ستورمي دانيالز ضدّ ترامب... محاكمة الجسد الرئاسي

11 مايو 2024
ترامب في أثناء استراحة المحاكمة، التاسع من مايو (آنجيلا ويس/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- محاكمة دونالد ترامب أثارت جدلاً واسعاً بسبب شهادة ستورمي دانيالز حول علاقتها بترامب والأموال المدفوعة لها للصمت، مما أضاف تفاصيل مثيرة للجدل حول استغلال القوة والسيطرة.
- القضية تسلط الضوء على كيفية تعامل وسائل الإعلام والمحكمة مع العلاقات الجنسية للسياسيين، مكشوفةً النظام الذكوري واستغلال القوة للحصول على النساء، مقارنةً بقضايا سابقة مثل كلينتون وكينيدي.
- الاختلاف الرئيسي في قضية ترامب يتمثل في الأدلة والوثائق التي قدمتها دانيالز، مما يجعل إنكار ترامب يبدو كمحاولة لإنقاذ سمعته، وتكشف المحاكمات عن مشكلات النظام الذكوري واستغلال النساء جنسياً.

لم تنل محاكمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الزخم الإعلامي الكافي، لكونها لم تُبَثّ مباشرةً، إذ لا يحضرها سوى الصحافيين، ولا يصلنا منها سوى التقارير الصحافية وصور الكاريكاتير. مع ذلك، ما زالت تثير الجدل، الذي بلغ أوجه مع شهادة ممثلة الأفلام الإباحيّة السابقة، ستورمي دانيالز، التي تتمحور الدعوى حول نقود دفعها لها ترامب كي لا تتحدث عن علاقته معها.
ستورمي دانيالز لم تقدّم وصفاً للعملية الجنسيّة، بل تحدثت عن علاقة القوة والسطوة التي يمارسها ترامب على النساء، التي لم تخلُ من تفاصيل "شنيعة ومشينة"، حسب وصف الصحافيين، لكنها سبق أن أشارت إلى التفاصيل بدقة في الكتاب الذي نشرته عام 2018 بعنوان "بصراحة" (Full Disclosure).

الجنس في المحكمة: ستورمي دانيالز ليست وحيدة

حضور الجنس في المساحة الرئاسية في الولايات المتحدة ليس جديداً، سواء كنا نتحدث عن رؤساء أميركا الأوائل، أو مثلاً جون كينيدي، الشهير بعلاقاته الجنسية. لكن الجنس في المحكمة دائماً يكشف النسق الذكوري التقليدي؛ رجال يستخدمون قوتهم وشهرتهم للحصول على النساء، سواء غوايةً أو إجباراً.
أبرز حوادث الجنس الرئاسي في الولايات المتحدة هي تلك الخاصة بمونيكا لوينسكي، والرئيس السابق بيل كلينتون، المتهم باستغلال سلطته من أجل ممارسة علاقة جنسية مع لوينسكي، التي كادت أن تطيحه من منصب الرئيس، وتحوّل تقرير ستارك المنشور عام 1998، الذي يحقق في الحادثة، إلى ما يشبه سيناريو لفيلم إباحي.
التقرير السابق جرى تناوله في العديد من دراسات البورنوغرافيا، التي تسللت ليس فقط إلى المكتب الرئاسي، بل إلى المحكمة نفسها. وعلى اختلاف سياقات حكاية لوينسكي ودانيالز، فإن الجسد الرئاسي أصبح موضع التحديق البورنوغرافي، بسبب العلنية والوصف الدقيق، الذي سيدخل السجلات الرسمية الرئاسيّة.
الإشكالي والمفارق في هذه الحالات، أن الجسد الرئاسي والممارسة الجنسية تتحول إلى دليل في المحكمة، وما من لغة لوصفها سوى تلك الإباحيّة، المنفية عادة من السياقات الرسميّة، ما يهدد بداية الاقتباس، وإمكانية الاستخدام في وسائل الإعلام، ما يكسبها صيغة مثيرة تشعل وسائل التواصل الاجتماعي ومخيلة محرري الأخبار، لمحاولة وصف ما يدور في المحكمة من دون كسر حاجز الحياء.
توضّح المحاكمة علاقات القوة التي تطبق في سبيل الممارسة الجنسيّة، التي تكشف بدقة مفهوم الاستحقاق لدى الرجال، أي القدرة على الحصول على الجنس بوصفه حقاً لا جدل حوله، ولا يتعلق برغبة المرأة. وهنا بالضبط ما يكشف أثر الظاهرة البورنوغرافيّة، فـ"سهولة" الفعل الجنسي على الشاشة لا تتطابق مع الواقع، لكن في الشهادة الخاصة التي أدلتها ستورمي دانيالز، نرى ترامب يتبع سيناريو إباحياً، إذ تقول إن ترامب استقبلها من جناحه الخاص وهو يرتدي "بيجامة حريريّة تذكر بهيو هفنر" مؤسس بلاي بوي.

في كلتا المحاكمتين، كلينتون وترامب، هناك إنكار للعلاقة الجنسيّة، لكن الاختلاف الآن في ما حصل في محاكمة كلينتون، التي بقيت بعدها لوينسكي، لسنوات محطّ النكات والتشهير، ثم امتلكت صوتها، أن ستورمي دانيالز تمتلك أدلة ووثائق، وإنكار ترامب يبدو مجرد محاولة لإنقاذ سمعته، تلك التي للمفارقة، لا تلوثها الرشوة التي قدمها، بل العلاقة الجنسية نفسها، بغضّ النظر عن أن دانيالز نجمة أفلام إباحية سابقة.

"الدنس" الذي يجب إنكاره

تتحول المرأة دوماً في السياقات السابقة إلى نوع من "الدنس" الذي يجب إنكاره وإنكار المساس به. وهذا بالضبط ما تحاول النسويات دوماً الإشارة إليه في هذا النوع من المحاكمات، إذ تتحول المرأة دوماً إلى عار، أما الرجل، فهناك نوع من "الفخر" بما "أنجزه"، إذ يحاول دوماً أنصار ترامب التقليل مما يحدث بالقول إنها "مجرد مغامرة جنسيّة"، ولا داعي لأن تُمسي حجة من أجل اصطياد ترامب.
تكشف هذه المحاكمات في كلّ مرة عن بنية النظام الذكوري، وطبيعة القوى التي تطبَّق على النساء من أجل استغلالهن جنسياً، والأهم أنها تكشف أن مفهوم "التراضي" في هذه الحالات يصبح أقل وضوحاً، لكون استغلال القوة يلخصه ترامب بـ"حين تكون قوياً وشهيراً، يسمحون لك بفعل ما تريد".

المساهمون