في إطار محاولة الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مارك زوكربيرغ، طمأنة الموظفين الذين هزهم قرار التسريح الجماعي والتراجع في الأرباح، قال إن منصّتي واتساب وماسينجر ستقودان الموجة التالية من المبيعات، بينما لا يزال الطريق طويلاً أمام عالم ميتافيرس الذي وضع كل رهاناته عليه سابقاً واستثمر فيه أكثر من عشرة مليارات دولار.
الأربعاء الماضي، أعلنت "ميتا"، المالكة لـ"فيسبوك" و"إنستغرام"، أنها ستسرّح أكثر من 11 ألف من الموظفين لديها، في ما اعتبرته "أصعب التغييرات في تاريخها". وقال زوكربيرغ في رسالة إلى موظفي "ميتا" حينها: "أريد أن أتحمل مسؤولية هذه القرارات وكيفية وصولنا إلى هنا. أعلم أن هذا صعب على الجميع، وأنا آسف بشكل خاص لمن تأثر" بهذه القرارات.
قبل هذا القرار "الأصعب"، كشفت "ميتا"، في نهاية أكتوبر/تشرين الأول، أن أرباحها تراجعت بأكثر من 50 في المائة إلى 4.4 مليارات دولار في الربع الثالث من العام، مقارنة بـ9.2 مليارات دولار للفترة نفسها العام الماضي. تواجه شبكة التواصل الاجتماعي العملاقة جموداً على صعيد عدد المستخدمين واقتطاعات في الميزانيات الإعلانية، وأشارت إلى أن عائداتها تراجعت إلى 27.7 مليار دولار من 29 مليار دولار العام الماضي.
وقال زوكربيرغ حينها: "نحن نقترب من العام 2023، وتركيزنا منصب على تحديد الأولويات والفاعلية بما سيساعدنا في المضي قدماً وسط الأجواء (الاقتصادية) الحالية لتعزيز قوة الشركة". وأضاف أن "ميتا" في إطار سعيها "لعصر النفقات سينصب تركيزها على الذكاء الاصطناعي، لا سيّما على صعيد خاصية ريلز لإعداد مقاطع الفيديو القصيرة".
وعقد زوكربيرغ اجتماعاً مع موظفيه أول من أمس الخميس، قال لهم فيه إن "الوقت لا يزال مبكراً" على تطبيقي واتساب وماسينجر لتحقيق الدخل، مقارنة بـ"فيسبوك" و"إنستغرام"، وفق ما نقلته وكالة رويترز. وأضاف: "نتحدث كثيراً عن الفرص طويلة المدى، مثل ميتافيرس. ولكن الحقيقة هي أن عالم الرسائل من المحتمل أن يكون الركيزة الرئيسية التالية لأعمالنا، إذ نعمل على تحقيق الدخل من واتساب وماسينجر بشكل أكبر". تمكّن "ميتا" بعض المستهلكين من التحدث والتعامل مع التجار من خلال تطبيقي ماسينجر وواتساب.
تعكس تعليقات زوكربيرغ تحولاً في النبرة والاتجاه، بعد التركيز بشدة على الاستثمارات في أجهزة وبرامج الواقع الممتد، منذ الإعلان عن طموحه طويل الأجل لبناء عالم ميتافيرس، العام الماضي. وفي تصريحاته للموظفين، قلّل من مقدار ما تنفقه الشركة في "رياليتي لابز" Reality Labs، وهي الوحدة المسؤولة عن استثماراتها في عالم ميتافيرس.
أكد الرئيس التنفيذي لـ"ميتا" أن الإنفاق على الموظفين في الشركة هو الأكبر، يليه الإنفاق الرأسمالي الذي خصص الجزء الأكبر منه لدعم البنية التحتية اللازمة لمجموعة تطبيقات التواصل الاجتماعي التي يملكها. ولفت إلى أن 20 في المائة فقط من ميزانية "ميتا" خصصت للإنفاق في "رياليتي لابز".
على الرغم من التكلفة الباهظة لعملية تطوير مفهوم ميتافيرس الذي يُفترض أن يُحدث ثورة في استخدام الإنترنت، فإن هذا العالم لا يزال مجرد سلسلة من الجزر الافتراضية المهجورة. إلا أن الشركات الأكثر حماسة له لا تزال تراهن عليه. ويُرجِع الشريك في "بوسطن كونسالتينغ غروب"، جويل هازان، سبب عدم الاستخدام الكبير لعالم ميتافيرس إلى "المنتجات السيئة" فيه. أعدّ هازان دراسة في 6 دول غربية، ووجد أنّ 52 في المائة من المستطلعين يدركون مفهوم ميتافيرس، بينما 16 في المائة منهم فقط استخدم أحد هذه العوالم الافتراضية.
وحتى شركة ميتا التي استثمرت أكثر من عشرة مليارات دولار لتطوير منصتها هورايزن وورلدز كان عليها إعادة النظر في طموحاتها في هذا المجال. وكتب نائب رئيس شؤون ميتافيرس لدى "ميتا"، فيشال شاه، في مذكرة وجهها منتصف سبتمبر/أيلول للموظفين ونشرها موقع ذا فيردج، أن "عدداً كبيراً منّا لا يمضي الكثير من الوقت في هورايزن". وتحدث عن تعليقات غير مبالية بهذه المنصة، متسائلاً: "إذا لم نحب المنصة، فكيف نتوقع أن يحبها المستخدمون؟". ومن بين "العوالم" العشرة آلاف التي تحويها المنصة، 9 في المائة فقط يستخدمها شهرياً أكثر من 50 شخصاً، على ما أظهرت وثائق حصلت عليها صحيفة وول ستريت جورنال. وتساءل زوكربيرغ ما إذا كان ممكناً زيادة عدد مستخدمي المنصة عبر مشاركة الأرباح مع صنّاع المحتوى وإضافة أرجل للصور الرمزية (أفاتار). وأوضح جويل هازان أنّ "نجاح هذا الإجراء مرتبط برأي الشركات المطوِّرة بخوذة الرأس كويست، فينبغي أن تعتبرها مذهلة وترغب تالياً في تطوير تطبيقات عليها. إلا أنّ هذه الديناميكية لا تحدث إطلاقاً".