلطات المغربية قد تكون رشت برلمانيين أوروبيين".
ولقيت هذه الخطوة إدانة قوية في الرباط، عبّر عنها خصوصاً البرلمان المغربي الذي أعلن عزمه على "إعادة النظر" في علاقاته مع نظيره الأوروبي، مندّداً بـ"تدخّل أجنبي" و"ابتزاز". في المقابل، رحب بها ناشطون حقوقيون في المغرب وخارجه.
وتركزت انتقادات الطبقة السياسية والإعلام المحلي على باريس، في سياق تقارب فرنسي جزائري يثير حفيظة الرباط، وذلك على خلفية توتر إقليمي حادّ بين الجارين المغاربيين حول قضية الصحراء الغربية.
واعتبر رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي لحسن حداد، الأسبوع الماضي، أن "جزءاً من الدولة العميقة الفرنسية" يقف وراء تبني التوصية الأوروبية. وأشار إلى أن رئيس مجموعة "رينيو" (وسط ليبرالي) في البرلمان الأوروبي الفرنسي ستيفان سيجورني "وهو مقرب من الرئاسة الفرنسية (...) لعب دوراً كبيراً جداً، وكان من مهندسي القرار".
وسبق أن نفت وزارة الخارجية الفرنسية وجود أي أزمة مع المغرب، موضحة على لسان المتحدثة باسمها آن كلير لوجاندر أن "البرلمان (الأوروبي) يمارس صلاحياته بشكل مستقل".
من جهته، اعتبر نائب مدير منظمة هيومن رايتس ووتش لشؤون أفريقيا الشمالية والشرق الأوسط إريك غولدستين في تصريح لـ"فرانس برس" أنّ "على فرنسا أن تعرب علناً عن قلقها إزاء تدهور أوضاع حقوق الإنسان في المغرب، وتحديداً بشأن محاكمة الصحافيين، سواء كانت اتهامات تتعلق بحرية التعبير أو بتهم جنائية".
من جانب آخر، أكد السفير الفرنسي نهاية أزمة التأشيرات مع المغرب و"العودة إلى الوضع السابق"، موضحاً أنه أُرسل إلى الرباط "لطيّ الصفحة".
وكانت فرنسا قد قررت في سبتمبر/ أيلول 2021 تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمغرب والجزائر إلى النصف، مبررة ذلك برفض البلدين استعادة مهاجرين غير نظاميين تريد باريس ترحيلهم.
وسبّب ذلك أزمة بين الحليفين التقليديين، قبل أن تعلن وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، في أثناء زيارتها الرباط في ديسمبر/ كانون الأول، نهاية أزمة التأشيرات والعودة إلى تعاون كامل في مجال الهجرة.
منحت فرنسا 142,921 تأشيرة دخول للمغاربة عام 2022، أي أكثر من ضعف العدد الممنوح عام 2021 (69,408 تأشيرات دخول)، بحسب وزارة الداخلية الفرنسية. إلا أن العدد لا يزال أقل بكثير من عام 2019، فقد بلغ حينها 346,032 تأشيرة.
(فرانس برس)