ينجح الفلسطينيون في رفع الصوت حول ما يتعرضون له من وحشية إسرائيلية، كي تصل الصورة الواضحة لعنف ووحشية الاحتلال الإسرائيلي إلى العالم. لكنّ رقابة الاحتلال، ورقابة شركات مواقع التواصل الاجتماعي تلاحقهم، وتحاول ترهيبهم وإسكاتهم بأكثر من طريقة.
وأمس، تناقل فلسطينيون عبر مواقع التواصل معلومات تفيد بأنّ حسابات وهميّة أنشئت في شهر مايو/أيار الحالي تنتشر عبر "تويتر" وتتكلّم باللغة العربية، وتحاول أيضاً التواصل مع من يغرّدون عن غزة خلال الأيام الأخيرة، محذّرين من التفاعل معها أو الرد على أسئلتهم "المريبة".
كمية حسابات معمولة في مايو ٢٠٢١ عم تحاول تتواصل عالخاص مع الاشخاص يلي عم يكتبوا عن غزة عجيبة.
— Fidaa فِداء (@fidaazaanin) May 13, 2021
ما تحكوا مع اشخاص ما بتعرفوهم اونلاين، ولا تجاوبوا على أسئلة مريبة.
وقبل يومين، نشر فلسطينيون لقطةً (سكرينشوت) لرسالةٍ وصلت إلى هواتف الكثير من الفلسطينيين، موقّعة من "المخابرات الإسرائيلية" وتقول إنّه "تم تشخيص صاحب الرسالة بالمشاركة في أحداث القدس وستتم محاسبتهم". وفيما اعتقد البعض أنّ هذه الرسائل قد تكون من الاستخبارات نفسها، أشار آخرون إلى أنّها قد تكون من جمعيات استيطانية بغرض الترهيب. وطالب محامون وناشطون فلسطينيون باتخاذ الحيطة والحذر، كون تلك الرسائل مرسلة عبر ميزة الـGPS التي تتعرف على الهواتف الموجودة في القدس، لكنها عشوائية تماماً ولا يمكن أن تحدد مشاركة الفلسطينيين في الاحتجاجات من عدمها، كما طالبوا بعدم نشر صور وجوه فلسطينيين مشاركين في الاحتجاجات والمواجهات لما قد يكون له من نتائج مرعبة بحقهم.
مخابرات الاحتلال ترسل رسائل عشوائية على هواتف الكثيرين من أهالي القدس، مفادها.: pic.twitter.com/LJQpP4gum9
— هنادي (@HanadiQH) May 10, 2021
وعبر حسابه على "إنستغرام"، أشار الإعلامي الفلسطيني محمد الكرد من حي الشيخ جراح إلى أنّ "فيسبوك" حظر صفحة "أنقذوا الشيخ جراح"، كما أعلن أنّ حسابه يتعرض لمحاولات اختراق واسعة أدت إلى منعه من الدخول إليه، معتبراً أنّ هناك محاولات متكررة لخرق التحرّك الفلسطيني المتعلق بالحي. من جانبها، أعلنت الإعلامية منى الكرد، شقيقة محمد، أنّ "إنستغرام" حذف مقاطع الفيديو التي نشرتها، وكانت تظهر لحظة اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي على محمد وأخرجته من حي الشيخ جراح، ليل أمس.
والأسبوع الماضي، أزال موقع "تويتر" حسابات لفلسطينيين غرّدوا عن الاحتلال الإسرائيلي، ووصفوا إجراءاته بكونها استعماراً وتطهيراً عرقياً واحتلالاً، كما كتبوا عن حي الشيخ جراح واقتحام الأقصى وناصروا الفلسطينيين في غزة والداخل المحتل. كما حجب "إنستغرام" محتوى وحسابات على وقع الاشتباكات في حي الشيخ جراح وفي المسجد الأقصى في القدس، كما حجب وسم "الأقصى" عنه. وبررت الشركتان إجراءاتهما، بعد تنديد واسع بعملية الإسكات، بـ"خلل تقني"، كما أعيدت حسابات تم حجبها.
وقام تويتر أيضا بتعليق عشرات الحسابات، بينها حساب للصحافية الفلسطينية مريم البرغوثي التي لديها 50 ألف متابع، "في وقت كانت تقوم بتغطية القمع الإسرائيلي للمتظاهرين قرب رام الله" في الضفة الغربية المحتلة. وتمت استعادة حساب البرغوثي عبر تويتر. وقالت الصحافية الفلسطينية هند الخضري التي يتابعها أكثر من 18 ألف حساب على "إنستغرام"، إنها "ما زالت تخضع للرقابة". وأوضحت "خسرت ميزة القصص (ستوري). ولا يمكن رؤية القصص التي شاركتها عبر إنستغرام".
What???? We literally just wrote that our naming it apartheid and settler colonialism what it is shouldnt be more offensive than getting displaced at gunpoint. Wtf @Twitter #Fail #SaveSheikhJarrah #Gaza #Jerusalem https://t.co/IWBSfqE2tr
— Noura Erakat (@4noura) May 11, 2021
وسجلت منصة "صدى سوشال" الفلسطينية التي تعنى بالدفاع عن الحقوق الرقمية للفلسطينيين، أكثر من مئتي "انتهاك" ضد محتوى فلسطيني في الأسبوع الماضي فقط، خصوصاً المحتوى المتعلق بحي الشيخ جراح والمسجد الأقصى.
وأكد متحدث باسم "تويتر" أن "الدفاع واحترام أصوات الأشخاص الذين يقومون باستخدام خدمتنا من قيمنا الأساسية في تويتر". وأضاف "نستخدم مزيجا من التكنولوجيا والمراجعة البشرية لتعزيز قوانين تويتر. لكن في هذه الحالة، قامت أنظمتنا الآلية المبرمجة باتخاذ إجراءات بحق عدد من الحسابات عن طريق الخطأ". وبحسب الموقع، ألغيت إجراءات الحظر ضد الحسابات التي تمّ رصدها "عن طريق الخطأ بعد تصنيفها تلقائيا مع حسابات غير مرغوب فيها".
وألقت شبكة "إنستغرام" باللوم على "خلل تقني أثّر على منشورات وأرشيف ملايين الأشخاص في العالم" وأدى إلى اختفائها. وأكد متحدث باسم شركة "فيسبوك" التي تملك شبكة "إنستغرام" أن وسم #المسجد_الاقصى "تعرض للمنع عن طريق الخطأ"، موضحا أنه "تم رفع" الحظر. وقال المتحدث "نعتذر بصدق عن الأمرين، وأيضا لكل الذين شعروا، بمن فيهم الفلسطينيون، أن قدرتهم على القيام بنقاش مفتوح حول قضايا مهمة تأثرت بأي شكل من الأشكال".
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مديرة السياسات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "أكسس ناو" الدولية التي تدافع عن الحقوق الرقمية، مروة فطافطة، أن مستخدمي الإنترنت الفلسطينيين ما زالوا يبلغون عن تقييد المحتوى. وقالت "مساء الجمعة، خلال الهجوم الإسرائيلي على المصلين في المسجد الأقصى، حظر فيسبوك وسم #المسجد_الأقصى، وتمت عرقلة أو منع خاصية البث المباشر عبر إنستغرام لكثير من المستخدمين".
وبحسب فطافطة، "تميل هذه "الأخطاء التقنية" التعسفية إلى الحدوث في الوقت الملائم أثناء أوقات الذروة، عندما يقوم النشطاء بمشاركة معلومات وتوثيق انتهاكات إسرائيلية بحق المتظاهرين".