"رحلة عيد الميلاد"... مون ولونا بحثاً عن شجرة ضائعة في نيويورك

07 ديسمبر 2024
رحلة لاكتشاف الذات وسط زينة الأعياد التي تعمق الشعور بالوحدة (ديزني بلس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- فيلم "An Almost Christmas Story" هو فيلم أنميشن قصير من إخراج ديفيد لوري، يروي مغامرة عيد الميلاد من خلال قصة بوم صغير وفتاة ضائعة، مستكشفاً مشاعر الحزن والصداقة والحنين.
- تم إنتاج الفيلم بميزانية صغيرة باستخدام تقنيات الرسوم المتحركة الرقمية وStop Motion، مع خلفيات تبدو مرسومة بالفرشاة وإضاءة مسرحية تعزز الطابع الجمالي.
- الموسيقى تلعب دوراً مهماً، حيث استلهمت من أعمال كلاسيكية لتعزيز أجواء الميلاد، مما يخلق شعوراً بالدفء والحنين ويذكر بأن العيد لحظات هادئة من التواصل.

لا نحتاج أكثر من نصف ساعة لعيش مغامرة عيد ميلاد (كريسماس) مع فيلم الأنميشن القصير الجديد An Almost Christmas Story الذي أخرجه وساهم في كتابته ديفيد لوري (David Lowery). يطرح العمل السؤال الذي نطرحه على أنفسنا في الأعياد: ما هو العيد أصلاً؟ وكيف نصل إلى السحر الذي سيجعلنا سعداء فيه؟ غير أنه لم يطرح السعادة مجردة في الأسئلة، لكنها ضمنية.

صدر الفيلم على منصة ديزني بلس (أطلقت عليه بالعربية: رحلة عيد الميلاد) منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قبل ازدحام الأعياد، ليحكي مغامرة تجمع بوماً صغيراً فضولي يُدعى مون بفتاة ضائعة تُدعى لونا. نبدأ مع مون الفضولي الذي يجد غلافاً من السوليفان في الغابة المغطاة بالثلج، ليحلم بالبريق وصناعة عش فضي بعد تحطم عش عائلته. فضول مون يستبب في هجوم صقر، ثم في النهاية ضياعه عند بقائه داخل شجرة أخذها البشر لتكون شجرة ميلاد، ليجد نفسه في مدينة نيويورك المزدحمة، الخالية من الأشجار، إلا أشجار عيد الميلاد. يقابل مون لونا التي تتزلج على الجليد وتسقط، ويبقيان معاً بعض الوقت في وحدتهما وابتعادهما عن عائلتيهما، اختلافهما عن الآخرين ممن حولهما.

لا تحتوي قصة الفيلم على أي منعطفات درامية شديدة، فاعتمدت على ما قد يكون يوماً عادياً لطفلة، ويوماً عادياً لبوم، يشعران بالحزن، واللاانتماء، والصداقة، والحنين إلى العائلة، والحاجة إلى مغامرة صغيرة قد تحدث خلال بضع ساعات فقط بطريقة عادية، تنتهي باللجوء إلى طلب المساعدة من بالغ. المغامرة فقط نفسية وعاطفية. رحلة صغيرة لاكتشاف الذات وسط زينة الأعياد التي تفرض السعادة، وتعمق الشعور بالوحدة، أو الحاجة إلى إثبات النفس.

ما هو عيد الميلاد؟ لا توجد إجابة محددة لهذا السؤال. عيد الميلاد هو ما يحدث خلال عيد الميلاد، ولا يعني بالضرورة العودة إلى العائلة وقضائه في المنزل؛ فنحن لم نر لونا تحتفل في بيتها، بينما عاد مون إلى عائلته، وكان هذا هو عيد الميلاد بالنسبة إليه، وحتى هذا مجرّد احتمال، إذ ربما قصد مون كل ما عاشه خلال هذا اليوم.

بالبساطة نفسها، أُنتج العمل سريعاً بميزانية صغيرة بالنسبة لفيلم رسوم متحركة. لم تُنشر أي معلومات حول ميزانية الفيلم، لكن لوري صرح بأن خياراته الفنية أقل تكلفة مما لو كان فيلم حركة حية (Live Action) أو "ستوب موشن" (Stop Motion). جمع لوري في النهاية بين الخيارين لإنتاج عمل بأسرع وقت ممكن وبروح الـStop Motion. في مقابلة مع موقع ذا والت ديزني كومباني، يقول لوري: "نشأت وأنا أصنع كل شيء من الكرتون. جميع أفلامي التي صنعتها طفلاً كانت مليئة بسفن فضائية وقلاع ودعائم مصنوعة من الكرتون. كنا أنا وأبي نصنع قلاعاً في القبو من صناديق قديمة. حتى إننا احتفظنا بما يُسمى صندوق الصناديق في منزلنا، إذ نضع الكرتون لاستخدامه في الفنون والحرف، لذلك كان ذلك جزءاً جوهرياً من طفولتي، وكان الخيار الجمالي المحدد لهذا الفيلم".

أضفى الخيار الجمالي الذي لجأ لوري إليه في الفيلم بعداً لم يُصرّح عنه، ويمكن للمشاهد قراءته عندما يرى جميع الناس حول الشخصيات الرئيسية مجرد قطع كرتون، مجرد زينة غير مهمة؛ ففي كل هذا الزحام هذه قصة لونا وحدها، ومون وحده، ولونا ومون معاً، وكل شيء آخر ليس سوى زينة من ورقٍ مقوى.

تحدث لوري أيضاً عن تجربته في الانتقال من التصوير الحي إلى الرسوم المتحركة، مشيراً إلى أن المشروع مر بمراحل متعددة، بما في ذلك استخدام الدمى، قبل أن يستقر على الرسوم المتحركة الرقمية. وأكد أن المنتج ألفونسو كوارون كان داعماً لكل هذه التحولات، ساعياً إلى تقديم عمل فريد من نوعه.

الفيلم ليس Stop Motion بالكامل رغم أنه يبدو كذلك، لكن التحريك والخلفيات كانت بتقنيات CG التي تؤمن الوقت والجهد الكبيرين اللذين تتطلبهما صناعة فيلم Stop Motion بتحريك اللقطة حركة تلو أخرى. مع ذلك، حرص لوري وفريقه على تقديم العمل باعتباره فيلمَ Stop Motion متكاملاً، حتى عن طريق الإضاءة المسرحية التي اختارها، إذ تبدو وكأن الضوء مسلط داخل علبة كرتونية، وحرص على أن تبدو الخلفيات المصممة بالكومبيوتر وكأنها مرسومة بالفرشاة.

طبعاً، لإضفاء طابع عيد الميلاد، كان يجب أن تكون الموسيقى مميزة وجوهرية، لذلك كانت شخصية المغني المتجول، الذي جسده جون سي رايلي، ليكون الراوي والمرافق الموسيقي للقصة، استلهم لوري دوره من رواة الأغاني في أفلام كلاسيكية مثل Frosty the Snowman وRudolph the Red-Nosed Reindeer. غناء رايلي مجموعةً من الترانيم وأغاني العيد يخلق شعوراً بالدفء والحنين، بينما يعمل كجوقة يونانية توجه المشاهدين عبر القصة بحسب تصريحات لوري. الموسيقى تحمل نغمات مليئة بالبساطة والميلانكوليا، مستوحاة من أعمال موسيقية مثل A Charlie Brown Christmas، التي يصفها لوري بأنها "موسيقى الكريسماس بامتياز"، لما تحمله من مشاعر مختلطة بين البهجة والشجن. تتكامل الألحان مع تفاصيل السرد البصري لتضفي بعداً تأملياً يذكر المشاهدين بأن العيد ليس مجرد احتفالات صاخبة، بل لحظات هادئة من التواصل مع الذات والآخرين.

قد تكون تجربة ديفيد لوري الفريدة في فيلم An Almost Christmas Story ثورية في عالم الرسوم المتحركة والستوب موشن، فقد اعتدنا رؤية تقنيات CG في الرسوم المتحركة العادية (2D Animation) لتوفير الوقت والجهد والتكاليف، إلا أن ما جاء به لوري هذه المرة إمكانيات جديدة لدمج الحرفي بالتقني بتكاليف بسيطة ووقت مناسب.

المساهمون