استمع إلى الملخص
- تتطرق الحلقة إلى الآثار الجانبية والثقافة المحيطة بالجسد والصحة في الولايات المتحدة، مع التركيز على إدمان الدواء والانقسامات الاجتماعية المتعلقة بالجسد والرضا عن الذات.
- تكشف عن العلاقة المعقدة بين صناعات الأغذية، الأدوية، والتأمين، محذرة من الأضرار الناتجة عن الإفراط في استخدام أدوية إنقاص الوزن وتسليط الضوء على الاستغلال الصناعي للهوس بالرشاقة.
لم يعد مسلسل الكارتون الساتيري "ساوث بارك" (South Park) يبث على شكل مواسم فقط منذ بداية جائحة كوفيد-19، إذ قدّم أيضاً صيغة الحلقات الخاصة، التي تتمثل بحلقة طويلة كل فترة، تناقش مشكلة ما، وتأخذ أشكال السخرية في كل مرّة إلى أبعاد جديدة. آخر الحلقات الخاصة تحمل عنوان "نهاية البدانة" (The End Of Obesity). ترسم هذه الحقلة، منذ بدايتها، الأفق المتوقع للضحك والانتقاد السياسي، فتناقش أدوية تخفيف الوزن، خصوصاً أوزيمبك (Ozempic)، الذي تحوّل من دواء للسكري، إلى دواء لحرق الدهون، انتشر بين المشاهير والناس العاديين على حد سواء بصورة مريبة.
انتشرت إثر استخدام أوزيمبك ظاهرة تُعرف بـ"وجه أوزيبمك"، والمقصود بهذا المصطلح غياب الدهون من الوجه فجأةً، في حالة مشابهة لـ"كوكايين شيك" (Cocaine Chic)، والمقصود به شكل الجسد الذي ارتبط بعارضات الأزياء اللاتي أدمن الكوكايين.
الحلقة تبدأ باكتشاف هذا "الدواء"، ومحاولات إيريك كارتمان خسارة وزنه، الذي لطالما كان محط النكات لسنوات طويلة، لكنه ليس مصاباً بالسكري، والدواء غال، فلا يمكن له الحصول عليه، والبديل فيديوهات "الرضا عن الذات" و"إيجابية شكل الجسد"، وهذا بالضبط ما تحاول الحلقة انتقاده.
تكشف الحلقة عن إدمان الأمهات على "أوزيمبك". وعوضاً عن الوجه، الاستعراض الآن يتم لعضلات البطن، لينقسم العالم إلى جزأين؛ متعاطي الدواء، ومتعاطي فيديوهات الرضا عن الذات. كلاهما ضحية شرّ أشد من الآخر، والعقل المدبر وراءه هو النظام الطبي في الولايات المتحدة الأميركية. نظام يضيع فيه الفتيان الأربعة من دون جدوى، إلى حد تحولهم إلى كارتيل يصنع الأدوية المنزلية ويبيعها. وتسلط الضوء على اتحاد الصناعات الدوائية والصناعات الغذائية المتمثلة بحبوب الإفطار الغنية بالسكر، لنكتشف أن "البدانة" في الولايات المتحدة ليست وباءً وحسب، بل هناك شركات مسؤولة عن هذه الصناعة ومحاربتها في الوقت نفسه، لتتحول إلى مساحة للاستثمار، لا يجب أن يمسّ بها أي طرف خارجي.
تبين الحلقة أيضاً عن أن الهوس بالرشاقة و"الحياة الصحية" هو صناعة دوماً، وكل محاولات الترويج للصورة الإيجابية عن الذات، ليست إلا غطاء للاستهلاك. بصورة أخرى، الاستهلاك من دون الشعور بالذنب، لنرى أنفسنا في دوامة لا تنتهي، وكأن لا مفر من الرأسمالية.
نتلمس في الحلقة حقيقة أن الجسد، وتحديداً الجسد الأميركي الغارق في الديون والسموم الاستهلاكية والوجبات السريعة، محط استثمارات تتفق معاً من أجل الربح؛ شركات الطعام والأدوية والتأمين والدعاية، بل حتى كارتيلات المخدرات، كلها تعمل بالتوازي من أجل تحفيز الفرد على الشراء. ليس الشراء العادي، بل الإفراط حد إدمان الاستهلاك، ما يوضّح أيضاً عطب النظام الصحي الأميركي، ونظام الأغذية في الولايات المتحدة، حيث يُسمح فيه بالكثير من المواد الممنوعة في أوروبا، خصوصاً أنواع السكر المعالج الذي يسبب الإدمان.
تبشر الحلقة بوباء جديد، كحال وباء الأدوية المهدئة للألم التي غرقت فيها السوق الأميركية بداية الألفية الثانية، وما زالت الشركات إلى الآن تدفع أثمان الترويج لها، وكأن ذات الأمر سيتكرر مع "أوزيمبك" وأدوية إنقاص الوزن، تلك التي يأكل فيها الجسم نفسه، ما يشكّل خطراً قد لا يمكن تجاوزه، أو إصلاح ما سينتج عنه.
لا تخلو الحلقة من المواقف المضحكة والدموية، كونها تشيطن الشركات التي تتلاعب بحياة الأميركيين، ومُستعدة لشن حروب من أجل الحفاظ على الربح، كما أنها تكشف عن الهوس المرضي بصورة الجسد وشكله في الولايات المتحدة، ذاك الذي وصل إلى حدود لا تكفي الأسطر هنا لوصفها، لكن يمكن الإشارة مثلاً إلى المهووسين بالخلود، وأولئك الذين يراقبون سعراتهم الحرارية واحدة واحدة... كل هذا علامته عضلات البطن، التي لم تعد علامة على اللياقة، بل الإفراط في الهوس بالذات.