في الأول من مارس/ آذار، غصت قاعة مسرح الأخوين رحباني في أنطلياس بالجمهور العريض المتنوع، وقد ضم مجموعة من العاملين في مجالات المسرح والرسم والموسيقى لحضور الاحتفال الذي أقامته الحركة الثقافية في أنطلياس لتكريم الممثل المسرحي رفعت طربيه في إطار فعاليات "المهرجان اللبناني للكتاب" في سنته الـ41.
ورفعت طربيه هو أحد أهم صناع المسرح في لبنان، ويعتبر من الرعيل الثاني لجيل الممثلين اللبنانيين.
شارك رفعت طربيه ممثلا في مسرحيات عدة، أشهرها: "صخرة طانيوس" مع جيرار أفيدسيان، "جبران" مع برج فازليان، كما شارك في كافة أعمال عبد الحليم كركلا الأخيرة.
أما في السينما، فمثل طربيه في العديد الأفلام، مثل: "ع مفرق طريق" (2022)، و"ولا غلطة" (2022)، و"قضية رقم 23" (2017)، و"جبران" (2009)، و"حروب صغيرة" (1982)، كما وقع الكثير من الأعمال الثقافية لصالح تلفزيون لبنان والشبكة الثالثة في التلفزيون الفرنسي.
هذا، وشارك في عدد من المهرجانات المسرحية العربية، وهي: مهرجاني المسرح الأول والثاني في بغداد وفي مهرجان قرطاج بتونس، وليوبيلس في المغرب، وفي المسرح التجريبي في القاهرة.
تجدر الإشارة إلى أن الممثل والكاتب والمخرج المسرحي رفعت طربيه سيعود إلى خشبة المسرح بمسرحية من أعمال الكاتب ريمون جبارة بعنوان "قندلفت يصعد إلى السماء"، المقتبسة عن "احتفال لزنجي مقتول" لأرابال، على "مسرح مونو"، حيث سيقدم المسرحية مع 4 طلاب من معهد الفنون إبتداء من 30 مارس/ آذار وحتى 7 إبريل/ نيسان 2024.
أدار حفل التكريم الدكتور عصام خليفة ووزع محاور الكلام الصحافي والكاتب ميشال معيكي في جو من الودّ والدفء العائلي بالإضافة إلى عمق ثقافي للمداخلات.
وأثرت الحفل مشاركة الشاعر طلال حيدر رغم وعكة صحية ألمت به، حيث ألقى كلمته المكتوبة الكاتب ميشال معيكي.
وكان لحضور الفنان الموسيقي مارسيل خليفة قيمة مضافة، فشاعر العود كما قدمه معيكي ألقى كلمة جميلة في غاية الرقة والشاعرية، ومما جاء فيها: "سألت رفعت عن المسرح فلم يقل إنه رضعه مع الحليب وإنما قال إن نفسه مليئة بالحالات الجميلة، وبإحساس حاد إلى حد البرق وبتوتر روحي لا يعرف أين يلقي به قبل المسرح. مسرحي كل مظاهر حياته تتوقف عند عتبة المسرح، فلا يبقى منه للمسرح إلا العري.
مسرحيٌ طالع من النعاس بحيوية الحلم السارح من النوم، مسرحي يشف، يضيء، يلحّ كالهاجس، لقد وجد رفعت طربيه في المسرح خلاصه وأقام حواراً بينه وبين الوجدان العام: هل من مكان اليوم لرفعت طربيه؟ وماذا يهمنا من المسرح؟ هل من مكان له ليقول الأنا؟ أقول نعم كل المكان لأناك يا صديقي. وفي هذا الزمان الإجرامي تكبر بعمرك، بتمثيلك، وتدخلنا في جحيم خطاياك الفاتنة، مكابراً مغوياً كالعاشقين".
في الختام، أدى الفنان رفعت طربيه مقطعاً مسرحياً لشكسبير فأبدع في تجسيد الدور، شاكراً الحضور والمشرفين على التكريم.
وكتبت الدكتورة نضال الأميوني دكاش على صفحتها على "فيسبوك": "عملاق المسرح اللبناني... في تعابيره يتغلغل صدق الكلمة، فيحضر الزمان والمكان كشاهدين على الحدث والرواية، فتزداد الأسئلة وعلامات التعجب حتى تصل إلى أجوبة في نهاية القصة... استطاع من خلال مخارج الأحرف التي يجيدها أن يشد المشاهد إلى الحالات الإنسانية والسياسية المبطنة في حركة عضلات وجهه وجسمه، كل ذلك أتى من خلال حياته اليومية التي يعيشها دون تكلف أو مزايدة".
اما الشاعر الراحل أنسي الحاج فيقول: "إنه يعيد كتابة القصيدة من جديد حين يسمعها بصوته حتى يكاد ينسى أنه هو من كتبها".
"حقاً يا صديقي طربيه أن المسرح مفتاح الفنون ومقياس حضارة الأمم، هذا الاحتفال وتكريمك أثبت أنك أنت المقياس وأنت الحضارة والحضارة أنثى والثقافة أنثى واللغة أنثى والقصيدة أنثى والشجرة أنثى والثورة أنثى".
في النهاية، تدعوك حفلات التكريم تلك إلى التساؤل عن جدواها وخصوصاً أنها غالباً ما تقام عند مرض أو موت المكرّم، إذ لا بد أن يكون هناك طرق للتكريم أكثر جدوى من الاحتفالات والدروع كدعم الإنتاج المادي لعمل المبدع وفتح سبل الانتشار الواسع أمامه وتأمينه صحياّ وإجتماعياّ وعدم تركه للمجهول كما حدث مع الممثل الراحل فادي إبراهيم.
طبعاً لا يمكن إلقاء اللوم على الجهات المكرمة التي تقوم برد الجميل للفنان الذي أعطى البلد واستفاض في العطاء، وإنما تلك مسؤولية الدولة التي ينبغي أن تولي إهتماماً أكبر للشأن الإبداعي.
حقوق المبدعين تلك، كانت محور كلمة الدكتور عصام خليفة مدير الاحتفال.