زاك سنايدر... عالم لا يحتاج إلى أبطال خارقين

30 نوفمبر 2021
أخرج سنايدر فيلم "باتمان ضد سوبرمان: فجر العدالة" (مايك كوبولا /Getty)
+ الخط -

يحاول المخرج والمنتج الأميركي، زاك سنايدر، رسم خط سينمائي هجين، من خلال خلق وتطوير أعمال تختلف بطابعها عن جملة أعماله السابقة، ولا سيما تلك التي ارتبطت بعالم دي سي كوميكس، التابعة لشركة وارنر براذرز.
بوادر هذا الخط، انطلقت مع فيلم "باتمان ضد سوبرمان: فجر العدالة" عام 2016. حجر أساس لبناء عالم افتراضي يضاهي بحضوره حضور العالم الافتراضي الناجح، الذي ابتكرته شركة مارفل.
هذه العوالم تتميز بحضور شخصيات السوبر هيرو الخيالية، ضمن عالم واحد تجمع بينها سلسلة أحداث متقاطعة، بعد أن يتم التمهيد لكل شخصية بعمل منفصل. بالطبع، بخلاف وارنر براذرز التي دخلت متأخرة إلى هذا العالم، كانت شخصياته الخيالية تسبح في شرائطها الخاصة من دون فتح ممرات تسمح بتشابك قصصي قبل هذا العمل، عدا كل من فيلمي سوبر مان وبات مان، القصص الأشهر منذ عقود. عرفنا، أيضاً، المرأة الخارقة والرجل المائي وفلاش وسايبورغ من خلاله، ثم كُشِفَ عنها، لاحقًا، بأعمال خاصة تحكي حياتها وصعودها وتطورها، لكن المكاسب التي حققتها لا تقارن بحجم المكاسب الهائلة التي حققتها أفلام مارفل.
كان لـ سنايدر نصيب في إخراج هذا الفيلم وبعض أفلام السلسلة الخاصة بهذا العالم. وأخرى شارك فيها ككاتب سيناريو ومنتج له رؤيته الخاصة في طريقة بناء السلسلة وتطويرها، بالتعاون مع وارنر براذرز. في الآونة الأخيرة، تعاون سنايدر مع شركة نتفليكس، وقدم أول عمل من كتابته وإخراجه بعنوان "جيش الموتى" Army Of The Dead. العمل من بطولة الممثل والمصارع الأميركي ديف بوتيستا. ثيمة الفيلم جاءت تقليدية (أفلام زومبي). إلا أن سنايدر استطاع طرح مقاربة مختلفة لوعي الموتى الأحياء، الذين اعتدنا عليهم كصنف وحشي استهلاكي مسير بفطرة الجوع.


هكذا، نجد إدارةً وتنظيماً وقيادةً في مجتمع خاص بالزومبي وحدهم. إشراك المرأة الزومبي كعنصر قيادي سياسي يفاوض على تصاريح دخول البشر الأصحاء لمنطقتهم. كما أن للزومبي حيوانات خاضعة لقيادتهم. وأضاف لهم خاصية التواصل في ما بينهم، عبر ترددات صوتية تنتشر في الأثير. بالتالي، نشعر بأن هناك خلطة سردية مقتبسة عن أجناس سينمائية أخرى، كأفلام الفضائيين والغزاة. كل ذلك يأتي مع لمسات سنايدر المعتادة في استخدام طريقة العرض بالتصوير البطيء، والاعتماد على المؤثرات البصرية أكثر من الاعتماد على الشخصيات.
أخيراً، أطلقت نتفليكس فيلماً جديداً بعنوان "جيش اللصوص"، شارك فيه سنايدر كتابةً وإنتاجاً. في هذا العمل نرى تحولاً جذرياً في نوعية الأعمال التي يشارك فيها سنايدر عادة. فيلم لصوصية وإثارة بعيد عن أفلام الأبطال الخارقين والشخصيات الخيالية. مسوغات العمل تجارية مثل سابقه. إلا أننا نتعرف على قصة غير محورية، يتم تمريرها كحدث ثانوي ضمن الأحداث الرئيسية، سيظهر تأثيرها لاحقاً كنوع من التهجين بين فيلمين. عملية سرقة لأربع خزائن سرية وتاريخية، يقودها بطل العمل ومخرجه ماتياس شفايغوفر (بدور لودفيغ ديتر). يعثر الفريق الذي يشارك فيه لودفيغ كخبير أقفال على ثلاث خزائن منتشرة في عدة مدن أميركية. خلال أحداث هذه المغامرة، يتم تمرير خبر انتشار ظاهرة آكلي لحوم البشر. تنتهي القصة بهروب البطل، بعد أن قبض على بقية أعضاء الفريق. وتبقى الخزنة الرابعة مخفية في مكان ما في لاس فيغاس.


في المشهد الأخير من الفيلم، يدخل سكوت وارد (ديف بوتيستا) وبرفقته ماريا (الممثلة آنا دي لا ريغيرا) إلى مكان عمل البطل، ويقترحان عليه الانضمام إلى فريقهم. المهمة تقتضي الدخول إلى منطقة الموتى الأحياء المعزولة والمطوقة عسكرياً، لتهريب الأموال الموجودة في خزنة تحت شوارع لاس فيغاس. هذه الخزنة هي آخر الخزائن التي لم يصل إليها لودفيغ ديتر.

سينما ودراما
التحديثات الحية

ومن هنا، استطاع سنايدر ربط الأحداث بين فيلم "جيش اللصوص" و"جيش الموتى"، مع ترك بعض الإشارات الختامية التي توحي بوجود أجزاء أخرى مكملة. وبالتالي، يمكن القول إن تصورات سنايدر في بناء سلسلة عوالم هجينة تبتعد عن أفلام السوبر هيرو، قد تكون ممكنة جداً، لكن يبقى نجاحها مرهوناً بجودتها، وبتكيّف الجمهور مع هذا النوع من الأعمال وتقبله لها.

المساهمون