سر في بئر منكاورع.. الاستخفاف متواصل بثالث ملوك عصر بناة الأهرامات

18 فبراير 2024
استياء من طريقة التنقيب في هرم منكاورع (العربي الجديد)
+ الخط -

أثارت خطة لرئيس البعثة الأميركية مارك لينر، العاملة منذ عقود بالتنقيب بمعبد الوادي للملك منكاورع، صاحب الهرم الأصغر بين أهرامات الجيزة، استياء واسعاً بين المختصين، ومحبي الآثار المصرية والمهتمين بحمايتها.

وكشفت مصادر بوزارة السياحة والآثار المصرية عن قيام البعثة بشفط مياه جوفية من بئر بمعبد الوادي، التابع لمجموعة الملك منكاورع، صاحب الهرم الثالث، غير أن سلوك البعثة كاد يسبب كارثة بتدمير المعبد نفسه، بقيام أعضاء البعثة بوضع آلتي الشفط فوق المعبد المبني بالطوب اللبن (الطيني)، واستمر الشفط لمدة يوم كامل، مسبباً اهتزازات يمكن أن تكون قد أحدثت تصدعات بالمعبد العتيق.

وتحدى رئيس البعثة الأميركية، بالتعاون مع مدير عام آثار الهرم، والأمين العام للآثار، وكبير مفتشى آثار الهرم، كل الاعتبارات والأعراف والقواعد العملية المتبعة في عمليات التنقيب، في محاولة لاستكشاف ما بداخل البئر الموجودة في معبد منكاورع، وبدون موافقة اللجنة الدائمة للمجلس الأعلى للآثار.

ولم تقتصر خطورة هذا العمل على عدم فاعليته في إزالة كميات كبيرة من المياه، بل شكل خطراً حقيقياً على سلامة المقابر المدفونة أسفل المنطقة، حيث أظهرت صور حصرية تكون بحيرة داخل المنطقة الأثرية، مما قد يتسبب بتلف الكثير من المقابر الأثرية تحت البحيرة المائية المتكونة من عملية الشفط وفقدان نقوشها وتدميرها بالكامل، في تجاهل من قيادة البعثة الأميركية للأساليب العلمية باستخدام الآلات الثقيلة داخل الموقع الأثري، ما يعد تصرفاً غير مسؤول وإهانة صريحة للحضارة المصرية القديمة وتاريخها العريق، وتدميراً واضحاً للآثار المصرية القديمة.

استياء من طريقة التنقيب في هرم منكاورع (العربي الجديد)
بحيرة نشأت عن تصريف مياه البئر الأثرية (العربي الجديد)

وأثار الحادث تساؤلات حول مسؤولية الأطراف المعنية بالحفاظ على التراث الثقافي لمصر، وقدرتها على تقديم الحماية اللازمة للآثار من التدمير الناتج عن الأعمال غير المسؤولة، خاصة أن تلك الواقعة تأتي ولم تبرد بعد نار أشعلها جدل ما سمي بـ"تبليط الهرم" الثالث، الخاص بالملك منكاورع أيضاً، بعدما اضطرت الوزارة لتشكيل لجنة أقرت أمس الأول في اجتماع عاصف حضره خبراء أجانب، رفض الفكرة، التي ستنسف أثرية المبنى العتيق.

وبحسب مصادر بوزارة السياحة والآثار المصرية، فإن لينر مدعوم من وزير الآثار الأسبق زاهي حواس في الاستكشافات التي جرت طوال عقود، حيث ظل حواس يشغل مدير منطقة آثار الهرم لسنوات طويلة قبل أن يصبح وزيراً، ونال شهرة عالمية واسعة في مجال الآثار، بسبب علاقاته الخارجية، وخصوصاً بالبعثات الأميركية التي نالت نصيباً وافراً من تراخيص الحفر بالأراضي المصرية استكشافاً للآثار، وتحصل على منح ودعم غربي، فضلاً عن نصيب قانوني من الآثار المكتشفة.

استياء من طريقة التنقيب في هرم منكاورع (العربي الجديد)
من عملية تبليط الهرم قبيل وقفه بقرار لجنة علمية (العربي الجديد)

وتضيف المصادر أن فكرة تبليط هرم منكاورع تعد واحدة من بنات أفكار حواس، وجلب لها تمويلاً خارجياً، ودفع بأمين عام المجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري للترويج لها، ودافع عنها في بادئ الأمر في تصريحات صحافية عديدة، بل وهاجم منتقدي المشروع وعلى رأسهم الخبيرة الأثرية مونيكا حنا، ووصفها بـ"طالبة الشهرة" بسلوك "خالف تعرف"، ثم عاد وترأس اللجنة التي انتهت بتقريرها أمس للتوصية بوقف المشروع، حينما شعر بارتفاع موجة الهجوم، واضطر للتخلي عن وزيري.

مطالب بتحقيق عاجل في حادث بئر منكاورع

وطالب خبراء الآثار الجهات المعنية بإجراء تحقيق عاجل في حادث بئر منكاورع وتدمير الآثار المحيطة بمعبد الوادي، مما يعد من أكبر جرائم العصر الحديث في تدمير الآثار، وخاصة أهرامات الجيزة، بحيث يشمل التحقيق كلاً من البعثة الأميركية بقيادة مارك لينر، والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، ومدير الهرم، وكل المسؤولين عن هذه "المهزلة والجريمة الكبرى"، بتعبيرهم، لكشف الأضرار التي لحقت بالمعبد، جراء اهتزاز الماكينات والمياه التي أحاطت به.

 كما طالبت تقارير المختصين التي رفعوها للوزارة، بمحاسبة المتسببين في هذه الأضرار، وعدم الاكتفاء بإعلان البعثة أنها نجحت في شفط المياه من البئر، وتجفيف المنطقة المحيطة بالمعبد، وهو ما كذبه المختصون، لأن المياه لن تنضب من البئر، حتى لو استمرت عمليات الشفط طوال العام، مع اتخاذ خطوات جادة لحماية التراث المصري من أي عبث أو استخفاف، فضلاً عن ضرورة تشديد الرقابة على البعثات الأجنبية العاملة في مصر، ووضع ضوابط صارمة لضمان احترام الإجراءات العلمية والتقنيات المتبعة عالمياً في مجال التنقيب الأثري.

وكان البئر قدر جرى اكتشافها من قبل، وفيها ثلاثة تماثيل للملك منكاورع، ثم أعيد حفرها مجدداً مؤخراً لتظهر مشكلة المياه الجوفية، وتعوق استكمال الحفر، ما دعا البعثة لشفط المياه بالطريقة المثيرة للجدل.

المساهمون